استمع إلى الملخص
- أثار القرار استياءً واسعًا بين الفلسطينيين، حيث تم حجب قناة الجزيرة والمواقع المرتبطة بها، وسط اتهامات ببث مواد تحريضية ورفض وصف المقاومين بالخارجين عن القانون.
- ليست هذه المرة الأولى لحجب مواقع في فلسطين، حيث أصدرت النيابة العامة قرارات مماثلة سابقًا، مما أثار جدلاً حول حرية التعبير.
أصدرت محكمة صلح رام الله، اليوم الأحد، قراراً بحجب عدد من المواقع الإلكترونية التابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية لمدة أربعة أشهر، بناءً على طلب تقدم به النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب. وبحسب تفاصيل القرار الذي عممته مواقع وقنوات تابعة لحركة فتح، فإن القرار شمل مواقع "الجزيرة نت"، "الجزيرة مباشر"، "الجزيرة 360"، و"إي جي بلس". وجاء ذلك استناداً إلى المادة 39 من قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018، التي تتيح حجب المواقع التي يُعتقد أنها "تهدّد" الأمن القومي أو النظام العام. وبحسب نص القرار، أشار النائب العام إلى أن المواقع المذكورة نشرت مواد وأفلاماً "تهدد الأمن القومي لدولة فلسطين"، و"تحرّض على ارتكاب الجرائم"، مما دفع الجهات المختصة إلى طلب حجبها.
المحكمة استندت إلى تحقيقات الشرطة الفلسطينية ومحاضر التحري، التي أرفقها النائب الفلسطيني العام في طلبه، والتي أكدت تحقق شروط المادة 39 من قانون الجرائم الإلكترونية. في حين، وجه النائب العام أكرم الخطيب رسالة رسمية إلى وزير الاتصالات والاقتصاد الرقمي، عبد الرزاق نتشة، يطلب فيها اتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة لتنفيذ قرار المحكمة، وتضمنت الرسالة دعوة إلى مخاطبة جميع شركات الإنترنت والتلفزيونات التفاعلية وشركات البث الإذاعي والفضائي لضمان الالتزام بالقرار. وشدّدت الرسالة على ضرورة عدم إعادة بث أو نقل أي محتوى صادر عن المواقع المحجوبة تحت طائلة المسؤولية القانونية.
من جانبها، وجّهت وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي الفلسطيني، في تعميم رسمي للمحطات الإذاعية والمؤسسات الإعلامية، طلباً بالالتزام بقرار المحكمة وعدم إعادة بث أو نقل أي محتوى صادر عن شبكة الجزيرة الإعلامية أو المواقع المرتبطة بها. وأكّدت الوزارة أن مخالفة هذا القرار تُعرِّض الجهات المعنية للمساءلة القانونية.
واشتكى كثير من الفلسطينيين مساء اليوم الأحد من حذف شركات الاتصالات لقناة الجزيرة من الاشتراكات الخاصة بهم مع تلك الشركات، وكذلك حجب تلك المواقع التي شملها القرار القضائي من شبكة الإنترنت. وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت مساء الأربعاء الماضي وقف بث وتجميد كافة أعمال قناة الجزيرة الفضائية والعاملين فيها في فلسطين، بعد حملة تحريضية استهدفتها واستهدفت العاملين فيها، إثر ما يجري من حملة عسكرية للأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم جنين.
واعلنت اللجنة الوزارية الفلسطينية المختصة المكونة من وزارات الثقافة، والداخلية، والاتصالات، مساء الأربعاء، وقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة ومكتبها في فلسطين، وتجميد عمل كافة الصحافيين والعاملين معها والطواقم والقنوات التابعة لها بشكل مؤقت، إلى حين "تصويب وضعها القانوني". وأشارت اللجنة إلى أن ذلك يأتي بسبب "مخالفة فضائية الجزيرة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين". ووفق البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)، جاء هذا القرار إثر "إصرار الجزيرة على بث مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة والعبث والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية" بحسبه.
ما سبب غضب السلطة على "الجزيرة"؟
حسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن أحد أسباب غضب السلطة على قناة الجزيرة يأتي بعد رفض القناة وصف المقاومين في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي "بالخارجين عن القانون حسب ادعاءات السلطة". وخلال الأيام الماضية تعرّضت القناة لحملة من التحريض والتشويه واتهامات بإثارة الفتنة ومنعها من التغطية بالقوة من قبل أقاليم حركة فتح في محافظات شمال الضفة الغربية ونقابة الصحافيين الفلسطينيين المحسوبة على السلطة، وصفحات الذباب الإلكتروني المحسوبة على الأجهزة الأمنية وحركة فتح، وتعرّض مراسلوها للتهديد بالأذى الجسدي إثر الحملة العسكرية التي تشنّها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على مخيم جنين.
"الجزيرة" ليست الأولى أو الوحيدة
يُذكَر أن الحظر الإسرائيلي لقناة الجزيرة في رام الله انتهى يوم 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد إغلاقها بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2024 لمدة 45 يوماً ثم تجديد الحظر مرة أخرى لينتهي قبل أقل من عشرة أيام. ويشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تحجب فيها السلطة الفلسطينية مواقع إلكترونية، مستندةً إلى قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لعام 2018، إذ في عام 2017 أصدرت النيابة العامة الفلسطينية قرارات بحجب مواقع إخبارية وإسلامية، معظمها مرتبط بحركة حماس أو شخصيات معارضة، بدعوى نشرها لمحتوى "يهدد الأمن القومي" و"يُحرّض على ارتكاب الجرائم".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أصدرت محكمة صلح رام الله قراراً بحجب 59 موقعاً إلكترونياً وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بناءً على طلب من النائب العام الفلسطيني حينها أحمد براك، وأوضحت النيابة أن هذه المواقع تمارس التهجم والإساءة إلى رموز في السلطة الوطنية، وتنشر محتوى من شأنه تهديد الأمن القومي والسلم الأهلي، والإخلال بالنظام العام والآداب العامة، وإثارة الرأي العام الفلسطيني.
قرارات الحجب للمواقع الإلكترونية في حينه جاءت بقرار من النائب العام الفلسطيني السابق أحمد براك، الذي هرب من الأراضي الفلسطينية في 6 يونيو/حزيران 2019 عبر المطار الإسرائيلي بتنسيق من الاستخبارات المصرية التي يحمل جنسيتها، بعد أن دهمت شرطة تابعة لهيئة مكافحة الفساد الفلسطينية مكتبه ومنزله في رام الله. وأثارت قرارات حجب المواقع الإلكترونية حينها جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والحقوقية، التي اعتبرتها انتهاكاً لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام.