مخرج "أولد بوي" الكوري الجنوبي يعود بقصة حبّ "نقيّة"

مخرج "أولد بوي" الكوري الجنوبي يعود بقصة حبّ "نقيّة"

07 يوليو 2022
فاز بارك بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كانّ هذا العام (لوران كوفيل/ Getty)
+ الخط -

عاد المخرج بارك تشان ووك، المعروف بأفلام الإثارة العنيفة التي ساعدت في دفع السينما الكورية الجنوبية إلى المشهد العالمي، بعملٍ مختلفٍ تماماً: قصة حب مقيّدة، ولكنّها عاطفية للغاية.

جاء صدور فيلم "دسيجن تو ليف" بعد النجاح الباهر الذي حقّقته صناعة الترفيه الكورية الجنوبية، خاصةً مع فيلم بونغ جون هو؛ الحائز على جائزة أوسكار "بارازيت" وكذلك مسلسل "سكويد غيم" على "نتفليكس"، وكان الفيلم المحلي الأعلى دخلاً في الصالات الكورية منذ افتتاحه الأسبوع الماضي، بحسب وكالة فرانس برس.

يؤدّي دور البطولة كلّ من الممثلة الصينية تانغ واي والممثل الكوري بارك هاي إيل، الذي يلعب دور محقّق يحاول كشف ملابسات موت رجلٍ بعد سقوطه من على جبل، لكنّه يقع في حبّ زوجة الضحية الغامضة التي يشك في أنها وراء مقتل زوجها.

قاد الفيلم بارك للفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كانّ السينمائي لهذا العام، وذلك بعدما كان قد حاز من المهرجان نفسه الجائزة الكبرى عن فيلمه "أولد بوي" في العام 2003.

ومع ذلك، وعلى عكس العديد من أعماله السابقة، فإن "دسيجن تو ليف" لا يحتوي تقريباً على أيّ مشاهد جنسيّة أو عنيفة.

وصف موقع إندي واير الفيلم بأنّه "أكثر الأفلام رومانسيةً هذا العام"، فيما أشادت المراجعات الأولى به واعتبرته قصّة حبٍّ رائعة تميّزت بالأناقة والدقة.

بحسب "فرانس برس"، قال بارك في مقابلة مع صحافيين في سيول خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي: "أوافق على أنّه فيلم رومانسي، وكنت أريد أن أصنع مثل هذا الفيلم".

قال المخرج البالغ من العمر 58 عاماً إنّه بدأ التفكير في المشروع أثناء عمله على المسلسل القصير باللغة الإنكليزية مع "بي بي سي"، بعنوان "ذا ليتل درامر غيرل" الذي يدور في أجواء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وجد بارك نفسه يتوق إلى القيام بشيء مختلف، بعيداً عن السياسة والصراعات.

قال: "أردت أن أصنع فيلماً نقيّاً، بمعنى أنّه وفيٌّ لأساسيات السينما كشكل فني حيث لا توجد عناصر أخرى غير موضوع الحب".

كانت النتيجة استكشافاً شعريّاً للوقت والضياع والشوق، ممزوجاً بالتصوير السينمائي المميز لبارك، مع التوتّر الجنسي الذي يبقي الجمهور معلّقاً بين المحقق المهذب والمشتبه بها في جريمة القتل.

تمثّل الشخصيتان تغييراً عن الشخصيات السابقة الأكثر تطرفاً لدى بارك، مثل القسّ الكاثوليكي المكبوت الذي تحوّل إلى مصاص دماء في فيلم الرعب "ثيرست" أو الرجل الذي احتجز لمدّة 15 عاماً في "أولد بوي".

اعتبر المخرج سابقاً أنّ قصص الحب، تماماً مثل حكاياته المليئة بالدماء عن الانتقام، تكشف خفايا الأساسيات البشريّة. في الوقت نفسه، لا يوجد الكثير من القواسم المشتركة بينه وبين أيّ من الشخصيات في أفلامه.

قال بارك: "أنا لست أبداً شخصاً يلاحق مثل هذه المثل الرومانسية أو يعيش حياته بهذه الطريقة. أميل إلى أن أكون واقعيّاً وواقعيّاً للغاية". وتابع: "أنا من صنّاع الأفلام الذين توجد فجوةٌ كبيرةٌ بين حياتهم والأفلام التي صنعوها".

لطالما اعتبر بارك مصدر إلهام لجيل من صانعي أفلام "النوار الكوري"، وهي أفلام عن الجرائم الدموية والانتقام الوحشي، أو عن عالم الجريمة السفلي، يتمّ تقديمها بتصوير سينمائي فاخر.

أحد هؤلاء المخرجين، بونغ جون هو، صار أوّل كوري جنوبي يفوز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كانّ عن فيلم الكوميديا السوداء "بارازيت" في العام 2019، والذي صار أوّل فيلم بلغة غير الإنكليزية يفوز بجائزة أوسكار لأفضل فيلم.

يعتقد بارك أنّه يصنع أفلامه دائماً لعامة الناس، إلّا أنّه يدرك أنّ "الأفلام الكورية الجنوبية والأفلام الآسيوية والأفلام الأجنبية لا تزال تُستهلك كسينما فنية" في بقية العالم. قال: "بغض النظر عن كيفية صنعها، هكذا يتم تصنيف هذه الأفلام". تابع: "لا أعتقد أنّ هذا مثالي. لكن بارازيت كسر ذلك الحاجز".

يقول النقاد إنّ فيلمه "أولد بوي" مهّد الطريق للسينما الكورية الجنوبية إلى العالمية، لكنّ بارك بذل جهوداً واعيةً للعمل أيضاً في مشاريع ليست كورية.

عدا عن فيلم "ذا ليتل درامر غيرل"، أنتج بارك أوّل أفلام بونغ جون هو في العام 2013، وحمل اسم "سنوبيرسر"، كما صدر في العام نفسه أوّل أفلام بارك الهوليوودية، وهو فيلم "ستوكر" من بطولة نيكول كيدمان وميا واسيكوسكا.

حالياً، يعمل بارك مع "إتش بي أو" على مسلسل درامي عن التجسّس مقتبس من رواية فيت ثانه نغوين الحائزة على جائزة بوليتزر "ذا سيمباثيزر"، بمشاركة الممثل روبرت داوني جونيور. مع ذلك، بالنسبة إليه، فإنّ صناعة الترفيه العالمية تحتاج إلى مزيد من التعاون الدولي.

قال: "من المهم كيف يُنظر إلى أفلامك في الوقت الحالي، لكنك تتساءل أيضاً عمّا إذا كانت أفلامك ستبقى على قيد الحياة وإن كانت ستذكر". أضاف: "لا توجد طريقة بالنسبة لي لمعرفة ما سيفكّر به المشاهدون بعد 50 أو 100 عام من الآن. لكن، فإنّ أيّ إشارةٍ إلى ذلك اليوم يمكن الحصول عليها من خلال تفاعل المشاهدين الأجانب (مع الفيلم)".

المساهمون