استمع إلى الملخص
- "تمنيات ونجوم" لبيتر كيريكِش: يتميز بحرية الانتقال بين الجغرافيات وتضبيب الحدود بين الوثائقي والتخييلي، مستكشفًا العالم بعيون أرواح حائرة، مع لمسات من تاريخ السينما الإيطالية.
- بانوراما السينما المغربية: تشمل "ألف يوم ويوم: الحاج إدموند" لسيمون بيتون، الذي يقدم بورتريه لإدمون عمران المالح، مستعرضًا حياته وقيمه من خلال مقتطفات وشهادات وصور أرشيفية.
قسم "القارة الـ11"، أحد الأقسام/البرامج الموازية للمسابقة الرئيسية في الدورة الـ21 (29 نوفمبر/تشرين الثاني ـ 7 ديسمبر/كانون الأول 2024) لـ"المهرجان الدولي للفيلم بمرّاكش"، مُختصّ بأفلامٍ تراهن على مقاربات جمالية متطرّفة شكلياً، وتتّسم بالتجريب وأصالة النظرة. فيه، عُرضت أفلامٌ شديدة الجمال، وآسرة بطابعها المجازف، منها: "لغة كونية" لماثيو رانكين، ممثّل كندا في "أوسكار" أفضل فيلم دولي (2025). جوهرة سينمائية خالصة تمزج بين تفرّد مطلق يلامس التحسّس الذاتي شكلاً، وطرح كوني يرمي إلى إلغاء الحدود وعناق الهويات المتعدّدة، في ثلاث قصص عن شخصيات تقاسي الفراغ بمختلف أشكاله، وتدور في فضاء خيالي (من أبدع ما حُقِّق في الاشتغال على هندسة الإنتاج في السنوات الأخيرة) يجمع برودة وينيبيغ بحرارة الثقافة الفارسية. كلّ ذلك على خلفية غمزات مؤثّرة للتراث السينمائي الإيراني.
أمّا "تمنيات ونجوم"، للمجري بيتر كيريكِش، فتميّز بحرية مطلقة في الانتقال بين الجغرافيات وتضبيب الحدود بين الوثائقي والتخييلي، بالحركة الإخراجية نفسها لمخرج مبدع، يجعل من تتبّع الحوار بين زبائن إيطالييين ومنجّمة تقترح عليهم السفر إلى بلدان بعيدة (لبنان، تايلاند، غرولاند) في يوم عيد ميلادهم، لتجاوز معاناتهم النفسية، ذريعةً لاستكشاف صُوَر العالم بعيون أرواح حائرة، وروح كوميدية جذّابة، مع غمزات لا تخطئها العين من تاريخ السينما الإيطالية.
في بانوراما السينما المغربية خمسة أفلام، منها الوثائقي "ألف يوم ويوم: الحاج إدموند" (عرض أول)، الذي تُنجز فيه سيمون بيتون بورتريه رجل استثنائي آخر، بعد المهدي بنبركة ومحمود درويش وعزمي بشارة. رسالة شخصية تقرؤها المخرجة لإدمون عمران المالح، الكاتب والزعيم الشيوعي السابق والمناضل من أجل استقلال المغرب والمنافح عن حقوق الشعب الفلسطيني، تتخلّلها مقتطفات من نصوص وشهادات وصُوَر أرشيفية، تُعدِّد بها المقاربات (بورتريه، وثائقي أرشيفي، وثائقي فوتوغرافي، وثائقي حوارات، الرسالة المصوّرة) للقبض على شخصية تجمع بين متناقضات بساطة العيش وتعقيد النظرة، تماماً كالعناوين التي اختارها لمؤلّفاته.
عملٌ يلمس، بقدرته على استجلاء محطات من مسار عمران المالح، وبمشاهد تستشف الروح نفسها والقيم التي جسدها في حياته: اعتناؤه بالناس البسطاء (مرافقته المنزلية "الكبيرة")، والإنصات إلى نبض الأماكن التي سكنها بكل جوارحه (سفي، باريس، الصويرة، الرباط)، واستجواب فنانين تشكيليين ومفكّرين عرفوه عن قرب، مُشكّلاً فسيفساء إنسانية تدعو إلى إعادة اكتشاف رجل أعطى الكثير، وإعادة قراءة أدبه، والتفكّر فيه على ضوء مآسي الشرق الأوسط اليوم، كما ألمحت بيتون إلى ذلك في كلمة تقديمية مؤثّرة.
عرفت "عروض غالا" حضوراً جماهيرياً مهمّاً واحتفاءً بالأفلام، بلغ أوجه مع عملين ينشدان، كلٌّ بطريقته، التحرّر من قيود قمع الحريات والممارسات الديكتاتورية: "أنا ما زلت هنا" لوالتر ساليس، و"بذرة شجرة التين المقدسة" لمحمد رسولف.
إلى ذلك، تميّز "حوار مع..." بحضور أسماء كبيرة كعادة كلّ دورة، مع ضيوف من الصف الأول: ديفيد كروننبيرغ وشون بن وتيم بورتون وتود هاينز ووالتر ساليس وألفونسو كوارون وكيريل سيريبرينيكوف وجوستين ترييه ومحمد رسولف، إلى لقاء مع أربعة مخرجين مغاربة يخوضون تجربتهم الأولى. شكّلت هذه اللقاءات قلب تصوّر المهرجان، الداعم لتكوين الطلبة وجمهور السينفيليين الشباب، بالاحتكاك مع سينمائيّيهم المفضّلين، وطرح أسئلة عليهم عن مقارباتهم للمشاريع، وطرق اشتغالهم، لبلورتها في الواقع.