مصر: "الوطنية للإعلام" تتفرّد بلائحة الصحف القومية

مصر: "الوطنية للإعلام" تتفرّد بلائحة الصحف القومية

30 أكتوبر 2020
طالب صحافيون باستطلاع رأي النقابات واللجان (Getty)
+ الخط -

أثار تفرّد الهيئة الوطنية للإعلام في مصر بإعداد لائحة إدارية جديدة وأخرى مالية موحدة للمؤسسات الصحافية القومية الثماني حفيظة عدد كبير من الصحافيين العاملين في المؤسسات القومية المصرية، خاصة أن الهيئة لم تستطلع رأي نقابة الصحافيين ولا اللجان النقابية في تلك المؤسسات.

وتواترت أنباء عن قرب انتهاء "الهيئة الوطنية للإعلام"  (مؤسسة حكومية مصرية) من إعداد لائحة إدارية جديدة وأخرى مالية موحّدة للمؤسسات الصحافية القومية الثماني التابعة للهيئة الوطنية. ورغم أن هذه اللائحة تخص كل العاملين بالمؤسسات الصحافية من صحافيين وعمال وإداريين، لم تستطلع رأي كل من نقابة الصحافيين والنقابة العامة للصحافة والطباعة والإعلام ولجانها النقابية التابعة بالمؤسسات الصحافية في هذه اللائحة.

بعدها، أصدر عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، محمود كامل، وعضو اللجنة النقابية في صحيفة "أخبار اليوم"، محمد ربيع، بيانًا لجمع التوقيعات عليه، يطالبان فيه ممثلين مجلس نقابة الصحافيين واللجان النقابية بالمؤسسات الصحافية، "الهيئة الوطنية للصحافة" بعرض مشروع اللائحتين على النقابتين المعنيتين بكل العاملين في المؤسسات الصحافية القومية، لاستطلاع رأي النقابتين واللجان النقابية وتلقّي ملاحظاتهم ومراعاتها في الصيغة النهائية للائحة بما يحقق مصالح جميع العاملين، ومن قبلهم مصالح المؤسسات الصحافية القومية.

أكد الموقعون أن رأي النقابتين هو الرأي الممثل فعلياً وعملياً لكل العاملين سواء كانوا صحافيين أو عمالاً أو إداريين، وذلك وفقا للقانون والأعراف النقابية والمؤسسية. كما أكدوا أن الصحافيين والعمال والإداريين سيظلون يداً واحدة في سبيل الحفاظ على حقوقهم، وكذلك في العمل على ما هو في صالح بيتهم الأول المؤسسات الصحافية التي ينتمون إليها.

لكنّ هذا الانفراد بإعداد اللائحة ليس جديدًا على المؤسسات الحكومية المصرية، المتحكمة في المشهد الصحافي والإعلامي ككل. فهذه الهيئة المتفردة بإعداد اللائحة، وليدة تفرُّد الحكومة المصرية بإصدارها في قانون رغمًا عن كل الأطراف المعنية.

منذ نحو ثلاث سنوات، عكفت لجنة وطنية من أكثر من 50 عضوا على إعداد مشروع قانون أطلقوا عليه "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، وهو قانون شامل لكافة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة في مصر، بما في ذلك مواد حبس الصحافيين في قضايا النشر.

لكنّ الحكومة المصرية قسمته لقانونين، أحدهما "قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام؛ الذي جاء مخالفًا في كثير من نصوصه لما تم التوافق عليه بين اللجنة الوطنية للتشريعات الصحافية والحكومة طوال شهور من التفاوض، بل وتعدّى للنيْل من فلسفة المشروع الرئيسية القائمة على الحرية والمسؤولية والاستقلال، وتحرير الصحافة والإعلام من هيمنة السلطة التنفيذية، عبر ما تمت إضافته على نصوصه من تعديلات، لسيطرة السلطة التنفيذية على الإعلام من خلال تعديل مواد تشكيل المجالس الثلاثة، بما يجعل لرئيس الجمهورية الحق في تعيين ما يقرب من ربع أعضاء المجلس الأعلى للصحافة والإعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، بخلاف بقية ممثلي الحكومة والسلطة التنفيذية.

وتفرّدت هذه الجهات الحكومية الثلاث التي يعين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ربع أعضائها، وتتولى السلطات الأمنية تعيين الثلاثة أرباع المتبقية، بإعداد لائحة جزاءات الإعلام. وأهملت آراء وتعليقات جميع الجهات المعنية بتلك اللائحة، خاصةً المواد التي ستؤثر بالسلب على حالة حرية الرأي والتعبير بشكل عام وحالة الحريات الإعلامية بشكل خاص، وذلك بالمخالفة لمواد الدستور التي تُلزم مشاركة نقابتي الصحافيين والإعلاميين كأطراف مشاركة في التشريعات المتعلقة بالصحافة والإعلام.

وأصدر المجلس لائحة الجزاءات والتدابير التي سيتم توقيعها على الوسائل الإعلامية المشار إليها في قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 بعد ما يقرب من خمسة شهور من حالة الجدل الواسعة والاعتراضات الكبيرة التي لاقتها مسودة اللائحة التي اعتمدها المجلس الأعلى في ديسمبر/كانون الأول الماضي من عام 2018 ثم تراجع عن إصدارها.

وأُنشئ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بقرار من رئيس الجمهورية وفقًا للقانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام عن طريق إصدار ثلاثة قرارات حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.

لكن المجلس منذ تشكيله أصبح ممثلًا دور الإدارة السلطوية السياسية والأخلاقية على وسائل الإعلام، واتسمت جُل قراراته بالفردية؛ حيث أصدر المجلس جميع قراراته التي تنظم ما يبث وينشر على وسائل الإعلام دون إجراء أي نقاشات أو حوارات مجتمعية عليها، كما قام عن قصد بتهميش دور نقابتي الصحافيين والإعلاميين.

المساهمون