استمع إلى الملخص
- التعاون والتنوع في المشاريع: شارك في مشاريع مع فرق أندرغراوند مثل "بيكيا"، وتعاون مع فنانين مثل مريم صالح، حيث استغرق مشروع "الإخفاء" خمس سنوات لاستكشاف الآلات والتجارب الصوتية.
- التحديات والطموح في الإنتاج: ألبوم "ألفنتين" يمثل تحدياً كبيراً للوقا، حيث لحن لفرقة كبيرة دون تعليم أكاديمي، مع التركيز على تقديم تجربة موسيقية حية متميزة.
يخوض المستمع تجربة متمايزة مع كل عمل من أعمال الموسيقي المصري موريس لوقا. التجريب هو السمة الرئيسية لتلك المساحة التي يحتلها لوقا في عالم الموسيقى البديلة. قدم حتى اليوم ألبومات تبرهن على هذا الزعم، منها "جراية" و"بنحيي البغبغان" و"ألفنتين" و"الإخفاء" و"ساعة الحظ"، وكان عضواً في عدد من المشاريع الموسيقية مع فرق أندرغراوند، مثل: "بيكيا" و"أقزام شرق العجوزة" و"الألف". وللتعرف أكثر إلى تجربته، التقته "العربي الجديد" في هذه المقابلة.
كيف جاءت البداية؟
بدأت عزف الغيتار وأنا في عمر الثانية عشرة. وبطبيعة الحال جذبتني الموسيقى الغربية أكثر، موسيقى الستينيات والسبعينيات خصوصاً. انضممت إلى عدة فرق موسيقية، وفي هذا الوقت لم تكن هناك موسيقى عربية بديلة. وبما أنني كنت أبحث عن موسيقى أكثر تجريبية، لم أتوقف كثيراً عند موسيقى البوب، ومن هنا أيضاً جاء اهتمامي بالموسيقى الشعبية.
ما الذي رغبت في قوله؟ ما المعاني التي حرضتك على أول ألبوماتك "جراية"؟
ليس لدي اهتمام نظري في الموسيقى، فلم تكن لدي رغبة في أن أقول شيئاً معيناً أبعد من الموسيقى، أتصور أنها كافية في حد ذاتها، ولم أفكر قَطّ وقتها في إنتاج ألبوم غنائي. المسألة أنه كان لدي أفكار ووقت يحرضانني على الذهاب إلى ما هو أبعد من العزف، فشرعت في العمل. فجأةً، وجدت لدي عدداً من التراكات التي يمكن أن تكون ألبوماً غنائياً.
توصف موسيقاك بالتجريبية، هل معنى ذلك أنها لا تخضع لقواعد معينة؟
بالنسبة إليّ، تعريف التجريب يرتبط بأسلوب العمل، وليس بالوصف الموسيقي؛ فالمشاريع التي كانت أكثر تجريبية، كانت أقرب إلى موسيقى البوب. فمثلاً، مشروع "الإخفاء" مع مريم صالح وتامر أبو غزالة نال التجريب فيه نصيباً كبيراً، مع أن المُنتج النهائي قد يبدو للمستمع أقل تجريبية بالمعنى الشائع. التجريب بالنسبة إليّ ينحصر في تعدد التجارب من دون أن أربط ذلك بالغرابة أو بعدم التزام أي قواعد، لأني لو اعتمدت هذا؛ ففي مرحلة ما سأتوقف عن التجريب، لأن الغرابة أو كسر القواعد سيتحول هو ذاته إلى قاعدة، وستفقد الموسيقى صفة التجريبية، حتى وإن بدا الصوت غريباً، ذلك أن المُنتَج الموسيقي في النهاية سيكون متشابهاً إلى حد كبير، لذلك فالتجريب في تصوري هو الحرية في العمل.
لماذا الموسيقى الشعبية في ألبوم "بنحيي البغبغان" كانت حاضرة أيضاً، وإن كان بصورة، أقل في "جراية"؟
الشعبي من وجهة نظري هو الموسيقى التجريبية الحقيقية لدينا، وإن كنت سابقاً شعرت أنها بعيدة عني، بحكم أنني كنت عازفاً للغيتار. لكن "في جراية" حاولت الاقتراب أكثر من طريق اقتباس ثيمات شعبية من ثم العمل عليها. في "بنحيي البغبغان"، أخذت المشروع خطوة أبعد، فسجلت مع موسيقيين شعبيين في استوديوهاتهم. هكذا، كان التواصل أقوى وشجعني على ذلك تجارب سابقة لموسيقيين آخرين على المسار نفسه، إلى جانب أن فترة إنتاج الألبوم واكبت بداية انتشار المهرجانات، أي بين عامي 2009 و2010، ليستحوذ هذا الصوت الجديد المميز على اهتمامي.
هذا رأي فريد نوعاً ما، لأن كثيراً من الموسيقيين يرفضون هذا اللون، وإنّ من لا يعترض على حضورها لا يستسيغها.
