مسلسل " الغواصة ياكاموز S-245" التركي... العيش تحت سطح البحر

مسلسل "الغواصة ياكاموز S-245" التركي... العيش تحت سطح البحر

10 مايو 2022
لعبت الموسيقى التصويرية دوراً لافتاً في المسلسل (نتفليكس)
+ الخط -

تدور أحداث المسلسل التركي "الغواصة ياكاموز S-245" الذي انطلق عرضه قبل أيام على منصة نتفليكس داخل غواصة عسكرية، يحمل اسمها عنوان العمل المقتبس عن رواية، "ذا أولد إكسلوتل"، للروائي التركي ياسك دوكاي.

يصنف المسلسل تحت خانة الخيال العلمي والكوارث. تكتشف قاعدة "إنغرليك" الجوية ظاهرة غير طبيعية تؤدي إلى حدوث خلل في الحقل المغناطيسي للشمس، ما يؤدي إلى انفجارها وقتل جميع الأحياء على سطح الأرض. تبدو الفكرة تقليدية جداً. البقاء على قيد الحياة، والأسر الإجباري، والبحث عن مخرج؛ كلها مواد مستقاة من وحي الأعمال الهوليوودية. ولكن، تحسب للدراما التركية جرأتها على ابتكار أعمال مختلفة، تخرج عن سياقها المعتاد في تقديم الأعمال الاجتماعية والرومانسية.

تنطلق الحكاية عبر محورين، سيتقاطعان مع تسلسل الأحداث: الأول من خلال بطل القصة آرمان (كيفانش تاتليتوغ) صانع الغواصات وخبير الغطس، برفقة مجموعة من علماء الأحياء والمحيطات، الذين يكلفون من قبل دفنة آرين (أوزغي أوزبيرينشي) صديقة البطل السابقة، ببعثة سرية للبحث عن مرجان نادر، موجود في عمق البحر. هذا المرجان محمي بموجب المعاهدات الدولية وقوانين البحار. لذا، كان لا بد من التكتم على المهمة التي كان دافعها الظاهر اكتشاف بئر نفط أحفوري في عمق البحر، بتمويل من شركة "ينيليك"، التي يملكها أصيل كايه والد البطل. المحور الثاني، يتمثل في غواصة "ياكاموز"، المكلفة من قبل "الناتو" بمهمة تدريبية، وستلتقي بالبعثة بعد وقوع الكارثة.


التقاء فريق الغواصة وفريق البعثة، ومشاركتهما لمركبة واحدة، سيفتح الباب لاستنتاجات عديدة تمهد لأسئلة حجبت أجوبتها عن الشخصيات الرئيسية وعلاقاتها بعضها ببعض. الكارثة بطبيعتها تثير القلق والخوف. والمدنيون في صحبة العسكر أمر يثير التوتر في حد ذاته. هذه بنية تسمح بخلق جو عصبي، استغل بشكل جيد لنشر خيوط الحكاية وخلق صراعاتها.

يركز السيناريو على مجريات الأحداث داخل الغواصة وركابها. العالم الخارجي له نصيب ضئيل في توسيع مسار الحكاية، والأهم مساهمته في فض الخناق البصري عن المتابع، والنفسي عن شخصيات يصارع بعضها بعضاً في مركبة مغلقة، تسير في المياه العميقة طوال فترة شروق الشمس حتى مغيبها. فالصعود إلى اليابسة، وإن كانت مبرراته الدرامية تهدف إلى خلق مساحة جيدة لاستيعاب الصدمة الكونية، إلا أن ضعف المعطيات اللازمة لتبرير حدوثها علميًا، وعدم استثمار التقنيات والمؤثرات البصرية التي تساهم في تعزيز عنصر التشويق والإثارة والتفاعل مع الفوضى المرتبطة بالحدث الرئيسي، لحظة وقوع الكارثة، ساهما في عدم تصديقها. لا تخلو بعض المناظر من وجود دلالات تبدو مفتعلة، كسيارات محترقة، وجثث تملأ الطرقات، ضمن كادر أُطّرتْ مشاهده بلقطات قريبة ومتوسطة.

الموسيقى كان لها دور جيد في كسر لحظات الملل والرتابة التي تفرضها نصوص كهذه على الإطار العام للصورة، وكان يمكن لو استُغلت عمليات مونتاح أكثر، بمهارة ومرونة، لتساعد على تحسين إيقاع العمل بشكل أكثر سلاسة بين لقطاته وأحداثه، ما يكسر الجمود الطاغي عليها.

الأزمات التي يواجهها أبطال العمل داخل المركبة استثمرت جيدًا، وخلقت حلقات وصل بين الشخصيات للتعريف عن نفسها، وعن هواجسها وسلوكياتها، كالانتقام والضغائن والحوادث التقنية. وقد بلغ الصراع ذروته، حين أخذت مخصصات الطعام بالنفاد.

الحاجة للغذاء مسألة حياة أو موت أمام هذا المصير المفاجئ للبشرية. وأزمة كهذه كانت كفيلة بترتيب مجريات الأمور وتنسيقها لخلق صراع البقاء والنفوذ بين الضباط والمدنيين، على سياق واحد مع كشف خبايا المهمة التي أوكل بها كابتن الغواصة، أريناي يلماز، بعد وفاته. بهذا، نكتشف أن لقاء الغواصة طاقم العلماء لم يكن محض مصادفة، وإنما هو عملية مدبرة من قبل أصيل كايه، رجل الأعمال الثري، بالتنسيق مع قوات حلف شمال الأطلسي لإنقاذ ابنه ومجموعة العلماء الذين برفقته، وإحضارهم إلى إحدى الجزر الهندية التي يحتمي فيها.

المساهمون