كيف ستؤثر سياسة "ميتا" على المحتوى الفلسطيني؟

20 يناير 2025
فرضت "ميتا" رقابة على المنشورات المتضامنة مع الفلسطينيين (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد المحتوى الفلسطيني الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي حجبًا وقمعًا متزايدًا، حيث وُصف بأنه "إرهابي" أو "تحريضي"، ولم تستجب شركة ميتا لمطالب المؤسسات الحقوقية بوقف هذه السياسات.
- في أكتوبر 2023، تصاعدت الرقابة على المحتوى الفلسطيني، مع توثيق إزالة حسابات وحظر بث مباشر، مما زاد من التوترات في ظل الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
- قرار مارك زوكربيرغ بوقف نظام تدقيق الحقائق في ميتا أثار تساؤلات حول تأثيره، مع مخاوف من التحريض ضد الفلسطينيين وتغييرات في مجلس إدارة ميتا.

واجه الفلسطينيون ومناصروهم حول العالم خلال السنوات الأخيرة حالات متكررة من حجب وقمع للمحتوى الفلسطيني الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة. هذه الحالات، التي وثّقتها منظمات فلسطينية ودولية، تأتي تحت مبررات وصم المحتوى الفلسطيني بـ"الإرهاب" أو "التحريض". في عام 2021، وجهت مؤسسات حقوقية فلسطينية وعربية ودولية نداءً مشتركًا إلى شركة ميتا، مطالبة بوقف سياسات الرقابة الممنهجة ضد المحتوى الفلسطيني، وهو ما تكرّر في مارس/آذار الماضي، في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة. وعلى الرغم من توصية مجلس إدارة محتوى "ميتا" بتحسين السياسات، لم تُنفذ الشركة تلك المطالب، كما أكد ناشطون.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصاعدت ممارسات الرقابة على المحتوى الفلسطيني. وثقت منظمات حقوقية عدة، بينها تلك المختصة بالحقوق الرقمية، إزالة حسابات فلسطينية على نطاق واسع، وحظر بث مباشر لتغطيات صحافية، وتعليق حسابات صحافيين. هذه الإجراءات وصفها مراقبون بأنها قمع غير مسبوق، وجاءت في وقت حرج للفلسطينيين في ظل تزايد الانتهاكات الإسرائيلية، وارتفاع وتيرة المجازر في قطاع غزة.
أثار إعلان الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرغ، وقف نظام تدقيق الحقائق في الشركة تساؤلات واسعة بشأن تأثير القرار على المحتوى الفلسطيني. الشركة التي تملك منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وثريدز وواتساب، كانت قد تعرضت لانتقادات بسبب ممارساتها التي استهدفت المحتوى الفلسطيني، ما يجعل القرار الجديد محط أنظار الناشطين والمراقبين.
جلال أبو خاطر، مدير المناصرة في مركز "حملة"، وصف القرار بأنه "سيف ذو حدين". في حديثه لـ"العربي الجديد"، أوضح أن هناك جانبًا إيجابيًّا محتملًا، حيث قال: "إزالة مدققي الحقائق قد يحد من القمع الممنهج الذي تعرض له المحتوى الفلسطيني. القمع كان ناتجًا عن سياسات صنّفت كلمات ومصطلحات فلسطينية بطريقة أثرت على وصول المحتوى بشكل كبير، حتى لو كان صحافيًّا أو نقديًّا. الآن قد يتوقف هذا التصنيف، ويصبح التبليغ عن المحتوى مسؤولية الجمهور، مما يعني تقليل الحجب".

رغم هذا التفاؤل النسبي، حذر أبو خاطر من مخاطر القرار. وقال: "حرية التعبير التي أعلن عنها زوكربيرغ لا تشمل ما وصفه بدعم الإرهاب، ما قد يفتح المجال أمام استمرار قمع المحتوى الفلسطيني. كما أن تحرير الرقابة قد يتيح مساحة أكبر للتحريض ضد الفلسطينيين، كما رأينا في منصة إكس، حيث أدى هذا التحريض إلى أعمال عنف موثقة من قبل المستوطنين في الضفة الغربية".
وأشار أبو خاطر إلى تغييرات في مجلس إدارة "ميتا"، مشيرًا إلى وجود شخصيات محسوبة على الحزب الجمهوري وقريبة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وعلق قائلاً: "هذه الشخصيات قد تكون أقل تعاطفًا مع المحتوى الفلسطيني، ما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل سياسات الشركة".

كما تحدث أبو خاطر عن الدور الذي تلعبه منظمات إسرائيلية في نشر بروباغندا ضد الفلسطينيين. وأوضح: "هذه المنظمات تعمل بشكل منظم وتمتلك موارد مالية كبيرة ومتطوعين، ما يسمح لها بإعداد تقارير وتقديم بلاغات مكثفة ضد المحتوى الفلسطيني. في ظل النظام الجديد، قد نشهد موجة جديدة من قمع هذا المحتوى، ليس من قبل الشركة، بل عبر حملات التبليغ المنسقة".

وعن الحلول الممكنة، قال أبو خاطر: "من الجيد أن يصبح التبليغ بيد الجمهور، لكن هذا يثير مخاوف من استغلال المنظمات الكبرى ذات الأجندة السياسية لهذه الأداة. قد نشهد استخدام هذه الأداة لنشر الأخبار الكاذبة وتشويه صورة الفلسطينيين بدلًا من تعزيز حرية التعبير".
في ظل التغييرات الجديدة في سياسات "ميتا"، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل المحتوى الفلسطيني: هل نشهد تغييرًا إيجابيًّا يخفف من القيود، أم أن هذه السياسات ستفتح الباب أمام مخاطر جديدة، مثل زيادة التحريض وتشويه الحقائق؟

المساهمون