مسلسل "الفتيان"... في انتظار أحد ما

مسلسل "الفتيان"... في انتظار أحد ما

18 مارس 2022
كل واحدة من الحلقات لها كاتب مختلف وأسلوب كرتون مختلف عن الآخر (أمازون)
+ الخط -

نال مسلسل "الفتيان" (The boys)، الذي بثت شبكة "أمازون برايم" موسميه، استحساناً جماهيرياً واسعاً، خصوصاً أنه يقدم صورة مختلفة عن الأبطال الخارقين الذين اعتدنا إنسانيتهم المفرطة، ومناعتهم ضد الشر في عوالم مارفل وDC. الأبطال الخارقون في "الفتيان" سطحيون، مفرطون في حساسيتهم، عنيفون، وبعضهم يصل إلى حد السايكوباتيّة.
أخيراً، وفي رهان على عوالم الفتيان المرعبة، بثت شبكة أمازون براين مسلسل الكرتون "الفتيان: شيطاني" (The Boys Presents: Diabolical)، ذا الحلقات الثماني القصيرة (يتراوح طول الواحدة بين 8 إلى 10 دقائق). يجيب العمل عن أسئلة تتعلق بعالم "الفتيان"، أي كيف يتم تصنيع الأبطال الخارقين؟ ما مصير التجارب الفاشلة؟ ومن هم الموظفون الصغار في شركة تصنيع الأبطال الخارقين العالميّة؟


الملفت في المسلسل، أن كل واحدة من الحلقات لها كاتب مختلف وأسلوب كرتون مختلف عن الآخر؛ فمن تلك التي تظهر فيها الشخصيات وكأننا نشاهد أحد أفلام ديزني، إلى تلك التي تبدو وكأنها تنتمي لعوالم المانغا. لكن الاختلاف، أننا لسنا أمام رسوم متحركة للأطفال، البراءة التي تظهر بداية في كل حلقة، ويعكسها أسلوب الرسم، تتلاشى أمام العنف الشديد وكمية الدماء التي تنتشر أمامنا، ناهيك عن فرضيات شديدة السذاجة، ما تلبث أن تتحول إلى كرنفال من الدماء والأشلاء، كأن نرى رضيعاً يطلق ليزرا من عينيه، يقطع ويذيب كل من حوله، وهو يسعى لإيجاد كرته الضائعة.
يكشف لنا المسلسل عن بعض خصائص عالم الفتيان البعيدة عن مركزية حكايات الأبطال الخارقين؛ إذ نتعرف على كيفية توظيف أطباء التجميل لمساحيق تقوم بتعديل الوجه جينياً. وكيف يتحول "الجميلون" إلى مشاهير بفعل المساحيق التي تغير، حرفياً، من تكوين أجسادهم، وكأن الفلاتر التي تستخدم في تطبيقات الصور أصبحت "أدوية"، ينتج عنها "سعادة" وهمية ما تلبث أن تتلاشى حين نعود إلى حقيقتنا... أشخاص عاديون نتأمل المرآة، حالمون بالشهرة، وحيدون، في انتظار أحد ما كيف نشاركه حياتنا.
تحاول حلقات المسلسل، هذه المرة وبعكس المسلسل الأصلي، أن تضيء على المهمشين من عالم الأبطال الخارقين؛ أولئك الذين يمكن أن نستخدم مصل صناعة الأبطال الخارقين من أجل شفائهم، أو تحسين شروط حياتهم. لكن، للأسف، لا مجال لذلك؛ فعالم الأبطال الخارقين صناعة، تحتاج لرأس مال، والبطل الخارق ضمنها مُنتج واستثمار لا يمكن للجميع الحصول على قواه أو التقرب منه. هذا بالضبط ما تحاول كل سلسلة الفتيان الإشارة إليه. البطل الخارق ليس إلا شكلاً من أشكال الرأسماليّة، تهدف للهيمنة و التشويش الأيديولوجي، وتركنا أمام أبطال مصطنعين، نريد تقليدهم فقط، لا اكتشاف حقيقة نواياهم.
أكثر ما يشد الانتباه في حلقات المسلسل، هي تلك المعنونة بـ "واحد زائد واحد يساوي اثنين"، التي نتعرف فيها على تاريخ شخصية Homelander، الذي يعتبر نسخة الفتيان من سوبرمان؛ إذ نكتشف طفولته وكيف تم تصنيعه في المختبر، بعكس زملائه الذين تم تسليمهم إلى عائلات تعاملهم كأطفال ذوي والدين، ثم نتعرف على كيفية تحوله إلى قاتل لا رحمة لديه، أسير الشهرة، واسمه ذاته، إذ يجب أن يكون الأفضل والأسرع والأقوى، لا ينازعه أحد.
قارن البعض مسلسل الكرتون "الفتيان: شيطاني" بذاك الذي تبثه نتفليكس بعنوان "لا يقهر" (Invincible)، وأن الأمر ليس إلا محاولة للاستفادة من الشعبية التي تنالها مسلسلات الأبطال الخارقين (الأشرار)، لكن عوالم الفتيان أشد تعقيداً، وأكثر نقدية للشكل القائم.

وتحتوي تعليقات على طبيعة حياتنا اليوم، ومتخيلنا عن الشهرة، والأسرة، وكيفية إنقاذ العالم. أما في "لا يقهر"؛ فالأمر ما زال محصوراً بعلاقة ابن بابنه، ومحاولة الغوص في نفسية البطل الخارق الذي بحكم خلوده سيخسر كل من حوله ليبق وحيداً.

المساهمون