مهرجان مسكون... أفلام الرعب في بلد "غارق في كابوس"

مهرجان مسكون... أفلام الرعب في بلد "غارق في كابوس"

10 ديسمبر 2022
يبدأ المهرجان بعرض "مثلث الحزن" للسويدي روبن أوستلوند (الملف الصحافي للمهرجان)
+ الخط -

لمهرجان مسكون، الخاص بأفلام الرعب والفنتازيا والخيال العلمي، مكانةٌ مختلفة عن مكانة مهرجانات وأسابيع سينمائية أخرى تقام في بيروت ومدنٍ لبنانية عدّة. اختياره هذا النمط السينمائي، الذي يشهد نموّاً ملحوظاً في الإنتاجات العربية، فضلٌ على تميّزه في بلدٍ يُعاني انهياراتٍ خطرة في المجالات كلّها تقريباً، في مقابل اشتغالات ثقافية وفنية تواجِه الانهيارات بما تملكه من حيوية ورغبةٍ في ابتكار الأفضل والأجمل، رغم إخفاقاتٍ تحصل عادة في أيّ حركة إنتاجية.

في بيان صادر عن إدارة المهرجان، بمناسبة دورته السادسة المُقامة بين 12 و16 ديسمبر/كانون الأول 2022، يُشير منظّموه إلى إصرارهم على تنظيم دورة جديدة، رغم "الكابوس الذي يعيشه لبنان"، ولو "بحجم أصغر، إلى الآن، من نسخ الأعوام السابقة، مع حرصهم على الاحتفاظ بالطابع العربي، بأفلامٍ روائية طويلة، وأخرى تتنافس على جوائز في مسابقة الأفلام القصيرة". يُذكر أنّ الدورة الجديدة هذه تُقام حضورياً في صالة سينما مونتاني (المعهد الفرنسي في بيروت)، بعد اضطرار إدارة المهرجان إلى الاكتفاء بدورة افتراضية بسبب تفشّي وباء كورونا، وبأخرى تالية لها، بصيغتين افتراضية وحضورية معاً، علماً أنّ جمعية بيروت دي سي تُنظّم المهرجان، وتذاكر الدخول مجانية.

في البيان نفسه، تقول مديرة المهرجان، ميريام ساسين، إنّ هذه الدورة تقام "في وقت لا يزال لبنان غارقاً في كابوسٍ لا أفق له، ويعاني وضعاً بالغ الصعوبة"، مُلاحظةً في الوقت نفسه أنّ هناك "جهوداً جماعية مُشجّعة، في الأشهر الأخيرة، لإعادة تنشيط الحركة الثقافية، وبثّ الروح فيها"، ومُبدية ارتياحها إلى "إقبال الجمهور بحماسةٍ وتعطّش على الأنشطة التي تهدف إلى تغذية الروح، وتعزيز الإبداع والتبادل الإيجابي، رغم الوضع الكئيب". وتعتبر ساسين أنّ "كلّ شخصٍ يعمل في المجال الثقافي، اليوم، أشبه بمحاربٍ يكافح ضد القمع واللامبالاة اللذين يُمعنان في القضاء على ما يُميّز لبنان من إبداع وتألّق، وفي تيئيس أبنائه الموهوبين"، وتضيف: "عَملنا بإصرارٍ وتصميم على إقامة الدورة السادسة للمهرجان، رغم ما واجهناه من صعوبات كبيرة، ومع أنّ هذه الدورة هي الصغرى، حتّى الآن، حرصنا على أنْ نُنسقها بحبّ كثير، لنثبت من خلالها عزمنا على مواصلة النضال من أجل الحفاظ على لبنان منارة للثقافة والإبداع".

من جهته، يذكر المدير الفني للمهرجان، أنطوان واكد، أنّ الدورة الجديدة هذه تبدأ بعرض "مثلث الحزن"، للسويدي روبن أوستلوند الفائز بالسعفة الذهبية للدورة الـ75 (10 ـ 21 مايو/أيار 2022) لمهرجان كانّ السينمائي الدولي: "كوميديا سوداء، تُعبّر بسخرية لاذعة عن تناقضات العالم المعاصر الملتوي"، يقول واكد، مشيراً إلى أنّ لهواة الرعب والإثارة 3: Speak No Evil للدنماركي كريستيان تافدرُب، وPiggy للإسبانية كارلوتا بيريدا (عن التنمّر والانتقام)، وDeadstream للأميركيين جوزف وفانيسا وينتر (كوميديا، تتخلّلها مشاهد رعب، عن أحد مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، يزور منزلاً مسكوناً).

