مايكروسوفت تطرد موظفين من اجتماع لاحتجاجهم على التعاون مع إسرائيل

26 فبراير 2025
خلال احتجاج موظفي "مايكروسوفت"، 25 فبراير 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم طرد خمسة موظفين من مايكروسوفت بعد احتجاجهم على عقود الشركة لتوفير تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية للجيش الإسرائيلي، والتي استخدمت في عمليات عسكرية مثيرة للجدل.
- كشفت وثائق مسربة عن تعزيز التعاون بين مايكروسوفت وإسرائيل خلال العدوان على غزة، حيث زودت الشركة الجيش بخدمات سحابية وأنظمة ذكاء اصطناعي، مما أثار جدلاً حول تأثير هذه التقنيات على المدنيين.
- أظهر تحقيق أن أنظمة الذكاء الاصطناعي المدعومة من مايكروسوفت ارتكبت أخطاء في الترجمة والتحديد، مما أدى إلى "وفيات غير عادلة"، وزاد استخدامها بشكل كبير بعد 7 أكتوبر 2023.

طرد خمسة موظفين في شركة مايكروسوفت من اجتماع مع رئيسها التنفيذي ساتيا ناديلا، بعد احتجاجهم على عقود توفير خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية للجيش الإسرائيلي، وفقاً لما أوردته وكالة أسوشييتد برس اليوم الأربعاء. وجرى الاحتجاج الاثنين الماضي، بعدما كشفت "أسوشييتد برس" في تحقيق لها أن نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة من شركتي مايكروسوفت وأوبن إيه آي استُخدمت ضمن برنامج عسكري إسرائيلي لاختيار الأهداف (بنك الأهداف) خلال العدوان على غزة ولبنان. تضمن التحقيق أيضاً تفاصيل عن غارة إسرائيلية "خاطئة" قتلت 3 فتيات صغيرات وجدَّتهن جنوب لبنان، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

ووفقاً للوكالة، فإن الرئيس التنفيذي لـ"مايكروسوفت" ساتيا ناديلا كان يتحدث عن منتجات جديدة خلال اجتماع للموظفين في الحرم الرئيسي للشركة في ريدموند في واشنطن، عندما وقف الموظفون المحتجون على بعد نحو خمسة أمتار منه، وكشفوا عن قمصان كُتب عليها: "هل يقتل كودنا (code) الأطفال، ساتيا؟". وتُظهر لقطات للاحتجاج الذي بث مباشرة داخل الشركة أن ناديلا واصل حديثه من دون الالتفات إلى المحتجين، بينما نكز رجلان أكتاف المحتجين وأشارا لهم بالمغادرة.

وفي بيان وجهته "مايكروسوفت" لـ"أسوشييتد برس" تعليقاً على ما حصل، أكدت أنها "توفر سبلاً عدة لسماع كل الأصوات". وأضافت: "الأهم أننا نطلب أن يتم ذلك بطريقة لا تعطل الأعمال. وإذا حدث ذلك، نطلب من المشاركين الانتقال إلى مكان آخر. نحن ملتزمون بضمان حفاظ ممارساتنا التجارية على أعلى المعايير".

لكن الشركة لم ترد على سؤال "أسوشييتد برس" عما إذا كان الموظفون المشاركون في الاحتجاج سيواجهون إجراءات تأديبية. كما رفضت سابقاً التعليق على التحقيق الذي نشرته الوكالة الإخبارية الإميركية في 18 فبراير/شباط الحالي، حول عقودها مع الجيش الإسرائيلي.

منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصدرت الشركة بيانات عدة داعمة للاحتلال، وعرضت تبرعات لمنظمات إسرائيلية بينها جمعية "أصدقاء الجيش الإسرائيلي" غير الربحية. ومنحت موظفيها الإسرائيليين، البالغ عددهم 3 آلاف موظف، راتباً إضافياً قدره 3 آلاف دولار لتغطية "نفقات غير متوقعة".

في المقابل، طردت "مايكروسوفت"، في أكتوبر الماضي، موظفَين ساهما في تنظيم وقفة احتجاجية داخل مقرها في واشنطن، تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة. وقال حينها الموظفان المفصولان إنهما نظما الوقفة لـ"تكريم ضحايا الإبادة الجماعية في غزة ولفت الانتباه إلى تواطؤ مايكروسوفت في هذه الإبادة". من جهة ثانية، أعلنت "مايكروسوفت" في بيان عقب الحادثة أن عن "فصل بعض الموظفين وفقاً للسياسة الداخلية"، ورفضت إعطاء أي تفاصيل.

ماذا وفرت مايكروسوفت لجيش الاحتلال؟

"مايكروسوفت" من بين عمالقة التكنولوجيا الذين عززوا تعاونهم مع إسرائيل خلال عدوانها على غزة، إذ كشفت وثائق داخلية مسربة أن اعتماد جيش الاحتلال على تقنية الحوسبة السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة ارتفع بشكل كبير خلال المرحلة الأشد وحشية من حرب الإبادة على القطاع.

