"لد" في بيروت: مجزرة تُستعاد لتوثيق ذاكرة وراهن

06 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 09:00 (توقيت القدس)
"لد": مدينة تروي حكايتها (الملف الصحافي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعرض فيلم "لد" للمخرجين رامي يونس وساره إيما فريدلاند في دار النمر للفن والثقافة، ويستخدم مزيجًا من الوثائقي والتحريك لإعادة تخيّل تاريخ مدينة اللد الفلسطينية، مقارنًا بين رؤية حالمة لفلسطين حرة وواقع الاحتلال.

- يستند الفيلم إلى شهادات ناجين وصور معبرة، ليكون إدانة للاستعمار وشهادة على قوة الخيال في صون الكرامة والذاكرة، مستعينًا بالتحريك لتصوير مشاهد تتعلق بتلامذة المدرسة وساحة المدينة.

- يُعتبر "لد" إضافة مهمة للسينما الفلسطينية والعربية، حيث يساهم في استعادة التاريخ والذاكرة، رغم عدم ارتباطه المباشر بحرب الإبادة الإسرائيلية.

 

تعرض "دار النمر للفن والثقافة"، بالشراكة مع "نادي لكلّ الناس"، "لد" (2023، 78 د.)، للمخرجَين الفلسطيني رامي يونس وساره إيما فريدلاند (مُقيمة في نيويورك)، في السادسة من مساء الخميس، التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2025، في مقرّ الدار (منطقة كليمنصو، بيروت): بمزيجٍ من الوثائقي والتحريك، يُعيد الفيلم، بحسب بيان الدار، "تخيّل تاريخ بديل للمدينة الفلسطينية، المعروفة يوماً بأنّها موطن القديس جرجس". يُضيف البيان أنّ الفيلم يُقارن "بين رؤية حالمة لفلسطين حرّة وتعدّدية، وواقع الاحتلال والتهجير والمحو". ومن خلال شهادات ناجين، وصُور مُعبِّرة للمدينة، وسرد شعري، يصبح "لد" في آنٍ واحد "إدانةً للاستعمار، وشهادة على قوة الخيال في صون الكرامة والذاكرة والإمكانيات".

يُذكِّر "لد" بـ"طنطورة"، للإسرائيلي آلون شفارتس (العربي الجديد، 5 أغسطس/آب 2022)، في مسألة أساسية: نبشٌ في التاريخ العام والذاكرة الفردية، لكشف فعلٍ جُرميّ للمحتلّ الإسرائيلي. في "طنطورة"، يبحث شفارتس في المجزرة المرتكبة في البلدة الفلسطينية، ليلة 22 ـ 23 مايو/أيار 1948، أي قبل أسابيع قليلة على مجزرة أخرى تُرتكب بمُصلّين في جامع دهمش (اللدّ)، حاصلة في 11 يوليو/تموز من العام نفسه، والتي تُشكّل نواة "لد".

لكنّ "لد" غير مكتفٍ بالمذبحة وتفاصيلها ومرويّاتها، كما في "طنطورة"، المنشغل بالمجزرة، والمنطلق من أطروحةٍ جامعية لتيودرو "تيدي" كاتس في المسألة نفسها. فيونس وفريدلاند يستعيدان سيرة المدينة وانشغالاتها، وشخصيات فيها تُصبح واجهة حكايات وانعكاس سرديّاتها. أمّا راهنها فمُثير لقلق، لأنّ تلامذة فلسطينيين يناقشون الهوية والبلد ومعنى أنْ يكون المرء في مدينة كاللد، وفي نقاشهم شيءٌ من فرارٍ (أيكون غير واعٍ؟) من فلسطينية الفرد.

يستعين "لد" بالتحريك، لصُنع مشاهد تتعلّق تحديداً بتلامذة المدرسة، وبساحة المدينة وتمثال الخضر والحكايات الشعبية المتوارثة. جمالية التحريك في إيجاد متنفّسٍ بين وقتٍ وآخر غير باهرةٍ، رغم إتقان صُنعه (التحريك)، رسماً وتصميماً وتنفيذاً. هذا غير حائل دون التنبّه أكثر إلى عنف المعيش عند الشهود، ووحشية المرتكبين، المغلّفة بمقولة "تنفيذ أوامر".

كما أنّه مرتكزٌ على سرد روائي (ميساء عبد الهادي راويةٌ تمثّل اللد) يجمع بين استعادة المجزرة، وأحوال المدينة في التاريخ والحاضر، وعلاقة الأسطوريّ الدينيّ (مار جرجس ـ الخضر ابن امرأة من اللد) بحكاياتٍ شعبية (العربي الجديد، 30 أغسطس/آب 2024).

عرض "لد" في لحظة فلسطينية كهذه، رغم عدم ارتباطها المباشر بحرب الإبادة الإسرائيلية، التي تُنهي عامها الثاني باتفاق لوقفها، مهمّ وضروري، فهذا النوع من الأفلام، المُنجز فلسطينياً وعربياً، قليلٌ، ومع هذا يُشكّل نمطاً مطلوباً في استعادة تاريخٍ وذاكرة، وتقديمهما سينمائياً في كلّ وقتٍ.

المساهمون