متحف البوسنة الوطني يخصّص ريع مخطوطة يهودية ثمينة لدعم سكان غزة
استمع إلى الملخص
- مدير المتحف، ميرساد سياريتش، يؤكد أن الخطوة ليست ضد اليهود بل هي رسالة معارضة لما يحدث في غزة، مشددًا على أن الحياد يعني الوقوف مع الشر.
- المخطوطة، التي تعود للقرن الرابع عشر، تعتبر رمزًا للتنوع في سراييفو، ونجت من النازية والحرب البوسنية، وتستمر في جذب الزوار والأكاديميين.
دافع متحف البوسنة الوطني عن قراره التبرّع بأموال يجنيها من عرض مخطوطة يهودية ثمينة لمساعدة سكان قطاع غزة، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأفاد بأن عائدات بيع التذاكر لرؤية "سراييفو هغادة" التي تعد من بين المخطوطات الدينية العائدة للعصور الوسطى الأعلى قيمة، سيجري التبرّع بها "لدعم سكان فلسطين الذين يعانون من إرهاب ممنهج ومحسوب ترتكبه دولة إسرائيل مباشرة وبدم بارد".
وأثارت الخطوة انتقادات حادة في وقت سابق هذا الشهر وجهتها منظمات يهودية اتّهم بعضها متحف البوسنة بمعاداة السامية. لكن مدير المتحف ميرساد سياريتش (55 عاماً) دافع عن القرار، مؤكداً أنه تلقى العديد من رسائل الدعم من يهود حول العالم. وقال لوكالة فرانس برس: "هل اخترنا أحد الجانبين؟ نعم قمنا بذلك".
ستتضمن تبرعات متحف البوسنة الوطني أيضاً ريع مبيعات كتاب عن الهغادة، وهو نص ديني يهودي يُقرأ على مائدة عيد الفصح. وشدّد سياريتش على أن الخطوة لا تستهدف اليهود "إطلاقاً"، بل هي رسالة معارضة لما يحصل في غزة. أضاف أن "التظاهر بالحياد يعني الوقوف مع الشر. ما يحصل في رأيي هو شر محض يتعيّن معارضته". وانتقدت عدة منظمات يهودية إعلان المتحف، من ضمنها "رابطة مكافحة التشهير" التي اعتبرت هذا الأمر "تسييساً" لـ"رمز للإرث والبقاء والتعايش".
ولطالما كانت الهغادة الموضوعة داخل خزانة زجاج في غرفة في المتحف مصممة خصيصاً للمخطوطة، رمزاً ثميناً للتنوّع في سراييفو ذات الغالبية المسلمة وحيث يقطن أقل بقليل من 1000 يهودي.
وتروي صفحات الهغادة المصنوعة من الرقّ والمحفوظة بعناية قصة خلق العالم وخروج العبرانيين من مصر. ويُعتقد أن المخطوطة العائدة إلى عام 1350 والمزيّنة بتفاصيل دقيقة كُتبت قرب برشلونة، وجلبها يهود طُردوا من إسبانيا عام 1942 إلى سراييفو. لاحقاً، نجت من النازية وتمّ الحفاظ عليها أثناء القصف الكثيف خلال الحرب البوسنية في التسعينيات.
ووصف رئيس الجالية اليهودية البوسنية، جاكوب فينشي، الخطوة بأنها "غريبة" و"مهينة نوعاً ما". كما اعتبر أنها "تشوّه سمعة سراييفو وسمعة سراييفو هغادة، الكتاب الذي كان شاهداً على مدى سنوات عديدة على طابع سراييفو المتعدد العرقيات وحياتنا المشتركة". تابع: "سمعت انتقادات كثيرة (للخطوة).. لم أر أي إشادات".
وبعدما بقي لسنوات طويلة محفوظاً في مكان آمن بعيداً عن الأنظار، بات الوصول إلى الكتاب ممكناً أكثر منذ فُتحت الغرفة الخاصة به عام 2018 بعد عملية تجديد غطّت فرنسا تكاليفها. وما زال يجذب الزوار والأكاديميين إلى المتحف.
وقالت عالمة المصريات الإيطالية، سيلفيا إناودي، بعدما اطلعت على المخطوطة: "أعتقد أنها وسيلة لدعم الفلسطينيين في غزة". من جانبه، قال الزائر الفرنسي بول إيليك: "غزة، لما لا؟"، مضيفاً: "إنها مسألة صعبة في الوقت الحالي. لكن هناك أيضاً العديد من الأماكن الأخرى حيث يعاني الناس".
وأدت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 22 شهراً في غزة إلى استشهاد نحو 63 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة.
(العربي الجديد، فرانس برس)