مارسيليا في "كانّ الـ74": شخصيةٌ لا مجرّد مدينة

مارسيليا في "كانّ الـ74": شخصيةٌ لا مجرّد مدينة

16 يوليو 2021
حفصية حرزي: ابنة مارسيليا تجعل مدينتها حكاية سينمائية (كريستوف سيمون/ Getty)
+ الخط -

"مارسيليا تُسحِر السينمائيين في العالم كلّه. كثيرون منهم يمنحونها الدور الأول في أفلامهم"، كالحاصل في 3 أفلام حديثة الإنتاج، معروضة في الدورة الـ74 (6 ـ 17 يوليو/ تموز 2021) لمهرجان "كانّ" السينمائيّ: "أم صالحة (Bonne Mere)" لحفصية حرزي، وBac Nord لسيدريك خيمينيز (المخرجان من مرسيليا نفسها)، و"مياه راكدة (Stillwater)"، للأميركي توم ماك كارثي (الأول في قسم "نظرة ما"، والفيلمان الآخران خارج المسابقة).

في تقرير لوكالة "فرانس برس" (9 يوليو/ تموز 2021)، تُذكر أسماء مخرجين عديدين يأتون إلى "المدينة ـ الميناء المحتدمة والغامضة، المُظلمة والمشمسة، المتمرّدة والشعبية": جان رونوار، وألفرد هيتشكوك، وستيفن سبيلبيرغ، وجان ـ بيار ملفيل، وجاك دُري، ولوك بوسّون. يُضيف التقرير: "في 10 أعوام، تضاعف التصوير فيها 3 مرّات، بحسب بيانٍ لبلديّتها. المدينة الثانية في فرنسا تستقبل أكبر عددٍ من الفرق السينمائية بعد باريس". نجاحٌ كهذا مُثير للذهول في مدينة الـ870 ألف شخصٍ، التي "تمزج (في ذاتها) مناظر مدينية (المرفأ في قلب المدينة) وأخرى طبيعية".

 

 

تناقضات تتكامل في ما بينها، ومدينةٌ مفتوحةٌ على أناقة عيشٍ وفساد مافيات واشتغال عصابات. في "مياه راكدة"، تظهر اختلافات الثقافة والنظام القضائي والاجتماع بين أبٍ أميركي (مات دايمون) يأتي سريعاً إلى تلك المدينة الساحلية لـ"إنقاذ" ابنته (أبيغايل برَزْلِن) من السجن، بعد اتّهامها بجُرمٍ تقول إنّها لم ترتكبه. بِلْ بايكر يعمل في مجال النفط في أوكلاهوما. يتخلّى عن كلّ شيءٍ من أجل "تبرئة" أليسّون، ابنته التي بالكاد يعرفها. انتصاره لها يُلغي مسافاتٍ بينهما، وفي رحلته تلك يلتقي فرجيني (كاميل كوتّان). معهما، يتمكّن من بلوغ مرحلة وعي أكبر للمكان وتاريخه وجغرافيته وثقافته، وللعالم أيضاً، ولعلاقته بالمرأتين معاً.

في هذا، تظهر مارسيليا جزءاً أساسياً. يقول مشاهدو الفيلم إنّها "تُصبح شخصيّةً لا مجرّد مساحة جغرافيةٍ لأحداثٍ تحصل فيها". تماماً كما في فيلم خيمينيز، المستوحى من فضيحة "فرقة مكافحة الجريمة" في المدينة نفسها، المؤدّية إلى إحالة 18 عضواً فيها إلى المحاكمة بتهمتي تهريب المخدّرات والابتزاز. هذا حاصلٌ عام 2012، في الأحياء الشمالية للمدينة، التي تشهد حينها "أعلى معدّل للجريمة في فرنسا". الفرقة المذكورة تجهد في تحسين أدائها ضد الجرائم، لكنّ أفراداً عديدين يتورّطون في أعمال فاسدة، قبل انقلاب العدالة عليهم، بسبب عبورهم "الخط الأصفر"، فتصعب عليهم العودة إلى الوراء.

في الأحياء الشمالية نفسها، تواجه نورا (حليمة بن حامد)، مدبّرة منزل في الخمسينيات من عمرها، عالماً مليئاً بالجرائم والأكاذيب والعنف والفوضى، إذْ "يتورّط" ابنها إليَاس (مراد طاهر بوسَطْحَة) في سرقة محطة بنزين، فيُلقى القبض عليه، ويُوضع في السجن بانتظار محاكمته. تكافح نورا كي تُخفِّف عنه ثقل الانتظار والقلق والخوف، مانحةً إياه بعض الأمل. في "أم صالحة"، تنخرط مارسيليا، أكثر فأكثر، في ثنايا الحكاية والمَشاهِد والتفاصيل.

المساهمون