مجلة نيويوركر الأميركية تحتفل بمرور 100 عام على انطلاقتها

15 مارس 2025
في معرض عن مئوية "نيويوركر" في مركز لاليانس نيويورك، 6 مارس 2025 (أنجيلا فايس/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحتفل مجلة نيويوركر بمرور مائة عام على تأسيسها، حيث أثرت في الصحافة الأميركية من خلال تغطية الأحداث الكبرى وجرأتها في اختيار أغلفة أعدادها. تشمل الاحتفالات إصدارات خاصة ومعارض وفيلم وثائقي من إنتاج نتفليكس.

- نشرت المجلة أعمالًا بارزة مثل "إن كولد بلود" وأثارت الجدل بمقالات عن التوترات العنصرية. حصلت على جائزة بوليتزر لتحقيقها في قضية هارفي وينستين، مما ساهم في حركة "مي تو".

- رغم تصنيفها كنخبوية، تكيفت نيويوركر مع العصر الرقمي وركزت على الاشتراكات، وتضم 1.3 مليون مشترك. توسعت لتشمل موقعًا إلكترونيًا، وبودكاست، ومهرجانًا ثقافيًا.

​تحتفل مجلة نيويوركر الأميركية بذكرى مرور مائة عامٍ على تأسيسها، وبتاريخ حافل صحافياً رافقت فيه الأحداث والتحوّلات، وهي لا تزال تسعى إلى دور مؤثر على القرّاء في زمن عودة دونالد ترامب إلى السلطة، إذ يُظهر أحد أحدث غلافاتها مثلاً الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وهم يُطردون من مكاتبهم حاملين أغراضهم في صناديق، للتعبير عن الأزمة التي تتعرض لها الديمقراطية الأميركية.

وهذه المجلة الأسبوعية التي اشتُهرَت بجرأتها في اختيار رسوم صفحتها الأولى، ما يجعل كل عدد من أعدادها بمنزلة عمل فني صغير، تحتفل بمئويتها من خلال أربعة إصدارات احتفالية، وسبعة معارض في مختلف أنحاء نيويورك، وفيلم وثائقي قيد الإعداد لحساب "نتفليكس" من إخراج مارشال كاري الحاصل على جائزة أوسكار، ومن المقرر عرضه لأول مرة على المنصة خلال العام الحالي. الفيلم يتناول القصص التي تُشكّل تاريخ "نيويوركر"، ويوثّق لحظات صحافية أصيلة في بداياتها، متتبعاً كتّاب المجلة ومحرريها وموظفيها أثناء إنتاجهم العدد الخاص بالذكرى السنوية لهذا العام.

وتقول المديرة الفنية للمجلة، فرنسواز مولي التي تتولى منذ عام 1993 عملية اختيار الغلاف: "أزمة وسائل الإعلام تؤثر علينا أيضاً". لكنها تصف نفسها بأنها "عنيدة"، وتؤكد أنها ترى "المستقبل بثقة وأمل كبيرين". وتلاحظ الفرنسية وسط الغلافات التي صنعت شهرة المجلة والمعروضة في المركز الثقافي الفرنسي "لاليانس نيويورك" أن "ثمة مجالات لا يحل فيها الرقمي محل الورق، ككتب الأطفال، والشرائط المصورة، ومجلة نيويوركر". وتشرح أن الغلافات يُفترَض أن "تدوم"، بحيث "إذا نظر إليها القارئ بعد 30 عاماً، يستطيع أن يفهمها"، سواء أكانت مشاهد مضحكة أم شاعرية من الحياة اليومية، أم رسوماً سياسية عن مواضيع كالزواج للجميع واستخدام الأسلحة النارية في أعمال عنف والتوترات المجتمعية.

على امتداد قرن وفي أكثر من 5 آلاف عدد، نشرت المجلة روائع أدبية كرواية "إن كولد بلود" لترومان كابوتي (1965)، وأثارت الجدل مراراً، كما حين كتب جيمس بالدوين عن التوترات العنصرية في الولايات المتحدة، من بين كتاب كبار آخرين كإرنست همنغواي وجاي دي سالينجر وسوزان سونتاغ. وصنعت المجلة الأسبوعية العريقة بعض أبرز المحطات في عالم الصحافة، بدءاً من تحقيق ميداني لجون هيرسي عن هيروشيما عام 1946 أيقظ ضمائر الأميركيين على الفظائع التي أحدثتها القنبلة الذرية، إلى محاكمة المجرم النازي أدولف آيخمان التي تناولتها الفيلسوفة هانا أرندت. وفي الآونة الأخيرة، مُنِحَت "نيويوركر" جائزة بوليتزر عن التحقيق الذي أجراه رونان فارو في قضية المنتج السينمائي المدان هارفي وينستين، والذي كان وراء انطلاق موجة "مي تو" المناهضة للتحرش والاعتداء الجنسي في مختلف أنحاء العالم.

وترى أمينة معرض "قرن من نيويوركر" في المكتبة الكبرى في مانهاتن، جولي غوليا، أنها "أعمال (صحافية) رائعة غيرت فعلياً مجرى التاريخ الأميركي، وليس الصحافة الأميركية فحسب". لم يكن للمجلة في البداية مثل هذا الطموح عند صدور عددها الأول في 21 فبراير/ شباط 1925. ففي خضمّ العصر الذهبي لموسيقى الجاز، وفي المرحلة الفاصلة بين نشوة النصر في الحرب العالمية الأولى عام 1918 والكساد الكبير الذي حلّ عام 1929، أراد مؤسساها الصحافيان هارولد روس وجين غرانت، "مجلةً نابضة بالروح والتنوّع الكوزموبوليتي، مجلةً مُدُنية، لكنها لا تأخذ نفسها على محمل الجد"، على ما تروي المؤرخة لوكالة فرانس برس.

وبعد مرور مائة عام، تؤكد "نيويوركر" أن عدد مشتركيها وصل إلى 1,3 مليون مشترك، ولا يزال معظمهم أوفياء لنسختها المطبوعة بالإضافة إلى النسخة الرقمية. وهي إحدى المطبوعات الأساسية لمجموعة كوندي ناست الإعلامية التي تضم أيضاً "فوغ" و"فانيتي فير" و"جي كيو"، واشترت "نيويوركر" عام 1985. وعلى الرغم من تصنيفها نخبوية، تكيفت المجلة ذات التوجهات اليسارية مع العصر الرقمي، وركزت على الاشتراكات بدلاً من عائدات الإعلانات، على ما يوضح أخيراً في برنامج إذاعي رئيس تحريرها ديفيد رمنيك الذي يتولى منصبه منذ عام 1998.

وتشير جولي غوليا إلى أن "الأمر أكثر بكثير من مجرد صفحات يتلقاها الناس عبر البريد. إنه موقع إلكتروني، وبودكاست، ومهرجان ثقافي في الخريف". وتُشدّد على أنها "علامة تجارية حققت نجاحاً مذهلاً"، إذ تتوافر رسومها على شكل ملصقات وصور مجزأة (puzzles)، وتُطبع على حقائب اليد التي تُحمل على الأكتاف في شوارع نيويورك.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون