معرض في باريس حول آثار قطاع غزة في ظل الإبادة

02 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 16:00 (توقيت القدس)
جانب من آثار غزة في معهد العالم العربي في باريس، 31 مارس 2025 (جوليان دو روزا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستضيف معهد العالم العربي في باريس معرض "كنوز منقذة من غزة"، مسلطًا الضوء على التراث الأثري الغني لقطاع غزة، ويضم أكثر من مئة قطعة أثرية، منها وعاء عمره أربعة آلاف عام وفسيفساء من القرن السادس، مما يبرز أهمية غزة كمفترق طرق تاريخي للتجارة بين آسيا وأفريقيا.

- استعان المعهد بقطع أثرية مخزنة في جنيف منذ عام 2006 بسبب الوضع الأمني في غزة، حيث بدأت إعادة اكتشاف التراث بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، مما يعكس تنوع الحضارات التي مرت على غزة.

- تعاني غزة من صعوبات في الحفاظ على تراثها الأثري بسبب الحصار والدمار، حيث توقفت أعمال التنقيب منذ عام 2007، مما يهدد بفقدان هذا التراث الثمين.

يستضيف معهد العالم العربي في باريس معرضاً حول آثار غزة الفلسطينية، التي كانت منذ العصور القديمة مفترق طرق استراتيجياً للتجارة بين آسيا وأفريقيا، والتي تعرّض تراثها للتدمير بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويكشف معرض "كنوز منقذة من غزة: 5000 عام من التاريخ" الذي يُفتتح الجمعة المقبل، من خلال أكثر من مئة قطعة، جانباً من هذا التراث المجهول للكثيرين، كما يسلط الضوء على الدمار الذي ألحقه به العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ قرابة 17 شهراً. ومن بين القطع المعروضة وعاء عمره أربعة آلاف عام، وفسيفساء من القرن السادس كانت تزيّن كنيسة بيزنطية، وتمثال أفروديت مستوحى من الحضارة الهلنستية.

ويستحيل في الوقت الحالي إجراء جرد دقيق للآثار التي طاولتها الحرب، لكنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) رصدت استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية "أضراراً" لحقت بـ94 موقعاً أثرياً في القطاع، من بينها قصر الباشا الذي بني في القرن الثالث عشر.

وأسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية عن استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني في القطاع، أغلبهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. وقالت أمينة المعرض، إيلودي بوفّار، إن "الأولوية بالطبع هي للبشر، لا للتراث (...) لكننا أردنا أيضاً أن نظهر أن غزة كانت، طوال آلاف السنين، نهاية طريق القوافل، ومدينة مرفئية تسكّ عملتها الخاصة، نَمَت لوقوعها عند نقطة التقاء الماء والرمال".

آثار غزة من جنيف

ولا يمكن فصل نشأة "كنوز غزة" هذه في حد ذاتها عن الحرب في الشرق الأوسط. ففي نهاية عام 2024، كان معهد العالم العربي يضع اللمسات الأخيرة على معرض عن موقع جبيل الأثري في لبنان، إلا أن العدوان الإسرائيلي على بيروت جعل تنفيذ هذا المشروع مستحيلاً. قالت إيلودي بوفّار: "لقد توقف فجأة، ولكن لم يكن ينبغي أن يحبطنا ذلك". من هنا جاءت الفكرة الطارئة بإقامة معرض لتراث غزة. وأضافت بوفّار: "كان أمامنا أربعة أشهر ونصف شهر لنُنجز العمل. لم يحدث هذا من قبل".

وفي ظل استحالة إخراج أية قطعة أثرية من الأراضي الفلسطينية عملياً، استعان معهد العالم العربي بـ529 قطعة أثرية مخزّنة منذ عام 2006 في صناديق في منطقة جنيف المرفئية الحرة، وتعد من ملكية السلطة الفلسطينية.

وبدأت إعادة اكتشاف هذا التراث في أعقاب اتفاقيات أوسلو عام 1993. وفي عام 1995، تأسست دائرة الآثار في غزة، وافتتحت أول مواقعها للتنقيب عن الآثار بمساعدة المدرسة الفرنسية التوراتية والأثرية في القدس. وكُشف النقاب على مر السنين عن مواقع أثرية عدة، من بينها مثلاً دير القديس هيلاريون، وميناء أنثيدون اليوناني القديم أو"البلاخية، ومقبرة رومانية. ويشمل هذا التراث آثار حضارات مختلفة، منذ العصر البرونزي إلى التأثيرات التركية في نهاية القرن التاسع عشر.

وقالت بوفّار: "بين مصر وقوى بلاد ما بين النهرين والحشمونائيم، شهدت مدينة غزة دورة منتظمة من الطمع والدمار طوال تاريخها". وفي القرن الرابع قبل الميلاد، حاصر الإمبراطور الإسكندر الكبير المدينة لمدة شهرين، مما تسبب في مجازر ودمار. وتوقفت أعمال التنقيب في غزة مع وصول حركة حماس إلى السلطة عام 2007 وفرض الاحتلال حصاراً مشدّداً على القطاع. كذلك أدى الطلب الكبير على الأراضي في إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم إلى تعقيد أي عمل أثري.

وبعد مرور عام ونصف العام على الحرب المدمرة، أصبحت معاودة أعمال التنقيب بعيدة المنال. فمن الضروري قبل ذلك نزع "10 إلى 20%" من القنابل غير المنفجرة، وإزالة الحطام، بحسب إيلودي بوفّار التي تخشى أن يضيع هذا التراث الثمين إلى الأبد. وتوثق إحدى قاعات العرض في معهد العالم العربي مدى الدمار الأخير الذي لحق بغزة. وأكدت بوفّار أن "الأمر مرتبط خصوصاً بوزن القنابل والتأثير الذي أحدثته على السطح وتحت الأرض". وأضافت: "في الوقت الراهن، من المستحيل إجراء تقويم".

(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون