لماذا يثير تطبيق ديبسيك الصيني مخاوف دول حول العالم؟

17 فبراير 2025
شعار تطبيق ديبسيك على هاتف محمول، 27 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار نموذج الذكاء الاصطناعي "ديبسيك" من شركة صينية ضجة عالمية، مما أدى إلى خسائر مالية للشركات الأمريكية، بينما اتخذت دول مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية إجراءات صارمة ضده بسبب مخاوف تسريب المعلومات.
- تتعلق المخاوف الرئيسية بشروط استخدام "ديبسيك" التي تسمح بمشاركة البيانات الشخصية، مما يثير القلق بشأن الخصوصية والأمن القومي، خاصة مع إلزام الشركات الصينية بتوفير البيانات للحكومة.
- رغم القيود، تواصل الصين استثماراتها في البحث والتطوير، حيث أظهر "ديبسيك" كفاءة باستخدام شرائح H800، مما يدفع الحكومات لتعزيز استثماراتها في التكنولوجيا.

منذ ظهوره لأول مرة في يناير/ كانون الثاني الماضي، أثار نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة ديبسيك الصينية ضجة حول العالم، وأدى إلى انقلاب في القطاع التكنولوجي الصاعد وخسارة كبرى الشركات الأميركية مليارات الدولارات من قيمتها.

في الوقت نفسه، بدأت الجهات الحكومية من إيطاليا إلى كورية الجنوبية باتخاذ إجراءات صارمة ضد التطبيق الصيني، بحجة منع تسريب محتمل للمعلومات من خلال البرنامج.

ما الدول التي حظرت "ديبسيك"؟

إيطاليا أوّل دولة اتخذت إجراءات ضد "ديبسيك" في نهاية يناير الماضي، إذ فتحت تحقيقاً حول التطبيق الصيني، مشيرةً إلى أنّها تهدف إلى منعه من الوصول إلى بيانات المستخدمين الإيطاليين. هيئة حماية البيانات الإيطالية سبق وحظرت المنافس الأميركي "تشات جي بي تي" لفترة وجيزة عام 2023.

بعدها، تحديداً في الأول من فبراير/ شباط الحالي، حظرت تايوان على موظفي القطاع العام استعمال "ديبسيك"، كما منعت استخدامه في مرافق البنية التحتية الرئيسية، بحجة أنه منتج صيني من الممكن أن يعرض الأمن القومي للخطر. وأصدرت أستراليا في الخامس من الشهر نفسه قرارات مشابهة. بعدها بأيام، حظرت الحكومة الكورية الجنوبية استعمال "ديبسيك" في وزاراتها أو من قبل قوات الشرطة، مستشهدة بالمخاطر الأمنية المحتملة. كما أعلنت، الاثنين، أن التطبيق لن يكون متاحاً على متاجر التطبيق حتى الانتهاء من إجراء مراجعة لكيفية معالجته البيانات الشخصية. 

أما في الولايات المتحدة، فقد تحرك أعضاء الكونغرس لتقديم "قانون عدم استخدام ديبسيك على الأجهزة الحكومية"، ورأى النائب دارين لحود أن التهديد للأمن القومي الذي "تشكله الشركة التابعة للحزب الشيوعي الصيني للولايات المتحدة مثير للقلق"، حسب تعبيره.

كما صدر قرار بحظره في عدد من الولايات، مثل تكساس وفيرجينيا ونيويورك. وقال حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، إن المعلومات الشخصية "يجب حمايتها من عمليات التجسس الخبيثة التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني".

ما أسباب التوجس؟

تضم لائحة شروط وأحكام استخدام "ديبسيك" قسماً حول توفير البيانات الشخصية لأطراف ثالثة، بشكل مشابه جداً لم تعلنه لائحة الشروط والأحكام الخاصة ببرنامج تشات جي بي تي، المملوك لشركة أوبن إيه آي الأميركية.

