مجزرة في عكار إثر انفجار صهريج وقود: "لبنان بات مقبرتنا"

مجزرة في عكار إثر انفجار صهريج وقود: "لبنان بات مقبرتنا"

15 اغسطس 2021
مقتل 22 شخصاً وأُصيب 79 على الأقل بحروق (تويتر)
+ الخط -

قُتل 28 شخصاً وأُصيب العشرات بجروح جرّاء انفجار صهريج وقود في منطقة عكّار في شمال لبنان، على ما أعلن الصليب الأحمر، اليوم الأحد. ولم يتّضح على الفور سبب الانفجار. وانتشر الغضب والحزن سريعاً في لبنان الذي يعاني من أزمات متلاحقة تخنق المقيمين على أراضيه.

وكانت "الوكالة الوطنية للإعلام" قد نشرت قبيل الانفجار بساعات أن ما يُسمى "ثوار عكار" (محتجون مدنيون) عثروا على "مخزن كبير مموَّه، يحتوي على كميات كبيرة من مادتي المازوت والبنزين في خراج بلدة التليل، حيث دهموه وتحققوا من الكميات الكبيرة المخزنة فيه في أماكن متعددة".

وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في موقع الانفجار. وقال رجل في شريط فيديو نشرته إحدى وسائل الإعلام المحلية: "انظروا كيف تحترق الناس".

وانتشرت العديد من المقاطع التي تظهر مكان الصهريج عند مصادرته، كما ليلاً عند محاولة الحصول على وقود، وعند انفجاره، ولاحقاً بعد إخماد الحريق وسقوط الضحايا.

وانتشرت التحديثات الإنسانية بين أسماء المفقودين وعناوين المستشفيات التي تستقبل الضحايا كما الدعوات للتبرع بالدم والتبرع للمستشفيات والصليب الأحمر اللبناني، لكون القطاع الصحي في لبنان ينهار سريعاً بسبب الانهيار الاقتصادي.

وأوضح الصليب الأحمر على تويتر أنّ فرقه "نقلت 20 جثّة" من موقع انفجار صهريج وقود في عكّار إلى مستشفيات في المنطقة. وأضاف أنّ 79 شخصاً آخرين أصيبوا بجروح.

وتأتي هذه المأساة لتُضاف إلى مشاكل البلاد التي تعاني أزمة اقتصادية ونقصاً حاداً في الوقود أدى إلى شلل في المرافق العامة وسبّب انقطاع التيار الكهربائي لمدة 22 ساعة في اليوم. ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

ويعاني البلد منذ أسابيع طويلة نقصاً في المحروقات ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة، وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.

في وقت سابق السبت، تشكلت صفوف انتظار طويلة جداً أمام محطات الوقود، فيما اعترض مواطنون غاضبون صهاريج الوقود في بعض المناطق، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية.

وتساءلت الإعلامية روعة أوجيه: "كم شاب مات هالشهر بلبنان بسبب البنزين؟ اليوم حصيلة عكار الأقوى، ولكن لا ننسى من قضوا في إشكالات على محطات البنزين. أمس عامل محطة رفع قنبلة يدوية على طابور الناس التي اشتكت من إقفال المحطة وتوقفها عن ملء السيارات باكراً. لم يفجرها، لكن ماذا لو تهوّر وفعل؟".

المجزرة في عكار دفعت اللبنانيين إلى التغريد بغضب وحرقة عن الموت والقهر الذي يحاصرهم. كما كتبوا عن عكار المنكوبة منذ سنوات بسبب الإهمال الممنهج بحقها، فيما أشار آخرون إلى أنّ من يقطنون في لبنان هم مشاريع "جثث" في أي وقت.

وكتبت الإعلامية أماني جحا: "ريحة الموت عم تعفّ صارت بهالبقعة القاتلة من الكوكب. الناس صارت بس تبكي اولادها يا اولاد الحرام.. صرلها من ال ٧٥ بتبكي اولادها...". وغردت الناشطة عليا عواضة: "شو بدي قول لأولادي؟!... إخواتكم ماتوا كرمال البنزين…. #عكار. لا قلوبنا ولا عقولنا ولا أجسادنا بعد تحمل كل هذا الإجرام والقتل بحقّنا".

وغرّد الإعلامي ألبير كوستانيان: "#عكار_منكوبة وضحية الانهيار والتهريب والفلتان واللا دولة. أصبحنا بحاجة للجنة إدارة كوارث لا لحكومة. حزن شديد على الضحايا ورجاء لنهاية هذا المسلسل الأسود".

