كيف يدرك الدماغ ما تلمسه اليد؟

كيف يدرك الدماغ ما تلمسه اليد؟

15 يناير 2022
"الخلايا المحورية" تستجيب بطرق مثيرة للاهتمام عندما تتغير بيئة الإنسان (Getty)
+ الخط -

في دراسة جديدة، كشف باحثون في جامعة بوسطن الكيفية التي يفهم بها دماغ الفأر المعلومات الحسية، مع التركيز بشكل خاص على إدراك اللمس. يرتبط هذا الاكتشاف بمجموعة من الاضطرابات العصبية، مثل السكتة الدماغية، والأمراض العصبية والنفسية، مثل اضطراب طيف التوحد، إذ يمكن تغيير إحساس الفرد بالإدراك. بالإضافة إلى ذلك، فإن النتائج الجديدة التي نشرت في مجلة "سَينس"، في 6 يناير/كانون الثاني الحالي، سيكون لها آثار مثيرة على العلاجات والتدخلات المستهدفة للاضطرابات النفسية والعصبية.

وتهدف الدراسة إلى فهم العلاقة بين التأثيرات الجينية والكهربائية التي تتحكم في الوظائف الإدراكية، مثل المعالجة الحسية واتخاذ القرار والتعلم والذاكرة بشكل أفضل. وقال أستاذ الأحياء المساعد في جامعة بوسطن الأميركية والمؤلف الرئيسي في الدراسة، جيري تشين، إن فك الشفرة العصبية يحتاج إلى معرفة أمرين مهمين جداً، هما أن تكون قادراً على قياس نشاط الخلايا العصبية في الدماغ حيث يقوم الشخص بمهام إدراكية مختلفة، وأن تعرف هوية تلك الخلايا العصبية التي يمكننا التعرف إليها من خلال الجينات التي تعبّر عنها. وأضاف تشين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه وفريقه يهتمون بدراسة الأساس العصبي للإدراك.

والدماغ هو العضو الأكثر تعقيداً في الجسم، إذ يُحدَّد هذا التعقيد جزئياً من خلال حقيقة أن بلايين الخلايا العصبية في الدماغ ليست كلها متشابهة، فهناك مئات الآلاف من الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية، تخدم وظائف مختلفة وتنفذ حسابات مختلفة. ولفهم كيفية عمل الدماغ، يحتاج الباحثون إلى تفكيك الدماغ وصولاً إلى مكوناته منفردة، ثم البدء بالتساؤل عن كيفية تفاعل هذه المكونات في أثناء السلوك.

لذلك، أسهمت الدراسة الحالية في إنشاء "كود الخلايا العصبية"، عبر إنشاء تعداد لجميع أنواع الخلايا في الدماغ. يصف الكود التركيب الجزيئي للخلايا العصبية فقط، ولكنه لا يقول بالضرورة أي شيء عن وظيفة الخلايا العصبية، أو الحسابات التي تؤديها. تستفيد التقنية التي طورها فريق البحث معدّ الدراسة من هذه المعلومات الجديدة، وتضيف الطبقة التالية من المعلومات، وهي أنماط نشاط الخلايا.

وأوضح المؤلف أنه جرت دراسة جزء معين من القشرة المخية المرتبطة بإدراكنا للمس. ونظر الفريق في كيفية قيام الخلايا العصبية المختلفة من الكود بمعالجة المعلومات والتواصل مع الخلايا العصبية الأخرى، عندما يلمس حيوان الأشياء الموجودة في بيئته، فضلاً عن فحص كيفية تكيف الخلايا العصبية عندما تتغير البيئة.

وعن أهمية النتائج التي توصل إليها الفريق، قال تشين إنها تلفت إلى وجود دائرة مخصصة تتكون من خلايا معينة في الكود الذي نسميه "الخلايا المحورية". تساعد هذه الخلايا في تنبيه الدماغ بأنك قد صادفت ميزة بارزة تحتاج إلى مزيد من التحقيق.

وأضاف: "النتائج التي توصلنا إليها، لها صلة بمجموعة من الاضطرابات العصبية، مثل السكتة الدماغية والأمراض العصبية والنفسية، كاضطراب طيف التوحد، إذ يمكن تغيير إحساس الفرد بالإدراك. بدلاً من النظر إلى الدماغ على أنه قطعة متجانسة من الأنسجة، فإن فهم أنواع الخلايا المحددة الأكثر صلة، سيتيح لنا تطوير علاجات يمكن استهدافها بشكل كبير".

وأوضح: "يمثل هذا تقدماً مهماً نحو العلاج المباشر للسبب الكامن وراء أعراض معينة، مع احتمال تجنب الآثار الجانبية غير المرغوب فيها من العلاجات والتدخلات الأخرى". وأضاف: "من النتائج المدهشة أن الخلايا المحورية التي حددناها تستجيب أيضاً بطرق مثيرة للاهتمام عندما تتغير بيئتك. فهناك مجموعة معينة من الجينات المعروفة بأهميتها للتعلم والقدرة على التكيف، التي يمكن أن ترتفع أو تنخفض اعتماداً على البيئات المتغيرة".

وجد الفريق أن هذه الجينات تعمل دائماً في الخلايا المحورية، ما يتعارض مع بعض المعلومات المسبقة لدى العلماء. فعندما تتغير البيئات، تستجيب هذه الخلايا بمحاولة تعويض هذه التغييرات. ويعتقد الباحثون أن هذا يمكن أن يكون وسيلة لدعم ذاكرة "دائرة الخلايا" حتى تتمكن من استعادة طرق معالجة المعلومات.

دلالات

المساهمون