مؤسسات حقوقية تطالب مصر بالتوقف عن الرقابة على الإنترنت

مصر: 29 مؤسسة حقوقية تطالب السلطات بالتوقف عن الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع

04 نوفمبر 2020
طالبت برفع الحجب عن المواقع (Getty)
+ الخط -

دانت 29 مؤسسة حقوقية مصرية، في بيان مشترك، حجب السلطات المصرية لنحو 600 موقع منذ مايو/أيار 2017، بينها منصات إعلامية وسياسية وحقوقية، ويعد حجبها انتهاكاً لحق المستخدمين في المعرفة وحرية التعبير.

وقد استخدمت السلطات معدات من شركة "ساندفين" Sandvine لتسهيل ممارسات حجب مواقع الويب، ولدى الشركة الأميركية تاريخ مسجل في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بإنتاج وبيع معدات للمراقبة والرقابة على الإنترنت.

وأكدت المنظمات المُوقعة على البيان الصادر اليوم الأربعاء، أن النصوص القانونية المرنة والمطاطة التي سنّتها السلطات في مصر لتبرير الحجب، خاصة قانون تنظيم الصحافة والإعلام وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادرين عام 2018، هي نصوص تخالف الدستور المصري والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقّعت عليها الحكومة المصرية، ويجب إلغاؤها.

كانت السلطات المصرية قد بدأت بحجب 21 موقعاً إعلامياً في 24 مايو/أيار 2017، دون سند قانوني، كما لم تعلن السلطات عن الجهة أو الجهات الإدارية التي أصدرت قرار الحجب ولا عن الجهة المنوط بها تنفيذه أو الجهة التي يجوز التظلم أمامها من هذا القرار التعسفي.

استخدمت السلطات معدات من شركة "ساندفين" Sandvine لتسهيل ممارسات حجب مواقع الويب

ثم استمرت السلطات في ممارسة الحجب والرقابة على الإنترنت على نطاق واسع حتى وصلت المواقع المحجوبة إلى 628 رابطًا في مصر على الأقل، منها 596 موقعًا و32 رابطًا بديلًا استخدمته المواقع المحجوبة للوصول إلى جمهورها.

لكن البداية الحقيقية للحجب، كانت مع حجب "العربي الجديد" في ديسمبر/كانون الأول 2015، ولا يزال محجوبًا في مصر إلى اليوم. 

وتضم قائمة المواقع المحجوبة 116 موقعًا صحافيًّا وإعلاميًّا و349 موقعًا يُقدِّم خدمات تجاوز حجب المواقع (Proxy وVPN) و15 موقعًا يتناول قضايا حقوق الإنسان و11 موقعًا ثقافيًّا و17 موقعًا يُقدِّم أدوات للتواصل والدردشة و27 موقعاً للمعارضة السياسية وثماني مدونات ومواقع استضافة مدونات، و12 موقعًا لمشاركة الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى عدد آخر من المواقع المتنوعة.

وكان البرلمان المصري قد أصدر القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي تُعطي المادة السابعة منه سلطة حجب مواقع الوب لجهات التحقيق بعد أخْذ موافقة من المحكمة، بالإضافة إلى إعطاء جهات التحري والضبط (جهاز الشرطة) سلطة إخطار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحجب مؤقت للمواقع في حالة الاستعجال لوجود خطر حالٍ أو ضرر وشيك الوقوع من ارتكاب جريمة، وتستخدم هذه المادة ألفاظا فضفاضة عديدة على أثرها يمكن حجب المواقع، مثل: الأمن القومي أو تعرُّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر.

ثم أصدر البرلمان أيضا القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام، والذي أعطى للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (الجهة المنوط بها تنظيم قطاع الإعلام في مصر) سلطة حجب مواقع الوب للعديد من الأسباب، منها نشر أو بث أخبار كاذبة، أو ما يحرض على مخالفة القانون أو يدعو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعنًا في أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم، أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.

ولا يقتصر تطبيق نص المادة على الوسائل الإعلامية فقط، حيث يُمكن تطبيقها على كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر.

تضم قائمة المواقع المحجوبة 116 موقعاً صحافيّاً وإعلاميّاً و349 موقعاً يُقدِّم خدمات تجاوز حجب المواقع و15 موقعاً يتناول قضايا حقوق الإنسان

يُذكر أن هناك عددًا من الدعاوى التي أقامتها منظمات حقوقية ومنصات صحافية وإعلامية ضد تلك القوانين، مثل الدعوى التي تقدمت بها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بسبب حجب موقع (العربي الجديد)، ودعوى تقدمت بها مؤسسة حرية الفكر والتعبير والتي تطالب بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع السلطات عن الإجابة بصورة رسمية عن قرار حجب عدد من المواقع، كما طالبت هذه الدعوى بإلزام السلطات بتوضيح الأسباب الإدارية والفنية التي أدت إلى حجب المواقع.

ووفقًا للتعليق العام رقم 34 لعام 2011، أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن فرض حظر عام على تشغيل بعض المواقع والأنظمة يتعارض مع الفقرة الثالثة من المادة 19. كما أنه يتعارض مع نفس الفقرة المذكورة أعلاه “منع موقع أو نظم لنشر المعلومات من نشر مواد معينة لسبب لا يزيد عن كو نها تنتقد الحكومة أو النظم الاجتماعية والسياسية التي تتبناها الحكومة”.

في عام 2011، في إعلان مشترك حول حرية التعبير والإنترنت مع نظرائه على المستوى الإقليمي، أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير أن قرارات الحجب تشبه قرارات إغلاق القنوات الإذاعية أو التليفزيونية أو حظر الصحف من النشاط. لذلك، لا يمكن قبول اتخاذ مثل هذه القرارات إلا في الحالات القصوى، مثل نشر محتوى يحتوي على اعتداءات جنسية ضد أطفال.

وانتهت المنظمات إلى أن "استخدام السلطات المصرية لتقنية الفحص العميق للحزم في البنية التحتية التي تسمح بمنع الاتصال أو ممارسة الرقابة يشكل انتهاكًا خطيرًا للمادة 71 من الدستور المصري، التي تنص على أنه: يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها".

وطالبت المنظمات المُوقعة على البيان السلطات المصرية بـ"التوقف تماما عن حجب مواقع الوب ورفع الحجب عن المواقع المحجوبة، والإعلان عن السند القانوني الذي حُجب على أساسه أكثر من 600 موقع خلال الثلاث سنوات الماضية".

كما طالبت المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بالتوقف عن "توقيع أي جزاءات بحجب مواقع الوِب التي تُقدِّم محتوًى صحافيًّا وإعلاميًّا وحقوقيا حيث إن ذلك يُعتبر مُخالفة دستورية وانتهاكًا لحق المواطنين في المعرفة".

إلى ذلك، طالبت أيضًا بـ"إلغاء نصوص قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات التي تُعطي لأجهزة الدولة سلطة حجب المواقع على أساس اتهامات فضفاضة وغير مُحدّدة. والتوقف عن شراء واستخدام معدات المراقبة والرقابة التي تُستخدم لتقييد الحريات على الإنترنت".

المساهمون