كواليس تصوير فيلم "القرار": 30 يونيو كما يرويه صحافيون

كواليس تصوير فيلم "القرار": شخصيات محسوبة على الثورة تروّج لـ30 يونيو

09 يوليو 2021
من تظاهرات 30 يونيو (إد جيلز/Getty)
+ الخط -

في محاولة لتصوير الانقلاب الذي حصل في 30 يونيو/ حزيران 2013 كأنها ثورة توازي في أهميتها وشعبيتها ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 في مصر، لجأ صانعو فيلم "القرار - قرار شعب" إلى وسائل مختلفة ومتشعّبة. بدأ المشروع بفكرة خطرت على بال المشرف الأول على وسائل الإعلام وشركة الإنتاج التابعة لجهاز المخابرات العامة، المقدم أحمد شعبان، بحسب ما أكدته مصادر من داخل "المجموعة المتحدة" التابعة للجهاز، لـ"العربي الجديد". إذ أراد شعبان تقديم عمل تلفزيوني بمناسبة ذكرى 30 يونيو، فجاءته فكرة الفيلم التي تركزت حول "ربط قرار الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي حصراً بالإرادة الشعبية، ولذلك اقترح عنوان الفيلم وهو (القرار - قرار شعب)".

وأضاف المصدر أنه في سبيل تقديم هذا المحتوى السياسي، لجأ إلى المديرة السابقة للنادي الإعلامي في المعهد الدنماركي التابع لسفارة الدنمارك في القاهرة نهى النحاس. وقد اقترحت هذه الأخيرة الاستعانة بشخصيات محسوبة، بدرجة أو بأخرى، على ثورة 25 يناير، وذلك لإضفاء الطابع الثوري والشعبي على الانقلاب. وكانت النحاس تتمتع بشهرة في أوساط الأجهزة الأمنية، إذ عملت كمستشارة إعلامية لمؤتمرات الشباب التي نظمتها رئاسة الجمهورية في السنوات السابقة. كما أنها نجحت خلال عملها مع السفارة الدنماركية ببناء شبكة علاقات واسعة مع صحافيين مصريين، بينهم معارضون. وفي ظل تشابك الأدوار التي لعبتها النحاس بين النادي الإعلامي في المعهد الدنماركي وبين علاقاتها بالنظام وأجهزته، خسرت في النهاية عملها في إدارة النادي، بعدما اتهمها صحافيون مصريون باستغلال موقعها في خدمة أهداف سياسية.

سريعاً أسست النحاس بالتعاون مع جهاز المخابرات شركة باسم "30 N degree للاستشارات الاستراتيجية"، وبدأت بتنظيم ورش عمل بإشراف من وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج. لكن ما هي علاقة نهى النحاس بفيلم "القرار - قرار شعب"؟ ببساطة عرفت كيف تساعد في اختيار الوجوه التي ظهرت في الفيلم. فكان لها الفضل في مشاركة 3 أسماء محسوبة بشكل أو بآخر على المعارضة: رئيس حزب الدستور السابق الصحافي خالد داود، وعضو مجلس نقابة الصحافيين محمد سعد عبد الحفيظ، والصحافي والمذيع إبراهيم عيسى.

في شهادته في الفيلم، قال خالد داود إن "آخر تواصل حدث مع جماعة الإخوان تم من أجل وضع قانون الانتخابات البرلمانية، بما يضمن تحقيق النزاهة في العملية الانتخابية"، مضيفاً أنه "بعد يوم واحد من هذا الاجتماع، أصدر مجلس الشورى قانون انتخاب مخالفا لكل ما تم الحديث عنه خلال المشاورات". وأشار إلى أن القانون "تم وضعه بطريقة تضمن فوز جماعة الإخوان بـ80% من مقاعد البرلمان"، لافتًا إلى أن قيادات الجماعة "كانت تعرض عليهم مقاعد برلمانية مقابل عدم التحرك ضدها والغضب من ممارساتها، ومن ثم إشعال الثورة ضدهم".

وكان داود قد خرج من السجن في إبريل/ نيسان الماضي، بعد اعتقال استمرّ لعامَين، وسبق أن ظهر في برنامج "بلا قيود" على قناة "بي بي سي عربي" عقب خروجه من السجن وتحدّث وقتها عن قضايا الحريات والمعتقلين. وهو ما أغضب النظام، لذا رأى البعض أن ظهوره في هذا الفيلم بمثابة محاباة للنظام بعد مقابلة "بي بي سي عربي".

