ما المرعب في هذه الدراما؟

ما المرعب في هذه الدراما؟

02 مارس 2022
من سلسلة The Walking Dead الصادرة حديثاً (نتفليكس)
+ الخط -

على يمين الشاشة، تقترح منصّة "نتفليكس"، خيارات عدّة، تُتيح للمشاهد أن ينتقي من بينها ما يريد أن يشاهده؛ مسلسلات، أفلام، الأعمال الصادرة حديثاً، الأعمال التي ستصدر قريباً. إضافة إلى ذلك، هناك خيار آخر، هو خيار البحث؛ حيث يمكن المُشاهد أن يكتب اسم فيلم أو مسلسل ما، أو يكتب اسم الفئة المفضلة لديه، لتظهر له قائمة بعدة أفلام ومسلسلات تنتمي إلى هذه الفئة. وقد يكتب مُشاهد ما، مفردة Horror، أي رعب.
يبحث هذا المُشاهد عن فيلم أو مسلسل رُعب، قد يساهم أحدهما بإثارته، ورفع مستويات الأدرينالين في دمه، وخوضه مغامرة، من المفترض أن تكون مشوقة ومربكة، إلا أنه يعرف جيداً أن التجربة هذه لن تكلّفه شيئاً سوى ما يدفعه من اشتراك شهري للمنصّة. أي إن التجربة لن تضعه في مخاطر حقيقية كالتي يواجهها أبطال العمل الدرامي، ولن تجعله عُرضةً للملاحقة من قِبل القتلة أو الأشباح، أو الزومبي، أو تلك الكائنات الفضائية التي تقتل سكّان الأرض. هو سيعيش هذا كله، من دون أن يهدّده ذلك واقعياً.
لكن، نتساءل في هذا السياق: هل ما زالت مسلسلات وأفلام الرعب، مرعبة حقّاً؟ أخيراً، أصدرت "نتفليكس" عدداً من هذه الأعمال، معظمها مسلسلات، منها "أرشيف 81"، وAll Of Us Are Dead، وFeria: The Darkest Light، والموسم الأخير من The Walking Dead. وتشير المنصّة، أيضاً، إلى اقتراب صدور الموسم الثاني من The Haunting of Hill House، والموسم الجديد من Stranger Things. وهناك كثير من الإصدارات الأخرى لن يسعنا ذكرها هنا.
عند مشاهدة معظم هذه الأعمال، سنكتشف أحد أمرين؛ إمّا أنها ليست فعلاً مسلسلات وأفلام رعب، بل إثارة وغموض، أو سنرى أنّها مجرّد رصف لعدد كبير من المشاهد السادية، قتل وذبح وتنكيل وجثث ودماء، من دون أن ينطوي العمل على شيء أو مقولة، سوى هذا العنف المجّاني الذي لا طائل منه. وأحياناً، تُصنّف "نتفليكس" بعض الأعمال على أنّها رُعب، فنتجنّبها. لكن، مع إلحاح المنصّة على اقتراحها لنا، نستسلم ونشاهدها، لنكتشف أنّها أعمال رائعة، ظُلمت بتصنيفها المتسرّع والساذج. لعلّ أبرز هذه الأعمال، فيلم The Lighthouse.


نعود، هنا، ونتساءل: هل ما زالت دراما الرعب مرعبة حقّاً؟ عند مشاهدة معظم تلك الأعمال، سنلاحظ أنّها عملٌ واحد، مضروب بعشرة، أو عشرين، أو مائة. الحبكة هي نفسها تقريباً في كلّ مرّة، والقصة العامة لا تتغيّر، ما يتغيّر فقط مصدر الرعب، فقد يكون موتى نهضوا من قبورهم وعادوا ليجتاحوا المدينة، بينما هناك مجموعة من الشبّان والشابات يحاولون محاربتهم والنجاة.

ربما، مصدر الرعب كائنات فضائية قرّرت أن تقضي على الكوكب، أو على منطقة معينة فيه، ولا بدّ أن يكون نزولها في الولايات المتحد دون غيرها. وقد يكون هذا الرعب، الزائف، متأتّياً من سلسلة أحداث ومصادفات غامضة، تبدأ بموت أحدهم (مراهق غالباً)، ونحاول، نحن المشاهدين، تتبّع واستكشاف خيط الأحداث هذه وما يربط بينها.

كذلك، ما قد يختلف بين عمل وآخر، بعض الأمور التقنية، إذ تتفاوت جودة الحبكة بين مسلسل وآخر، أو الإخراج. وأحياناً، يبقى الخندق الأخير للقائمين على هذه الدراما، هو السينماتوغرافي؛ إذ يأتون بمدير تصوير فذّ، ويأتون بمن يشيّد لهم مواقع تصوير لافتة وقوية بصرياً، ما يمنح الجمهور متعة في المشاهدة.
لكن، تبقى هذه الأعمال، في النهاية، سلسلة لامتناهية من التكرارات والتشابهات، ما يجعلها متوقعة في معظم الأحيان، وخالية من أي دهشة، أو قدرة على إثارة المشاهد، الذي يسعى وراء الأدرينالين.

المساهمون