استمع إلى الملخص
- يوضح الوثائقي كيف تُنتج الشركات منتجات بعمر افتراضي قصير لزيادة الاستهلاك، مثل المصابيح والمنتجات التكنولوجية، وتدمير المنتجات غير المباعة.
- يسلط الضوء على خدعة "إعادة التدوير" حيث لا تُعاد تدوير معظم المنتجات فعلياً، مشيراً إلى "الغسيل الأخضر" الذي يهدف لتهدئة ضمير المستهلكين.
تبث منصة نتفليكس فيلماً وثائقياً يحمل عنوان "الشراء الآن: مؤامرة التسوق" (Buy Now! The Shopping Conspiracy) الذي يكشف أننا نخضع إلى مجموعة من الدراسات والأبحاث، لتدفعنا نحو التسوق والاستهلاك بصورة تفوق حاجتنا بمئات المرات، لنخلف نفايات بملايين الأطنان، لا مكان للتخلص منها، بل هي تتراكم حتى اللحظة التي ستغرقُنا.
الوثائقي قائم على مجموعة من المقابلات مع مهندسي عمليات الاستهلاك في "أمازون" و"أديداس" وغيرها. ويكشف كيفية الاستفادة من عاداتنا التسوقيّة من أجل دفعنا إلى الشراء أكثر. تقول موظفة سابقة في "أمازون" إن الهدف هو "جعل الزمن بين رغبتك بشراء شيء وشرائك إياه لا تتجاوز الثواني المعدودة"، في إشارة إلى ميزة "اشتر بضغطة واحدة" التي يستخدمها "أمازون" للإيقاع بنا في حبائل الاستهلاك، وتقديم شكل الموقع بصورة تخلق الرغبة بالشراء لدى كل شخص على حدة، إذ تُصمّم الصفحة لكل مستهلك اعتماداً على عاداته السابقة، في مقاربة تبدو مرعبة حين نعلم أننا أمام فخ مُصمّم علمياً كي نشتري، ونتخلّص مما ابتعناه، ثم نشتري أكثر وأكثر.
يحوي "الشراء الآن: مؤامرة التسوق" إحالات إلى وثائقي "الدليل المنحرف إلى الأيدولوجيا" (The Pervert's Guide to Ideology) الذي يلعب بطولته الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك، خصوصاً عند الحديث عن الإعلانات، وكيف أنها تخفي وراءها رسائل تتلخص بـ"اشتر أكثر" و"استهلاك أكثر"؛ فخلف الحكايات ونمط الحياة الذي تعد به المنتجات، لا شيء هناك سوى الربح، وإنتاج المزيد مما لا نحتاجه. باختصار، الهدف هو خلق الرغبة بغرض لا نحتاجه حقيقة من أجل شرائه.
يشير الوثائقي إلى السياسات التي تتبعها شركات التصنيع لزيادة الاستهلاك عبر خلق منتجات ذات عمر محدد، أو ما يسمى زمن انتهاء الاستخدام. ويضرب مثالاً بالمصابيح التي اتفق مصنوعها على أن يكون عمرها أقصر كي نشتري منها كميات أكبر، الأمر الذي ينطبق على أغلب المنتجات التكنولوجية حالياً، ذات العمر القصير نسبياً، فتكون مصممة كي تتوقف عن العمل بعد مدة محددة، ليس للتوفير، بل من أجل أن نشتري أكثر، كما يشير إلى تخريب المنتجات من ثياب وطعام بصورة مقصودة حين ينتهي موسمها، ولو كانت جديدة وصالحة للاستخدام.
يكشف لنا "الشراء الآن: مؤامرة التسوق" عن أن الشركات التكنولوجيا، كـ"آبل" مثلاً، عملت بوعيٍ على مهاجمة ثقافة "الإصلاح" عبر خلق جهاز "كامل" لا يمكن فكه أو إصلاحه، وما إن يتعطل حتى يرمى أو يستبدل. ثقافة الإصلاح هذه تُحارَب بشدة إما عبر القضاء على الجهاز أو عدم صنع قطع الغيار، أو عدم وضع كتيب يشرح آلية عمل القطع داخل الهاتف مثلاً. بصورة ما، هي حرب ضد إطالة زمن السلعة، والتعامل معها بوصفها منتجاً يتألف من كتلة واحدة لا يمكن مسه أو إصلاحه إلّا بأيدي المختصين. لكن الأفضل والأسرع رميه وشراء غيره.
المعلومة الأكثر إثارة للرعب التي يشير إليها الوثائقي هي أن أغلب السلع التي تحوي علامة "قابل لإعادة التدوير" ليست إلا كذباً، إذ ينتهي 97% من المنتجات البلاستيكية مدفونة في الأرض أو تحرق أو ترمى بعيداً. إعادة التدوير، من وجهة نظر الوثائقي، ليست إلا خدعة تمارس علينا كي لا نشعر بتأنيب الضمير، وهي جزء من آليات "الغسيل الأخضر" التي تدعي عبرها الشركات أنها تؤدي واجبها تجاه الكوكب الذي تخربه. بصورة ما، المعادلة ببساطة كالآتي: "اشتر أكثر، لا تقلق، ما تشتريه قابل لإعادة التدوير"، وهي معادلة كاذبة هدفها فقط نفي الذنب عنا حين نشتري.
يحاول "الشراء الآن: مؤامرة التسوق" توجيه اللوم إلى الشركات الكبرى عوضاً عن المستهلكين أنفسهم بوصفهم المذنبين، خصوصاً أن الشركات هذه تعمل ليلاً نهاراً على تطوير أدوات تدفعنا إلى الشراء إلى حد زراعة الرغبة بالاستهلاك في عقولنا، بالتالي المذنب الرئيسي هو الشركة التي تصنع الأكياس البلاستيكية، وليس من يشتريها.