مزارع فلسطيني يعثر على كنز أثري نادر في غزّة

مزارع فلسطيني يعثر على كنز أثري نادر في غزّة

16 سبتمبر 2022
تعود الفسيفساء إلى الفترة ما بين القرنين الخامس والسابع (فاطمة شبير/أسوشييتد برس)
+ الخط -

خلال الربيع الماضي كان مزارع فلسطيني يزرع شجرة زيتون جديدة عندما اصطدمت مجرفته بجسم صلب، فاتصل بابنه طلباً للمساعدة، وطوال الأشهر الثلاثة التالية قاما بالتنقيب واستخراج فسيفساء مزخرفة من العصر البيزنطي، يقول خبراء إنّها واحدة من أعظم الكنوز الأثرية التي عثر عليها في غزة على الإطلاق.

أثار هذا الاكتشاف فضول وسعادة علماء الآثار، وتعتزم حركة "حماس" الإعلان عنه بشكل رسمي قريباً.

في الوقت نفسه، أثار الاكتشاف أيضاً دعوات لحماية أفضل للآثار في غزة، وهي مجموعة مواقع مهدّدة بسبب الافتقار إلى الوعي والموارد، إضافة إلى المخاطر المستمرّة جراء الاشتباك المتكرّر مع إسرائيل.

اكتشفت الفسيفساء في البريج، على بعد كيلومتر واحد من الحدود مع المستوطنات الإسرائيلية، ويشمل الكشف 17 صورة لوحوش وطيور، بحالة جيدة وألوان زاهية.

وقال الخبير الأثري رينيه إلتر، المقيم في القدس: "هذه أجمل فسيفساء اكتشفت في غزة، من حيث جودة الرسم والهندسة".

وأضاف: "لم تكتشف أرضيات فسيفساء بهذه المهارة ولا هذه الدقة في الرسم وثراء الألوان من قبل في قطاع غزة".

كما ذكر أنّ الفسيفساء تعود إلى ما بين القرنين الخامس والسابع، مشيراً إلى أنّه يجب إجراء حفريات مناسبة لتحديد عمرها بدقّة، وما إذا كانت جزءاً من مجمع ديني أو علماني.

لم يتسنّ لإلتر زيارة الموقع، لكنّه اطلع على سلسلة من الصور والمقاطع المسجلة المصورة التي التقطها أثريو التنقيب المحليون.

(فاطمة شبير/ أسوشييتد برس)

كان قطاع غزة طريقاً تجارياً نشطاً بين مصر والشام عبر التاريخ، لذا نجده مليئاً بآثار من الحضارات القديمة، من العصر البرونزي إلى العصرين الإسلامي والعثماني.

لكن، نادراً ما تلقى هذه الكنوز الحماية المناسبة، فتتعرض للنهب، وفي السنوات الأخيرة تضرّر أو دمّر بعضها من خلال مشروعات تنموية أو جراء القصف الإسرائيلي.

وقد أدّى الحصار المفروض على قطاع غزّة منذ عام 2007 إلى تدمير الاقتصاد، ولم تتبقَ سوى موارد قليلة لحماية الآثار.

لا تولي "حماس" المواقع الأثرية العناية الكافية، لأنّ أولويّتها تتّجه إلى تلبية احتياجات السكان البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون شخص محاصرين في مساحة 300 كيلومتر مربع فقط.

ففي عام 2017 دمرت جرافات أجزاء كبيرة من موقع يحتوي على رفات من مستوطنة سكنية عمرها 4500 عام من العصر البرونزي، لإقامة مشروعات سكنية لموظفين. وفي وقت مبكر من العام الحالي، اكتشفت جرافات كانت تحفر من أجل مشروع إسكان مصري التمويل في شمال غزة مقبرة تعود إلى العصر الروماني.

ومن بين المواقع القليلة المحفوظة في غزة دير القديس هيلاريون، الذي يعود إلى أواخر فترة الإمبراطورية الرومانية، وموقع الكنيسة البيزنطية التي قامت بترميمها منظمات إغاثة دولية، وافتتح هذا العام في شمال قطاع غزة أيضاً.

وقال إلتر إنّ تلك المواقع تضمّ فسيفساء أيضاً، لكن الكشف الأخير في البريج يمكن وصفه بأنّه "استثنائي".

(فاطمة شبير/ أسوشييتد برس)

ووصفت هيئة الآثار في غزة الفسيفساء بأنّها "كشف أثري كبير"، رافضةً الإدلاء بمزيدٍ من التعليقات، وقالت إنّها ستصدر إعلاناً رسميّاً في وقت لاحق.

قام مالك الأرض، الذي رفض الكشف عن هويته قبل الإعلان الرسمي، بتغطية الجزء الذي اكتشفت فيه الفسيفساء بألواح من الصفيح، معرباً عن أمله في الحصول على مكافأة مالية.

تبلغ مساحة قطعة الأرض هذه نحو 500 متر مربع، وبها ثلاث مناطق محفورة تكشف أجزاء من الفسيفساء.

أكبر حفرة في الأرض مساحتها تقريبا متران في 3 أمتار، بها 17 رسماً بالفسيفساء لحيوانات، بينما تظهر لوحتان أخريان أشكالاً زخرفية معقدة. وأدّت جذور شجرة زيتون قديمة إلى إتلاف أجزاء من الفسيفساء.

وقال إلتر إنّ الكنز المكتشف يتعرّض "لخطر مباشر" لأنّه قريب للغاية من جدار الفصل، والذي غالباً ما تشهد المناطق المحيطة به اشتباكات متقطعة أو عمليات توغل إسرائيلية، كان آخرها خلال شهر أغسطس/آب الماضي، واستمرت ثلاثة أيام .

ما يثير قلق إلتر أيضاً أنّ أعمال التنقيب يقوم بها أشخاص من غير الخبراء يمكن أن يلحقوا ضرراً بالآثار المكتشفة، ويأمل أن يتمكّن فريق محترف من انشال الفسيفساء وترميمها وحمايتها بشكل سليم.

(أسوشييتد برس)

المساهمون