وأشارت الصحافية سناء الخوري إلى النكبة التي بدأت في عكار منذ زمن بسبب الإهمال والتحريض. وقالت: "المجزرة بعكار قديمة، مبلشة من زمان، هلأ بس بلشت تفجر بوجوه السلطة، وطلعت براس المعترين لي كانوا حد الصهريج. للعلم إنه مستشفيات المنطقة من تلاتين سنة غير مجهزة، طرقات المنطقة غير مجهزة للنقل، نسبة الفقر هي الأعلى بلبنان، انهيار من قبل الانهيار، وقاع من قبل القاع. تفضلوا". وأضافت: "الموضوع بعكار كتير حساس، وفي تسجيلات صوتية تتضمن تحريض طائفي، لأن صاحب الأرض من طائفة وصاحب الصهريج والقتلى من طائفة وضايعة الطاسة والعالم مرعوبة من التبعات. وعن جد فوق الموتة عصة قبر".

وكتبت إسلام الخطيب: "أعزينا جميعاً على كل هذه الخسارات، واستباقاً لكل ما سنواجه في المستقبل الذي لم يكن يوماً ملكنا. ولكن خطاب أننا مشروع 'جثث' يخيفني لأننا لا نعرف شيئاً عن الذين قتلوا في تفجير عكار، لا نعرف عن أحلامهم وطموحاتهم… علينا أن نحاول بلوغ مرتبة من الإرادة السياسية التي لا يمكن للموت قهرها".

وأثارت تصريحات السياسيين والمسؤولين غضباً أيضاً، نظراً إلى أنّهم لم يتحركوا للمساعدة سابقاً كما عاثوا فساداً ولم يؤمنوا أي خدمات للمواطنين، وبعد المجازر بحقهم لم يستقيلوا وحاولوا فقط التحريض.

وغرد زياد ماجد: "لا يمكن وصف المسؤولين  السياسيين في لبنان، ومعهم كثرة من المصرفيين ورجال الأعمال والدين بِغير "الحُثالة". كل عبارة أُخرى ليست لائقة ولا علمية ولا علاقة لها بدقّة التوصيف".

وكتب الصحافي سلمان العنداري: "مجزرة في عكار. نستيقظ على كارثة. لا كلام يعبّر عن الغضب والحزن.. الإهمال الرسمي مجدداً يقتل الناس!!.. #مجزرة_عكار". وأضاف: "بدأت تصريحات المسؤولين المقززة. استنكار وحزن مصطنع وتعبير عن غضب. هؤلاء تركوا عكار لعقود واليوم يتباكون. بلد متروك للتهريب والتهريج والتخزين والذل والقهر، ومسؤولون ببيانات مقززة كسياساتهم وإنكارهم للمأساة اليومية!!. اخرسوا ودعوا الناس بجراحها وآلامها ويومياتها. العار عليكم يا فشلة!!".

وقالت ديالا عبد الصمد: "لو كان هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها. ليه نواب الشمال من كوكب المريخ أو من تيار المستقبل؟ شاطرين يركضوا عأهل عكار وطرابلس بالانتخابات وبالأيام العادية تاركينن بلا مشاريع انمائية وبلا مستشفيات! الحكومات يلي ترأستها شو قدمت لعكار والشمال؟؟؟".

وكتبت مريم سيف رداً على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري: "تفضل استقيل انت ونوابك التزاماً بموقفك هيدا وسلموا حالكن للعدالة".

ووقع الانفجار في عكّار بعد أقل من أسبوعين على إحياء لبنان الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص. ونتج الانفجار من كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها. إلا أنّ التحقيق المحلي يراوح مكانه وسط اتهام الطبقة السياسية بعرقلته.

ودعت صفحات لمتظاهرين إلى الثورة بعد المجازر بحق اللبنانيين. وكتبت صفحة "لبنان ينتفض": "ما بدنا نبكي، ما بدنا ندفن، ما بدنا نودّع ونخسر حدا بقى.... بدنا ننتقم كرمال دم كل ضحيّة راحت وعم تروح كل يوم بسبب فساد واجرام سلطة #٤ آب... #عكار #مجزرة_١٤_آب".

وساد الغضب من محاولات تمييع القضية تماماً كما حصل مع انفجار مرفأ بيروت. وقال علاء قبلان: "قصة معلم التلحيم ما بتمرق في ساعات متأخرة من الليل. فالقداحة هي الحجة التالية".

وأشار مهند إلى أنّ "الأخطاء" لا تكون إلا على حساب الفقراء.

وأشار آخرون إلى أنّ لبنان بات مقبرتهم.

المساهمون