كيف تؤثر الشيخوخة في خلايا الدماغ؟

14 يناير 2025
الشيخوخة أكبر عامل خطر للعديد من اضطرابات الدماغ (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت دراسة في مجلة Nature أن الخلايا الدماغية تتقدم في العمر بطرق مختلفة، حيث تشهد الخلايا المسؤولة عن التحكم بالهرمونات تغيرات جينية أكبر مقارنة بغيرها، مما قد يساعد في تطوير علاجات لأمراض الدماغ المرتبطة بالعمر.

- أظهرت الدراسة أن الشيخوخة تقلل نشاط الجينات المرتبطة بالدوائر العصبية وتزيد من نشاط الجينات المناعية، مما يؤثر على الخلايا العصبية حديثة الولادة المسؤولة عن التعلم والذاكرة.

- تم العثور على الخلايا الأكثر حساسية للشيخوخة قرب البطين الثالث والوطاء، حيث تؤثر الشيخوخة على نشاطها الجيني، مما يفتح المجال لأبحاث جديدة في التمثيل الغذائي وعلاجات لأمراض مثل ألزهايمر.

كشفت دراسة حديثة أن ليس جميع الخلايا في الدماغ تتقدم في العمر بالطريقة نفسها، لكن بعض الخلايا، وخصوصاً تلك المشاركة في التحكم بالهرمونات، قد تشهد تغيرات أكبر في النشاط الجيني مع التقدم في العمر (الشيخوخة) مقارنة بخلايا أخرى. يمكن أن يعيد هذا الاكتشاف، الذي نشر في مجلة Nature يوم 1 يناير/ كانون الثاني، تشكيل فهم العلماء للشيخوخة وعلاقتها باضطرابات الدماغ مثل مرض ألزهايمر.

ركز البحث على مقارنة أدمغة الفئران الصغيرة والكبيرة في السن. ومن خلال تحليل النشاط الجيني للخلايا الفردية في 16 منطقة مختلفة من الدماغ، أنشأ الفريق خريطة تفصيلية لكيفية تأثير الشيخوخة في أنواع الخلايا المختلفة. يمكن أن تكون هذه الخريطة بمثابة دليل لتطوير علاجات جديدة لأمراض الدماغ المرتبطة بالعمر.

الشيخوخة أكبر عامل خطر للعديد من اضطرابات الدماغ، بما في ذلك مرض ألزهايمر. ومع ذلك، حتى الآن، لم يفهم العلماء بوضوح كيف تؤثر الشيخوخة في أنواع مختلفة من خلايا الدماغ.

في الدراسة الجديدة، يسلط الباحثون الضوء على هذه العملية من خلال الكشف عن أن بعض الخلايا أكثر حساسية للشيخوخة من غيرها.

درس الباحثون أدمغة فئران بعمر شهرين و18 شهراً، ما يعادل تقريباً مقارنة إنسان في العشرينيات من عمره وآخر في السبعينيات، ثم فحصوا النشاط الجيني لأنواع مختلفة من الخلايا، بما في ذلك الخلايا العصبية (الخلايا الرئيسية للإشارات في الدماغ) والخلايا الدبقية، التي تدعم الخلايا العصبية من خلال تنظيم الناقلات العصبية وعزل الألياف العصبية، وفقاً للمؤلفة الرئيسية للدراسة، بوسيلكا تاسيتش، مديرة شعبة علم الوراثة الجزيئية في معهد ألين لعلوم الدماغ في سياتل بالولايات المتحدة.

وأضافت تاسيتش في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن النتائج أظهرت أن الشيخوخة تقلل من نشاط الجينات المرتبطة بالدوائر العصبية في كل من الخلايا العصبية والخلايا الدبقية. في الوقت نفسه، تزيد الشيخوخة من نشاط الجينات المرتبطة بالجهاز المناعي والالتهابات في الدماغ، وكذلك الجينات في خلايا الأوعية الدموية الدماغية.

يشير هذا إلى أنه مع تقدم العمر، تقلّ قدرة الدماغ على التواصل عبر الدوائر العصبية، بينما تصبح الاستجابات المناعية والالتهابية أكثر نشاطاً. "كان أحد الاكتشافات الأكثر إثارة هو أن بعض الخلايا أكثر عرضة للتأثر بالشيخوخة من غيرها. على سبيل المثال، وجدنا أن الشيخوخة تقلل من تطور الخلايا العصبية حديثة الولادة في ثلاث مناطق على الأقل من الدماغ. ويعتقد أن هذه الخلايا العصبية حديثة الولادة تلعب دوراً في التعلم والذاكرة وحتى القدرة على التعرف إلى الروائح"، تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة.

عُثر على الخلايا الأكثر حساسية للشيخوخة بالقرب من البطين الثالث، وهو مساحة مملوءة بالسوائل في الدماغ تتصل بالوطاء. الوطاء، الموجود في قاعدة الدماغ، يتحكم في الوظائف الجسدية الأساسية، مثل درجة الحرارة ومعدل ضربات القلب والنوم والعطش والجوع. وأظهرت الخلايا المبطنة للبطين الثالث والخلايا العصبية المجاورة في الوطاء أكبر التغيرات في النشاط الجيني مع التقدم في العمر.

شملت هذه التغيرات زيادة نشاط الجينات المرتبطة بالمناعة وانخفاض نشاط الجينات المرتبطة بالدوائر العصبية. تتوافق هذه النتائج مع أبحاث سابقة حول الشيخوخة والتمثيل الغذائي في الحيوانات.

على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن الصيام المتقطع والوجبات الغذائية المقيدة بالسعرات الحرارية يمكن أن تطيل العمر؛ إذ تنتج الخلايا العصبية الحساسة للعمر في الوطاء هرمونات تنظم التغذية والطاقة، بينما تتحكم الخلايا المبطنة للبطين الثالث في حركة الهرمونات والمواد الغذائية بين الدماغ والجسم.

وهذا يبين أن عملية الشيخوخة في هذه الخلايا يمكن أن يكون لها تأثير مباشر في التمثيل الغذائي والصحة العامة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذه التغيرات وما إذا كانت تنطبق على البشر.

يأمل المؤلفون أن تلهم نتائجهم المزيد من البحث في الآليات المحددة لشيخوخة الدماغ، وكيف تسهم في أمراض مثل ألزهايمر. فمن خلال فهم الخلايا الأكثر عرضة للتأثر، قد يتمكن العلماء من تطوير علاجات مستهدفة لإبطاء أو حتى عكس آثار الشيخوخة على الدماغ.

المساهمون