لماذا يصوّت الرجال والنساء بشكل مختلف في الانتخابات؟

لماذا يصوّت الرجال والنساء بشكل مختلف في الانتخابات؟

24 أكتوبر 2020
من الانتخابات التشريعية التونسية الأخيرة عام 2019 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

في أغلب الديمقراطيات حول العالم، تصوّت النساء بشكل مختلف عن الرجال، يسمّى هذا الاختلاف بالفجوة الجندرية.

مسببات هذه الفجوة مختلفة، ومرتبطة بثقافة كل بلد، لكن جذورها بشكل أساسي تعود إلى الاهتمامات المختلفة بين النساء والرجال، وتطلّعات كل طرف منهما إلى الإنجازات التي يجب على السياسي تحقيقها، رئيساً كان، أم نائباً، أم عمدة ورئيس بلدية.

في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأثناء جولاته الانتخابية، توجّه الرئيس الأميركي والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب إلى نساء مدينة جونستاون في فيلاديلفيا قائلاً لهنّ "هل بإمكاني أن أطلب منكنّ خدمة يا نساء الضواحي؟ أرجوكن أحبِبْنَني".

تختصر هذه الجملة ورطة الرئيس مع النساء، حيث تظهر إحصاءات شركة "بيو" للأبحاث أنّ الفجوة الجندرية باتت أعمق وأوسع في هذه الانتخابات الأميركية التي يتنافس فيها ترامب مع المرشح الديمقراطي جو بايدن.

تميل النساء إلى الإدلاء بأصواتهن بناءً على ما يعتبرنه فائدة عامة للأمة ولمجتمعاتهن بينما الرجال أكثر اهتمامًا بأنفسهم

"عادة ما تفكّر النساء في انعكاس الانتخابات على رفاهية البلد بشكل عام، أما الرجال فيفكرون بشكل شخصي أكثر، يهتمون بانعكاس الانتخابات على جيوبهم (أموالهم)، وعليهم شخصياً" تقول أستاة العلوم السياسية في "واشنطن كوليدج" في ماريلاند، ميليسا ديكمان، لصحيفة "نيويورك تايمز".

ما تقوله ديكمان تؤكّده عشرات الدراسات الأكاديمية عن الفجوة الجندرية التي تصل أغلبها إلى نتائج متشابهة، إذ تكشف ميل النساء إلى الإدلاء بأصواتهن بناءً على ما يعتبرنه فائدة عامة للأمة ولمجتمعاتهن، بينما الرجال أكثر اهتمامًا بأنفسهم.

في الولايات المتحدة أيضاً، كشفت الانتخابات في العقود الأربعة الأخيرة أن النساء يملن للحزب الديمقراطي، بينما يميل الرجال إلى الحزب الجمهوري. فما هي القضايا التي تختلف فيها مقاربات النساء والرجال عند الإدلاء بأصواتهم؟ أهمها دور النساء في سوق العمل، ثمّ الرعاية الاجتماعية الخاصة بالأطفال وكبار السنّ، ثمّ تراخيص الأسلحة للمدنيين، وعقوبة الإعدام، وزواج المثليين، حيث تبدو النساء أكثر ليبرالية من رجال.

لكن هذه الليبرالية لا تنسحب على كل المواضيع، فنرى بحسب دراسة نشرتها مجلة Psychology Today  عام 2014، أنّ النساء أكثر تحفظًا من الرجال عندما يتعلّق الأمر بتشريع حشيشة الكيف، ومشاهدة المواد الإباحية، وممارسة الجنس قبل الزواج.

ميل النساء يساراً في قضايا عدة، ليس حكراً على الولايات المتحدة. ففي الديمقراطيات الأوروبية كذلك، تجنح النساء نحو التصويت ضد الأحزاب اليمينية

أما القضايا التي تكاد تختفي فيها الفجوة بين الجنسين، فمرتبطة بالإجهاض، والتمييز العرقي، والهجرة، والحفاظ على البيئة، والإنفاق العسكري.

ميل النساء يساراً في قضايا عدة ليس حكراً على الولايات المتحدة. ففي الديمقراطيات الأوروبية كذلك تجنح النساء نحو التصويت ضد الأحزاب اليمينية.

وبحسب موقع "سويس إنفو"، فإنّ هذا الواقع تأكد في دورتي الانتخابات البرلمانية السابقتين في السويد والنرويج وهولندا، وسويسرا. أما السبب فهو أنّ "النساء أكثر تقدمًا من نظرائهن الرجال عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاجتماعية والبيئية والجنسانية". في سويسرا على سبيل المثال صوّتت النسبة الكبرى من السويسريات في انتخابات مجلس النواب عام 2015 لمرشحين من الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" اليساري وحزب "الخضر" أكثر من الرجال.

ماذا عن العالم العربي؟ لا دراسات واضحة تكشف اتجاهات التصويت عند النساء، خصوصاً أنّ قسماً كبيراً من الأنظمة منحت النساء حق التصويت قبل سنوات قليلة. لكن التجربة التونسية على سبيل المثال تكشف التماهي مع الاتجاهات الاجتماعية الغربية. ففي انتخابات عام 2014، وبعد فوز الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، خرجت أخبار وتحليلات (لم تؤكّد بشكل علمي) تقول إنّ مليون امرأة صوّتن له، خصوصاً أنه كان يقدّم نفسه على اعتبار أن كثيرين كانوا يصنّفونه وريثاً للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة واضع قانون الأحوال الشخصية الأكثر ليبرالية وإنصافاً للنساء في العالم العربي.

المساهمون