استمع إلى الملخص
- يُبرز المعرض أهمية الملصق في تدويل القضية الفلسطينية، ويشمل ورشة لإنتاج ملصقات جديدة تُركز على الحرب في غزة، مما يُعيد إحياء أدوات النضال الفلسطيني.
- يُساهم المعرض في دعم أطفال غزة من خلال بيع الملصقات، ويُعرض في مواقع دولية، مما يُظهر تنوعاً فنياً يُعزز دور الملصق كأداة تعبير اجتماعي وسياسي.
شكل الملصق في السياق الفلسطيني أداةً مهمةً في رفض الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في الانتفاضة الأولى، إذ مثّل وسيلة التعبير الأبرز عن طموح الشعب الفلسطيني وفصائله، فقد كان يعلّق على الجدران ليلاً، واعتقل بسبب هذه الممارسة مئات الفلسطينيين، كما تقول سارة نبعة، منسقة المشاريع في مركز خليل السكاكيني في رام الله وسط الضفة الغربية، التي تشرف على معرض "ملصقات من أجل غزة"، بمشاركة 26 فناناً فلسطينياً.
توضح نبعة، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن المعرض (يتواصل حتى الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2024) يمثل عودة إلى أدوات التاريخ، التي يمكن إعادة إحيائها حتى لو تغيّرت المعطيات الثقافية والسياسية والتكنولوجية، فاليوم يمكن للملصق أن يحتل حيزاً في الممارسة السياسية للفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما كان خلال سنوات الانتفاضة الأولى (1987 - 1994) يعلّق على الجدران. وبما أن القضية الفلسطينية لم تُحلّ بعد، يمكن استعادة الدور السياسي للملصق مع تغيرات سياقات النشر.
رسالة من غزة للعالم
تشير نبعة إلى أن اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع دولة الاحتلال عام 1993، قوّض بعض أدوات المقاومة الشعبية، بما في ذلك الملصق الذي كانت تصرف ميزانيته من أموال المنظمة خلال الانتفاضة، وكان هذا أحد أهم الأسباب لتراجع حضوره في النضال الفلسطيني. هكذا، يحاول المعرض أن يخلق شبكة شعبية توظف طاقتها في هذا المجال بعيداً عن المركزية التنظيمية.
ترى الفنانة فيرا تماري، إحدى المشاركات في المعرض، أن غياب جمعية الفنانين التشكيليين الفلسطينيين (جمعية مستقلة غير ربحية)، ساهم في غياب الملصق بوصفه أداة نشطة في التعبير عن ضرورة المقاومة وتحدّياً للاحتلال، فقد لعب الملصق دوراً في التذكير بالمناسبات الوطنية المرتبطة بالذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، مثل يوم الأرض، وكذلك في إحياء المناسبات العالمية ذات الطابع الاجتماعي، كيومي المرأة والعمال، واستعادة دوره يعني استعادة جزء من ذاكرة الشعب الفلسطيني ويومياته.
توضح تماري في حديث إلى "العربي الجديد" أن الملصق استطاع أن يكون لغة فنية دوّلت القضية الفلسطينية، ففي الماضي كانت أميركا اللاتينية ساحة للمعارض الخاصة بالملصقات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، يكسر فيها الملصق حاجز اللغة، وهذا كاف - من وجهة نظرها - للمشاركة في معرض "ملصقات من أجل غزة"، رغم ابتعادها عن هذا المجال وانخراطها في فن الخزف منذ سنوات.
تضيف تماري أن الفنانين المشاركين في المعرض قرّروا بعث رسالة إلى العالم بضرورة وقف جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وعن ملصقها، تقول إنه تجريدي لا وجود لأشخاص فيه، وإنما أشكال وألوان تعبر عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون، وجزء آخر يعكس الأمل بالمستقبل.
ورشة بعشرين فناناً
بدورها، تقول سارة نبعة إن المعرض انبثق عنه ورشة لإنتاج الملصقات يشارك فيها 20 فناناً؛ هدفها استكشاف الأبعاد التقنية والفكرية لإنتاج الملصق أداةَ تعبير، وذلك من خلال تقديم إطار نظري للملصق في السياق الفلسطيني، ومراجعة الملصقات التي يحتوي عليها الأرشيف الفلسطيني داخل المتحف الفلسطيني في بلدة بيرزيت شمال مدينة رام الله، وينفذ الورشة الفنانان عامر شوملي وبشار خلف، وستنتهي بإنتاج 20 ملصقاً جديداً.
الملصقات الجديدة التي ستنتجها الورشة المنبثقة عن المعرض، ستركز على حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عام، وقد شكلت هذه الحرب حافزاً مهماً إلى استعارة معظم أدوات النضال الفلسطيني، توضح نبعة، خاصة أن أربعة من المشاركين هم فنانون غزّيون وعائلاتهم موجودة في القطاع، وهذا يمنحهم فرصة تمثيل الواقع المأساوي والمجازر التي يرتكبها الاحتلال من خلال الفن.
وستُنشر الملصقات الجديدة على الجدران والأماكن العامة، كما كان عليه الحال في الانتفاضة الأولى (1987 - 1994) وهو ما يعني ليس فقط استعادة دور الملصق، وإنما أيضاً استعارة دور المكان في الذاكرة النضالية الفلسطينية، وهذه العودة إلى الماضي تهدف إلى تنشيط ذاكرة الفلسطيني تجاه مشروعه السياسي.
دور اجتماعي
تؤكد نبعة أن الملصقات التي تباع في المعرض يذهب ريعها إلى أطفال غزة، وهو دور اجتماعي آخر للفن في السياق الفلسطيني. وتلفت إلى أنه عُرضت الملصقات الموجودة في المعرض في واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية (غاليري SZ)، ودبي في الإمارات، لكنّ عرضه الأول في فلسطين بدأ في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني، في غاليري زاوية.
يشارك في المعرض الفنانون: أسد عزي، وبشار الحروب، وبشار خلف، وبشير مخول، وتيسير بركات، وجعفر دجاني، وحنين نزال، وحازم حرب، وحسّان مناصرة، وحسني رضوان، وخالد الهبر، وديالا مشتهى، ورنا سمارة، ورضا اليساري، وساهر نصار، وسليمان منصور، وعصام الحاج إبراهيم، وعود أبو النصر، وفؤاد اليماني، وفيرا تماري، ومهدي براغيثي، ومجدولين نصر الله، ومحمد جحا، ونبيل عناني، ووديع خالد، ويزن أبو سلامة.
وتتنوّع الأعمال المعروضة، سواء في حجمها أو في الأسلوب والوسائط المُستخدمة، إذ استعملت مجموعة متنوّعة من الموادّ بما في ذلك الأكريليك والأحبار والفحم والكولاج والوسائط المختلطة على الورق، بينما استخدم بعض الفنّانين تقنيات تصميم رقمية مُختلفة.