استمع إلى الملخص
- تعهد الزوجان بإعادة بناء المتحف بمساعدة المجتمع، حيث جمعت حملة تمويل جماعية عشرات الآلاف من الدولارات لتحقيق هذا الهدف، رغم الخسائر الكبيرة.
- لاقى الزوجان دعماً كبيراً من عشاق الأرانب والفنانين عالمياً، معربين عن أملهم في أن يعود المتحف أقوى وأكثر جمالاً.
تسببت الحرائق المدمرة التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية في أضرار جسيمة للعديد من المباني والإنشاءات والمعالم الرئيسية والتاريخية في معظم جنوب ولاية كاليفورنيا. بين هذه المعالم التي تضررت بشدة بسبب هذه الحرائق كان "متحف الأرانب"، وهو أحد المتاحف النادرة في ولاية كاليفورنيا، فهو المكان الوحيد في العالم المُخصص لكل شيء متعلق بالأرانب.
الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وتداولتها الصحف ومحطات التلفزيون تُظهر بوضوح حجم الدمار المروّع الذي لحق بهذا المتحف الذي احترق كل شيء فيه تقريباً.
تنطوي قصة إنشاء متحف الأرانب على جانب رومانسي. ففي أحد الأيام قبل 31 عاماً، أعطى الشاب الأميركي، ستيف لوبانسكي، زوجته المستقبلية، كانديس فرازي، دُمية صغيرة لأرنب هديةً رمزية بسيطة في عيد الحب. ومن هنا انطلقت الشرارة، فقد تحوَّلت هدية الشاب بعد الزواج إلى تقليد، ثم إلى شغف، وتحول هذا الشغف في ما بعد إلى أكبر مجموعة من دُمى وصور الأرانب في العالم. بعد سنوات، وجد الزوجان أنهما قد جمعا أكثر من 60 ألف قطعة متعلقة بالأرانب، من تماثيل قديمة ودُمى، إلى جانب أعمال فنية معاصرة، وأرانب محشوة ومجوهرات. بحلول عام 1998، قرر الزوجان تحويل شغفهما هذا إلى متحف عام ليُشاركهما الجميع في هذا العالم السحري. ومع الوقت، أصبح المتحف يُعرف باسم "أسعد مكان على الأرض"، محققاً رقماً قياسياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لكونه يضم أكبر مجموعة متعلقة بالأرانب على الإطلاق.
في لحظة واحدة، دُمّر هذا الحلم، وتحولت هذه المساحة المليئة بالألوان إلى رماد. لم يكن الحريق مجرد خسارة لمبنى، بل كان خسارة لعشرات الآلاف من الذكريات والقطع الفريدة التي جسدت العلاقة الرومانسية بين الزوجين.
لكن على الرغم من الكارثة، نجح الزوجان في إنقاذ عدد قليل من القطع التي تحمل قيمة عاطفية كبيرة، من بينها الأرنب الأول الذي أهداه الزوج إلى زوجته، كذلك أُنقذت مجموعة من التماثيل الأثرية. والأهم من ذلك، أن الزوجين نفسيهما قد نجوَا بروحيهما وأرواح أرانبهم الحية، ولكن بقلب مثقل بالحزن.
تشمل قائمة الأشياء التي فُقدت في الحريق أرنباً مرصعاً بالجواهر من الهند، والعديد من القطع الفنية التي تُقدَّر قيمتها بمئات الآلاف من الدولارات. غير أن قصة المتحف لم تنتهِ هكذا، إذ تعهد الزوجان بإعادة بناء المتحف في الموقع نفسه بمساعدة المجتمع. وقد جمعت حملة تمويل جماعية على موقع "غو فاند مي" بالفعل عشرات الآلاف من الدولارات، بهدف الوصول إلى 1.5 مليون دولار لإعادة هذا العالم السحري إلى الحياة.
أما أكثر ما أثار الإعجاب، فهو الدعم الكبير للزوجين المخلصين من أماكن مختلفة من العالم. تواصل عشاق الأرانب من جميع أنحاء العالم مع المتحف للتبرع بقطع جديدة أو تقديم المساعدة، وأعلن بعض الفنانين نيتهم تقديم أعمال فنية جديدة للمتحف بمجرد افتتاحه. من بين هؤلاء الفنانين، كانت الفنانة الأميركية ناتالي تيرس التي دُمّر عمل لها كانت قد تبرعت به قبل أشهر قليلة للمتحف. غير أن الفنانة أعربت عن نيتها التبرع بعمل فني جديد للمتحف بعد إعادة افتتاحه.
يصف الزوجان متحفهما بأنه كان أكثر من مجرد مجموعة مقتنيات؛ إذ كان ملاذاً للفرح والإبداع، فاعتاد الأطفال التجوال بين التماثيل العملاقة، وكان البالغون يستعيدون ذكريات طفولتهم، والفنانون يجدون الإلهام في كل زاوية. كان المكان ينبض بالحياة، بروح الأرانب الحية التي كانت تجوب القاعات بحرية، وبالقصص التي كان يرويها الزوار عبر الرسم والكتابة على أحد الأسوار المخصصة لذلك في حديقة المتحف.
يقول أحد المتابعين على صفحة المتحف، معلقاً على الصور المتداولة بعد الحريق، إن متحف الأرانب بالنسبة إليه يمثل شهادة على قدرة الشغف والإبداع على جمع الناس معاً، كذلك فإنه مرتبط بذكريات جميلة من طفولته.
فهل سيتمكن الزوجان المحبان من استعادة ذكرياتهما من جديد؟ تقول الزوجة إن الحب والشغف يصنعان المستحيل، مؤكدة أن المتحف سيعود، وقد يكون أقوى وأكثر جمالاً من قبل، ليثبت لنا جميعاً أن الحلم يمكن أن ينجو من النيران ويُبعث من جديد.