مصر تستأنف عمليات هدم مقابر القاهرة التاريخية لإنشاء محور مروري

17 ابريل 2025
مقبرة باب النصر في العاصمة المصرية القاهرة (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد القاهرة عمليات هدم للمقابر التاريخية في مناطق مثل الإمام الشافعي وباب النصر لإنشاء محور مروري وموقف سيارات، مما يثير قلق الباحثين في شؤون التراث.
- تتعارض هذه العمليات مع تصنيف اليونسكو لمقابر القاهرة كتراث عالمي، وقد أوقفت المحافظة عمليات دفن الموتى في المقابر التاريخية، مما أثار استياء الأهالي.
- أعربت نقابة المهندسين عن أسفها ودعت لوقف الهدم فوراً، مؤكدة أن ذلك يهدد النسيج العمراني والتاريخي الفريد لمصر.

"عمليات هدم عنيفة للجبانات الإسلامية في الإمام الشافعي، وقريباً في باب النصر. كنوز تمحى من على الأرض، ولا توجد كلمة في الإعلام!"، بهذه الكلمات حذر الباحث في شؤون التراث المصري ميشيل حنا من معاودة السلطات هجماتها لإزالة مقابر القاهرة التاريخية من أجل إنشاء محور مروري بديل لطريق صلاح سالم، وموقف سيارات متعدد الطوابق لخدمة زوار المنطقة السياحية المواجهة لمقابر باب النصر.

ونشرت صفحة "إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية" عبر "فيسبوك" مجموعة من الصور التي توثق عمليات هدم المقابر الجارية، ومنها إزالة القبة الأثرية لقبر العالم محمود باشا الفلكي (1815-1885)، أحد أهم رواد علم الفلك الحديث في مصر، وقبة نام شاز قادن والدة الأمير محمد عبد الحليم ابن محمد علي باشا، ومئذنة خانقاه قوصون التي تعود إلى عصر المماليك.

كما أزالت أجهزة محافظة القاهرة مجموعة من الأحواش والمقابر المتفرقة في مقبرة الإمام الشافعي، وفي مقبرة سيدي جلال بمنطقة السيدة عائشة، والتي يعود أغلبها إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وبعضها يرجع إلى فترة الحكم العثماني.

وتستهدف الحكومة المصرية إنشاء محور مروري جديد على أنقاض مئات المقابر في المسافة من طريق صلاح سالم إلى محور الحضارات، وإزالة جسر السيدة عائشة خلال ثلاثة أشهر من الآن، وذلك بذريعة تسهيل حركة المرور في مناطق القاهرة التاريخية.

وهدم مقابر القاهرة التاريخية يناقض تصنيفها تراثاً عالمياً من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وتسجيلها مناطق حماية وفقاً لقانون البناء المصري رقم 119 لعام 2008، فضلاً عن تميزها بكونها ذات طراز معماري تراثي حسب قانون تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري رقم 144 لعام 2006.

وأوقفت محافظة القاهرة عمليات دفن الموتى في اثنتين من أشهر مقابرها التاريخية، وهما الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، إثر مطالبة الأهالي بنقل رفات المتوفين فيهما إلى مدافن بديلة في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية.

وكانت جرافات المحافظة قد أزالت حوش عتقاء الأمير إبراهيم حلمي الأثري الخاضع لإشراف وزارة الأوقاف، ومقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم، وغيرها من المقابر ذات الطابع التراثي والمعماري المتميز.

وتنص المادة الأولى من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 بأنه "يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة، أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ، وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مئة عام، باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات التي قامت على أرض مصر، أو كانت لها صلة تاريخية بها. وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعربت نقابة المهندسين المصريين عن "بالغ أسفها لما تتعرض له بعض جبانات ومعالم مصر التاريخية والتراثية من هدم، ومنها قبة مستولدة محمد علي باشا في قرافة الإمام الشافعي"، داعيةً أجهزة الدولة المعنية إلى "وقف أعمال الهدم بشكل فوري، والإنصات لآراء أهل الخبرة والاختصاص، وإعادة النظر في تنفيذ أي مشروعات في هذه المنطقة التاريخية التراثية، المحمية بموجب القوانين المصرية والمواثيق الدولية".

وشدّدت النقابة على أن هدم مقابر القاهرة التاريخية "لا يعكس عبثاً فقط بالمعالم التراثية، وإنما هو عبث بالنسيج العمراني والتاريخي الفريد الذي يمثل قيمة كبيرة على مستوى العالم، كونها تعتبر إرثاً للحضارة المصرية المتراكمة عبر آلاف السنين، وينبغي الحفاظ عليه".

المساهمون