شارك رئيس حزب الدستور السابق الصحافي خالد داود في الفيلم

أما الصحافي محمد سعد عبد الحفيظ، فظهر خلال الفيلم قائلاً إن "المسمار الحقيقي الأول فى نعش حكم الإخوان هو إصدار الإعلان الدستوري"، مضيفاً "الناس كانت وصلت الاتحادية ونصبوا خيامهم، معتصمين، مسالمين، وعندما أكون حاكماً ومحتاج أتعامل مع احتجاجات ومظاهرات شعبية، إما أتعامل معها بقرارات سياسية أو أمنية، ولكن الإخوان اختاروا طريقا ثالثا"، حسب كلامه. وكان اسم عبد الحفيظ قد برز خلال انتخابات نقابة الصحافيين الأخيرة بعدما كان مهدداً بخسارة مقعده، لكنه عاد واحتفظ به في اللحظات الأخيرة، بعد تلقيه اتصالا من الأجهزة الأمنية، كما تكشف مصادر من النقابة لـ"العربي الجديد". الوجه الثالث المحسوب على المعارضة، هو الصحافي إبراهيم عيسى. وقال في شهادته بالفيلم إن "نسبة نجاح الإخوان في الانتخابات الرئاسية كانت 52% فقط، وأعتقد أنها مزورة". وأضاف أن "الشعب المصري كان يراهن على الإخوان، ولكنهم سقطوا في القرى أولًا وعلى المصاطب وبعدها سقطوا في المدن".

استعان صناع الفيلم أيضاً بأحد المشاركين في ثورة 25 يناير 2011 وهو الفنان آسر ياسين، الذي ظهر في الفيلم بشخصية المحاور الذي يسأل الضيوف.

فنياً، لجأ صناع الفيلم إلى مخرج شاب "محترف"، هو المخرج مروان حامد، ابن السيناريست الراحل وحيد حامد. وهو المخرج الذي عمل سابقاً مع شركة "سعدي - جوهر" منتجة الفيلم. وقال حامد في تصريحات إعلامية، إن العمل "توثيق للأجيال القادمة، ليعرفوا حجم الكوارث التي تسببت بها هذه الجماعة". وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الصحافي المقرب أحمد الطاهري: "الجميع يملك ذكرى سيئة عن فترة حكم الإخوان، وأخرى جيدة، عن ثورة 30 يونيو، الاثنتان يجب أن تخرجا إلى النور". وتابع: "حرصت على العمل بالكثير من المواقع والمدن المصرية لإخراج فيلم وثائقي مثل (القرار) لتجسيد الفترة والمواقف التي عاصرها المصريون خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين وثورة 30 يونيو التي لن ننساها جميعاً".

وتتحكم شركة "سعدي - جوهر" في سوق الدعاية والإعلان حالياً، وهي قريبة من رئاسة الجمهورية وتنفذ عدداً من المشاريع الخاصة بها. بدأ التعاون بين الشركة والنظام المصري بعد الخطاب الذي بلغت مدته نحو 15 دقيقة، وبثه التلفزيون المصري في 26 مارس/ آذار 2014، حيث ارتدى السيسي زيّه العسكري للمرة الأخيرة، وأعلن ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية.
تعاونت بعدها الشركة مع رجل الأعمال محمد الأمين، المقرب أيضاً من الرئاسة والمالك السابق لقنوات "سي بي سي" في تصوير وإخراج خطاب السيسي إلى الشعب في فبراير/ شباط 2015. وأخيراً نفذت الشركة احتفالية نقل المومياوات التي أقيمت في 3 إبريل/ نيسان الماضي.

وبعد التغييرات التي حدثت داخل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إثر تحقيقات الفساد التي أجرتها الأجهزة، وأطاحت برأس الشركة القوي المنتج تامر مرسي، أُعلن عن تعيين محمد السعدي بمجلس إدارة المتحدة برئاسة المستشار السابق لمحافظ البنك المركزي ورئيس مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي الدولي حسن عبد الله.

وقد اختار المشرفون على صناعة فيلم "القرار" شركة "سعدي - جوهر" لسوابق تعاملها مع الرئاسة ولاحترافيتها في تنفيذ الأعمال الفنية، فالشركة التي أسسها محمد السعدي، وهو مخرج للإعلانات، بالاشتراك مع صديقه رجل الأعمال إيهاب جوهر قبل 31 عاماً باسم وكالة Animation للدعاية والإعلان، نجحت في أن تصبح واحدة من أكبر وكالات الإعلان في سوق الدعاية خلال السنوات الماضية، وحصدت أكثر من 108 جوائز في الدعاية والإعلان. وقد تضخمت بعد ذلك عندما دخل السعدي وجوهر مجال الإنتاج الفني من خلال شركتهما "ميديا هاب" MediaHub، وكان أول أعمالها هو مسلسل "لعبة نيوتن"، الذي عرض خلال شهر رمضان الماضي. كما تولت الشركة تنفيذ أغنية "أحنا مش بتوع حداد"، التي عرضت بعد نهاية حلقات مسلسل "الاختيار 2" خلال شهر رمضان الماضي، وشارك في تصويرها ممثلو الجزئين الأول والثاني.

المساهمون