الوثائق المسربة التي كشفت عنها صحيفة ذا غارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة 972+ الإسرائيلية وموقع لوكال كول الإخباري العبري، في يناير/كانون الثاني الماضي، سلطت الضوء على كيفية دمج إسرائيل تقنيات "مايكروسوفت" في حرب الإبادة التي شنتها على الفلسطينيين في غزة، وكشفت كيفية تعميق الشركة الأميركية علاقتها مع جيش الاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023، عبر تزويده بخدمات حوسبة وتخزين أكبر وإبرام صفقات لا تقل قيمتها عن عشرة ملايين دولار لتوفير آلاف الساعات من الدعم الفني. كما قدمت نظرة جديدة إلى كيفية لجوء قوات الاحتلال إلى شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى لتلبية المتطلبات التكنولوجية للعدوان.

وأشارت الوثائق المسربة، التي تتضمن سجلات تجارية من وزارة الأمن الإسرائيلية وملفات من شركة فرعية إسرائيلية تابعة لـ"مايكروسوفت"، إلى أن منتجات وخدمات الشركة الأميركية، وخاصة منصة الحوسبة السحابية "أزور" Azure، استخدمتها وحدات في القوات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية، فضلاً عن مديرية الاستخبارات. في حين استخدم الجيش الإسرائيلي بعض خدمات "مايكروسوفت" لأغراض إدارية، مثل أنظمة البريد الإلكتروني وإدارة الملفات، تبين الوثائق والمقابلات أن "أزور" استُخدمت لدعم العمليات القتالية والاستخباراتية.

بصفتها شريكاً موثوقاً به لوزارة الأمن الإسرائيلية، كلفت "مايكروسوفت" بشكل متكرر بالعمل في مشاريع حساسة وسرية للغاية. كما عمل موظفوها بشكل وثيق مع مديرية الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك قسم التجسس النخبوي الذي يحمل اسم الوحدة 8200. أظهرت الوثائق أن "مايكروسوفت"، خلال السنوات الأخيرة الماضية، قدمت أيضاً للجيش الإسرائيلي إمكانية الوصول على نطاق واسع إلى نموذج "جي بي تي-4" الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة أوبن إيه آي، وذلك بفضل الشراكة بين الاثنين (مايكروسوفت وأوبن إيه آي).

"أخطاء" الذكاء الاصطناعي

كشف تحقيق "أسوشييتد برس" أيضاً أن جيش الاحتلال تلقى دعماً قوياً من "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي"، إبان الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وركز على الأخطاء في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان، بعد فحص بيانات من "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" ومقابلة مسؤولين إسرائيليين.

وبحسب المسؤولين، فإنه من الصعب للغاية اكتشاف متى ترتكب أنظمة الذكاء الاصطناعي أخطاء، حيث تستخدم بالاشتراك مع العديد من أشكال الذكاء الأخرى، بما فيها البشري، وأن هذا قد يؤدي إلى "وفيات غير عادلة".

التحقيق كشف أن القوات الإسرائيلية استخدمت البرامج لجمع المعلومات من خلال "المراقبة الجماعية" التي يتم نسخها وترجمتها، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والنصوص والبريد الصوتي، وفقاً لمسؤول استخباري إسرائيلي تحدث للوكالة. وقال المسؤول إن "مايكروسوفت أزور" يستخدم للبحث بسرعة عن المصطلحات في أجزاء ضخمة من النص، ما يسمح بالعثور على الأشخاص الذين يعطون الاتجاهات لبعضهم وتحديد مواقعهم بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي.

وأظهرت البيانات التي راجعتها "أسوشييتد برس" أنه منذ 7 أكتوبر 2023 استخدم الجيش الإسرائيلي نماذج شركة أوبن إيه آي "على نطاق واسع"، إلى جانب قدرات نسخ الكلام والترجمة.

يزعم الجيش الإسرائيلي أن ترجمات الذكاء الاصطناعي يفحصها أفراد يتحدثون اللغة العربية، لكن مسؤولاً إسرائيلياً تحدث إلى الوكالة حذر من أن الأخطاء ممكنة عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي. وذكر المسؤول أن الكلمة العربية التي تصف جزء القبضة على أنبوب إطلاق القذيفة الصاروخية هي نفسها "دفع"، في مثال لإحدى الحالات ترجمها الذكاء الاصطناعي بشكل غير صحيح ولم يلاحظ الشخص الذي يفحص الترجمة الخطأ في البداية. وأضاف أن البيانات المضافة إلى ملفات تعريف الأشخاص قد تكون غير دقيقة أحياناً، وأن النظام حدد بشكل غير صحيح نحو ألف طالب في المدارس الثانوية باعتبارهم "متشددين محتملين".

وحذر مسؤولون أيضاً من خطورة أن يحدد الذكاء الاصطناعي منزلاً لشخص على صلة بحركة حماس ولا يعيش فيه، وتحويله إلى هدف.

وفي السياق، فإن استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي من الشركتين زاد بنحو 200 مرة في مارس/ آذار 2024 مقارنة بما كان عليه قبل 7 أكتوبر 2023. كما تضاعفت كمية البيانات المخزنة من الجيش الإسرائيلي على خوادم "مايكروسوفت" بين مارس ويوليو/ تموز 2024، لتتجاوز 13.6 بيتابايت، في حين زاد الجيش استخدام هذه الخوادم بنحو الثلثين في شهرين فقط بعد 7 أكتوبر 2023.

وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها الوكالة أن "مايكروسوفت" وقعت عقداً مدته ثلاث سنوات بقيمة 133 مليون دولار مع وزارة الأمن الإسرائيلية في 2021، ما يجعل إسرائيل ثاني أكبر عميل عسكري للشركة بعد الولايات المتحدة.

المساهمون