مدن أكثر هدوءاً: الأسطح العشبية تمتص الضوضاء

06 فبراير 2025
تمثل الضوضاء أحد أبرز العوائق التي تحول دون التوسع في التنقل الجوي (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهرت دراسة من جامعة بريستول أن الأسطح المسامية مثل العشب والطحالب يمكن أن تقلل ضوضاء الطائرات بدون طيار وسيارات الأجرة الجوية حتى 30 ديسيبل، مما يساهم في أجواء حضرية أكثر هدوءاً.
- استلهم الباحثون من الطبيعة، حيث أجروا تجارب في غرفة معزولة للصوت، وأظهرت النتائج أن الأسطح المسامية تقلل الضوضاء عند الترددات المنخفضة إلى المتوسطة بامتصاص الطاقة الهوائية.
- تسلط الدراسة الضوء على دور الأسطح المسامية في تحسين التنقل الجوي الحضري، مما يعزز تقبل الجمهور ويخلق بيئة حضرية أكثر هدوءاً واستدامة.

أظهرت دراسة حديثة طريقة فعالة وبسيطة للحد من الضوضاء الناجمة عن الطائرات بدون طيار وسيارات الأجرة الجوية، ما قد يسهم في جعل التنقل الجوي الحضري أكثر هدوءاً واستدامة.

ووجد باحثون من جامعة بريستول أن استخدام الأسطح المسامية، مثل العشب والطحالب، على منصات الهبوط وأسقف المباني، يمكن أن يقلل من مستويات الضوضاء بمقدار يصل إلى 30 ديسيبل عند ترددات معينة. النتائج، التي نُشرت في دورية "ساينتفيك ريبورتس" في 22 يناير/ كانون الثاني، تمهد الطريق لأجواء حضرية أكثر هدوءاً.

وباتت الطائرات بدون طيار وسيارات الأجرة الجوية أكثر شيوعاً، لا سيما في المناطق الحضرية بالبلدان ذات الدخل المرتفع، حيث تُستخدم في خدمات التوصيل والطوارئ وحتى نقل الركاب. لكن الضوضاء التي تصدرها، خاصة أثناء الإقلاع والهبوط، تظل من أبرز التحديات التي تواجه استخدامها، إذ قد تسبب إزعاجاً للسكان.

وتقدم الدراسة الجديدة حلاً محتملاً عبر إبراز قدرة الأسطح المسامية على امتصاص الضوضاء وتحسين أداء مراوح هذه المركبات.

كيف تعمل الأسطح المسامية؟

استلهم الباحثون فكرتهم من الطبيعة، حيث تتميز المواد الطبيعية مثل العشب والطحالب بقدرتها العالية على امتصاص الصوت، وهو ما دفعهم إلى اختبار إمكانية تطبيق هذه الفكرة على الطائرات بدون طيار وسيارات الأجرة الجوية.
ويقول حسن جواهر، الباحث الرئيسي في الدراسة من كلية الهندسة المدنية بجامعة بريستول، لـ"العربي الجديد": "لاحظنا أن النباتات تُستخدم لتخفيف ضوضاء المرور على الطرق السريعة، لذا تساءلنا عن إمكانية استخدام مواد مماثلة لتقليل الضوضاء الناتجة عن هذه المركبات الجوية". وللتحقق من ذلك، أجرى الفريق تجارب داخل غرفة معزولة للصوت تُعرف بـ"الغرفة العازلة للصدى"، حيث ثُبِّتَت مروحة طائرة بدون طيار فوق أنواع مختلفة من الأسطح، منها الصلبة والمسامية.
وتم تصميم الأسطح المسامية لمحاكاة المواد الطبيعية، بمستويات متفاوتة من السماكة والمسامية، ثم استُخدمت ميكروفونات لقياس مستويات الضوضاء وأجهزة استشعار لتتبع أداء المروحة.

ويشير جواهر إلى أن "النتائج كانت مذهلة، إذ تبين أن تشغيل المروحة فوق سطح مسامي يقلل من مستويات الضوضاء بشكل ملحوظ، خاصة عند الترددات المنخفضة إلى المتوسطة. تمتص المادة المسامية جزءاً من الطاقة الهوائية المتدفقة حول المروحة، ما يقلل من سرعة التيارات الهوائية القريبة من السطح، ويحد من الاضطرابات والضوضاء الناتجة عنها".

ويوضح الباحث أنه عند دوران المروحة بالقرب من الأرض، تتولد نفاثة هوائية عالية السرعة تسبب ضوضاء شديدة، لكن الأسطح المسامية تسهم في امتصاص بعض هذه الطاقة وتقليل انعكاس التيارات المضطربة نحو المروحة، وهو أحد المصادر الرئيسية للضوضاء.

تأثيرات على مستقبل التنقل الجوي الحضري

تسلط الدراسة الضوء على أثر هذه النتائج في تطوير التنقل الجوي الحضري، الذي يشمل الطائرات بدون طيار وسيارات الأجرة الجوية والطائرات الصغيرة المخصصة لحركة النقل داخل المدن.
ويرى الباحثون أن الضوضاء تمثل أحد أبرز العوائق التي تحول دون التوسع في هذه التكنولوجيا، إذ تؤثر على قبولها اجتماعياً والالتزام بالقوانين المنظمة لمستويات الضوضاء الحضرية.

ويشير جواهر إلى أنه عبر استخدام الأسطح المسامية في منصات الهبوط، وأسقف المباني، والموانئ العمودية - وهي المواقع المخصصة لإقلاع وهبوط سيارات الأجرة الجوية - يمكن تقليل الضوضاء الناجمة عن هذه المركبات بشكل كبير. ويضيف: "سيسهم هذا الحل في تعزيز تقبل الجمهور لهذه التقنيات، إلى جانب تحسين كفاءة المركبات نفسها".

كما أظهرت الدراسة أن الأسطح المسامية لا تخفف الضوضاء فقط، بل تعزز أيضاً كفاءة المراوح من خلال تحسين قوة الدفع، ما يقلل من استهلاك الطاقة. ويختم جواهر بقوله: "تشير نتائجنا إلى أن استخدام أسطح هبوط مسامية مبتكرة يمكن أن يساعد في إنشاء بيئة حضرية أكثر هدوءاً واستدامة، ما يسهل إدماج هذه التقنيات في حياتنا اليومية".

 

المساهمون