هي أذواق. أعتقد أن بعضهم قد يخيفه كل جديد، لكن بالنسبة إليّ هؤلاء الشباب صنعوا صوتاً جديداً عبر عمل جماعي، وهذا ليس سهلاً. مع ذلك، فهذه الجدة لم تحجز الأصالة الحاضرة في المهرجانات؛ فهي مصرية بدرجة كبيرة، خلافاً للون غنائي ظهر بعدها مثل التراب. لذلك، أرى أن المهرجانات مثلت لدى ظهورها ثراءً موسيقياً.
في ألبوم "بنحيي البغبغان" سجلت مع الموسيقيين أولاً ثم بنيت اللحن. لكن، في "ساعة حظ"، كان العكس، إلى ماذا يرجع أسلوب بناء الموسيقى؟
يعود الأمر إلى رغبتي في العمل مع كل ألبوم بصورة مختلفة "عشان أخلي الموضوع بالنسبة لي مثير". فمثلاً، "جراية" هو ألبوم صولو كامل، أنا عملت فيه وحيداً. فيما جاء "بنحيي البغبغان" مختلفاً، فاستعنت بموسيقيين عند التسجيل لتنفيذ اللحن، واختلف الأمر من جديد مع "ألفنتين"، فقد كنت أذهب إلى الاستوديو باللحن كاملاً لأسجل مع الموسيقيين ولا أخرج من المكان إلا وقد اكتمل العمل. الأمر كله يتوقف على ما يحرضني عليه اهتمامي الموسيقي وقتها.
في ألبوم "الإخفاء"، تعاونت مع مريم صالح وتامر أبو غزالة. كيف تصف تجربة التلحين والتوزيع المشترك؟
منذ البداية وأنا ألحّن وأوزّع مع الفرق التي عملت فيها، وربما كان العمل بمفردي هو الاستثناء، فأنا أحب وأجيد التعاون مع غيري، وإن اختلف التعاون مع كل فرقة عن الأخرى. وبالنسبة إلى "الإخفاء"، تميز بخصوصية متعلقة بكون تسجيله أُنجز على مدى زمني طويل بلغ خمس سنوات، بسبب انشغال كل منا بمشاريع أخرى. هذا هو المشروع الوحيد الذي امتد معي كل تلك المدة الطويلة؛ فعندما بدأنا في عام 2012، كنت مهتماً بالآلات الشعبية، الإيقاع والأورغ. ظهر هذا في "بنحيي البغبغان". وبعدها بثلاث أو أربع سنوات، كنت مهتماً أكثر بالغيتار، ولهذا السبب اتسم المشروع بمساحة كبيرة من التنوع.
في حديث لك ذكرت أن "الإخفاء"، هو ألبوم مخادع. ما الذي قصدته بذلك؟
لأنه يبدو ألبوم بوب، لكن في عمقه فيه الكثير من التجريب. ربما كان غرضي أن أجتذب جمهور البوب إلى عالمي. هذا هو ما أحببته في المشروع، أنه ليس مباشراً، بل مخادع إيجاباً، ذلك كان إحساسي به.
وصفت ألبومك الثالث، "ألفنتين"، بأنه أكثر مشاريعك طموحاً. ماذا تقصد بهذا التوصيف؟
في هذا المشروع لحنت لفرقة كبيرة مكونة من تسعة موسيقيين، وذلك لأول مرة. لم أتلق تعليماً أكاديمياً، لهذا لا أكتب النوتة، إلى جانب أن تكلفة المشروع كانت عالية جداً. كل ذلك مثّل تحدياً أو مجازفة فنية، وأتصور أنني أخذت قراراً جريئاً حين خضت التجربة، وكنت فخوراً لدى صدور الألبوم، بعد نجاحي في إخراجه بالشكل الذي يرضيني. مع ذلك، فقد استشعرت بالمجازفة لدى البدء فيه، لهذا السبب وصفته وقتها بأنه كان الأكثر طموحاً.
من يحضر حفلاتك يلاحظ اختلافاً كبيراً بين "اللايف" والتسجيل. ما تفسيرك؟
أرى أنهما عالمان مختلفان، وربما كان أكبر خطأ وقعت فيه هو محاولتي إحضار صوت الاستوديو إلى المسرح "لأنه مش دايماً بيضبط". أرى أن استمتاع الموسيقي على المسرح أمر مهم، لهذا ليس مطلوباً تقييد أدائي أو حريتي حتى أحصل على صوت الاستوديو. ورغم رؤيتي تلك، لكن أحياناً ما أكون متمسكاً بصوت الاستوديو، لأن الأدوات التي تتوافر في الاستوديو تجعل التراك بالتأكيد أغنى، وإن كان اللحن والإيقاع، كما أتصور، هو ما يمثل روح التراك، وليس الأدوات المتوافرة في الاستوديو. هذا ما لا يجعلني حريصاً على إخراج الصوت بالهيئة نفسها التي يكون عليها في الاستوديو، وأن أمنحه روحاً جديدة.