بالنسبة إلى واكد، هناك في العالم العربي ما يؤكّد أنّ السينما العربية "تشهد ثورةً، بإقبالها المتزايد على هذا النمط من الأفلام" التي يتخصّص بها مهرجان مسكون، ذاكراً "أشكال" للتونسي يوسف الشابي، المُشارك في النسخة السادسة: قصّة بوليسية، تدور حوادثها على خلفية الثورة التونسية. وللشابي "ميدوسا السوداء"، بالاشتراك مع شقيقه إسماعيل، معروض في النسخة الخامسة من "مسكون". يقول واكد: "هذه المرّة، سيحلّ الشابي ضيفاً على المهرجان، رفقة منتج الفيلم فارس لعجيمي لتقديم (أشكال) في بيروت، والمشاركة في حلقة نقاشية، تتناول تفاصيل صناعة هذا الفيلم".

كما يستضيف المهرجان باسل غندور (مخرج ومنتج وكاتب لبناني أردني)، لتقديم أول فيلم له كمخرج، بعنوان "الحارة" الذي يسلط الضوء على المجتمع الأردني المعاصر، ولإدارة ورشة عمل عن كتابة السيناريو.

إضافةً إلى الأفلام الروائية الـ6 الطويلة، هناك مسابقة مسكون العربية، وفيها 10 أفلام قصيرة، "تُثبت الاهتمام المتزايد للمخرجين الشباب بهذا النوع السينمائي"، وتتميّز بسردٍ مرئي لافت للانتباه، متناولة مواضيع تعكس الوضع الحالي للعالم، من الاضطرابات النفسية إلى المجتمعات البائسة، فيكتشف الجمهور جانباً جديداً للسينما العربية: "حدود" لخليفة آل ثاني (قطر)، و"الظلام يشتدّ" لفراس أبو فخر ودانيال حبيب (لبنان)، و"آخر نهار" لقيس الماجري (تونس)، وLimbo لليا يارد (لبنان)، و"دوام الليل" لعلي فيصل مصطفى (الإمارات العربية المتحدة)، و No Key لوليد مسناوي (المغرب)، وRind لرومي مطر (لبنان)، و"شي مش مزبوط" لأوغو هوشر (لبنان)، و"تشنّج" لمايك مالاجاليان (لبنان)، و"مُرشّحون للانتحار" لحمزة عاطفي (المغرب).

أما لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، فتضمّ كارول عبود (ممثلة لبنانية) والمنتج بسام الأسعد (مدير قسم أيام عمّان لصناع الأفلام، في مهرجان عمّان السينمائي)، وباسل غندور، وتمنح جائزة "مسكون" لأفضل فيلم قصير، على أن يُدرج الفيلم الفائز في مهرجان فانتسبوا في البرازيل، بينما يحصل الفائز بجائزة أفضل فيلم لبناني قصير على فرصة عرض في مهرجان "سينيميد" في مونبيلييه.

إلى عروض الأفلام، و"في إطار حرص المهرجان على إتاحة تبادل المعرفة والخبرات في الوسط السينمائي"، تعقد ندوات وحلقات نقاشية (الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، جامعة البلمند، بيروت) يومي 15 و16 ديسمبر، ستكون مفتوحة أمام الجمهور وطلاّب السينما والسينمائيين والهواة. وتشتمل على لقاءات مع المخرجين الضيوف غندور والشابي ووليد مونس، والمنتجين ميريام ساسين ولارا أبو سعيفان وفارس لعجيمي. هناك ورشة عمل عن صناعة الأفلام المستدامة مع بسام الأسعد، المؤسّس المشارك لـGreener Screen التي تهدف إلى توفير طريقة شفّافة وفاعلة لخفض الانبعاثات التي تُنتجها صناعة الأفلام والأعمال التلفزيونية.

المساهمون