لكن، في حين تقاوم الشركات الأميركية عادةً طلبات الحكومة بالحصول على البيانات، يحصل العكس في الصين، بحسب أستاذ أمن البيانات في جامعة سونشون هيانغ، هيونغ يول، الذي نبه إلى أنه "عندما تطلب الحكومة الوصول إلى بيانات أحد المستخدمين، تكون الشركات ملزمة قانوناً بتوفيرها"، وأضاف أن "غالباً ما يؤثر هذا التمييز بين احترام خصوصية المستخدم وتوفير الوصول الحكومي على ثقة الدول في الشركات".

هل المخاوف مبررة؟

قالت خبيرة الذكاء الاصطناعي التايوانية والأمينة العامة لأكاديمية الذكاء الاصطناعي التايوانية، إيزابيل هو، لوكالة فرانس برس إن شركة ديبسيك "تتبنى سياسة تتماشى مع القيم الأساسية للاشتراكية". وأضافت: "على سبيل المثال، يجب أن تكون الاستفسارات الحساسة حول أحداث ميدان السلام السماوي عام 1989 أو استقلالية تايوان عن بر الصين الرئيسي، والتي عادةً ما تخضع للرقابة في الصين، متاحة عند استخدام ديبسيك في دولة أخرى. لكننا وجدنا أن التطبيق يستخدم في الواقع مجموعة القواعد نفسها عند تقديم خدماته في الخارج".

من وجهة نظر الصين فإن القيود المتزايدة على برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لا تعكس مخاوف أمنية وطنية مشروعة، لكنها تسلط الضوء على "تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية"، لافتةً إلى أنّ الحكومة الصينية "لن تطلب أبداً من الشركات أو الأفراد جمع أو تخزين البيانات بشكل غير قانوني".

بدوره، أشار أستاذ الدراسات الصينية في جامعة يونجين، بارك سونغ تشان، لوكالة فرانس برس، إلى أن الصين بذلت جهوداً هائلة واستثمرت بقوة في البحث والتطوير خلال السنوات الأخيرة، ولفت إلى أن "برنامج مثل ديبسيك لا يمكن أن يظهر بين ليلة وضحاها".

وفقاً لبيانات غرفة التجارة الكورية، احتلت الصين المرتبة الثانية بين أكبر المستثمرين في البحث والتطوير في العالم بعد الولايات المتحدة، لكنها أظهرت أكبر نمو، حيث ارتفع حجم استثماراتها بأكثر من 11 ضعفاً على مدى العقد الماضي. قال سونغ تشان: "أرى أن إصدار نموذج ديبسيك آر 1 كان خطوة محسوبة أعدت قبل عهد دونالد ترامب، ويجب الحذر من الموجتين الثانية والثالثة من النموذج".

ماذا بعد؟

أدى كشف شركة ديبيسيك عن استخدامها شرائح H800 الأقل تطوراً والمسموح ببيعها للصين حتى عام 2023 بموجب ضوابط التصدير الأميركية لتشغيل نموذج التعلم الكبير الخاص بها إلى اضطراب في السوق، خاصة في كوريا الجنوبية وتايوان اللتين تصدرا أشباه الموصلات، واللتين كانتا تعيشان حالة من الازدهار بفضل بيع الرقائق المتطورة. 

وقال أستاذ الاقتصاد الصيني في جامعة سونغ كيون كوان، بارك كي سون، لوكالة فرانس برس: "إذا استخدمت ديبسيك H800 حقاً، فهذا يعني أنه حتى بدون أشباه الموصلات المتطورة، يمكن تحقيق نتائج مماثلة مع أشباه الموصلات العامة إذ كان البرنامج جيداً". وأضاف: "تستثمر دول مثل الولايات المتحدة والصين كميات هائلة من المواهب والموارد في تطوير البرمجيات"، مضيفاً أن التطبيق الصيني "أظهر للحكومات أنها بحاجة إلى تعزيز هذا الأمر بشكل أكبر وتوفير الدعم لتعزيز هذا النمو".

المساهمون