كلارا لوتشاني: في انتظار ساعي البريد

كلارا لوتشاني: في انتظار ساعي البريد

20 يونيو 2021
أختفي كبطل في مسرحيتي الخاصة (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، أصدرت المغنية الفرنسية كلارا لوتشياني ألبوماً جديداً، حمل عنوان Coeur، وهو الألبوم الثاني في مسيرتها. يضم العمل إحدى عشرة أغنية، تسيطر عليها النغمة العاطفية، التي كان حضورها محدوداً في ألبومها الأول، الذي ركّز على القضايا النسوية.

رغم أن مسيرة لوتشياني الموسيقية بدأت قبل عشرة أعوام، لكنها في البداية لم تمتلك هوية فنية خاصة، فخاضت العديد من التجارب الثنائية والجماعية مع فرقة La Femme والمغني رافائيل، والعديد من الرابرز مثل Nekfeu وGrand Corps Malade؛ لتتمكن من خلال هذه التجارب المتفرقة من أن تكتسب الخبرة التي ساعدتها على ثقل مشروعها الفردي الذي بدأ مع ألبومها الأول Sainte-Victoire الذي أصدرته عام 2018، فحققت من خلاله شهرة واسعة النطاق، بفضل أغنيتها النسوية La grenade، التي يمكن وصفها بأنها أغنية نسوية غير نمطية تتغنى بالطباع الوحشية والقوة الكامنة في جسد المرأة، وتحارب ليتم تقبلها. وقد حقق ألبوم لوتشياني الأول العديد من الأرقام القياسية والجوائز على مستوى فرنسا والبلدان الناطقة باللغة الفرنسية، لذلك سُلِّط الضوء على ألبومها الثاني Coeur الذي طرحته تزامناً مع الانتهاء من إجراءات الحجر الصحي في فرنسا.

في العمل الجديد، تعود لوتشياني بخلطتها الخاصة، التي لا تبدو بعيدة كثيراً عن أغنية La grenade؛ فالموسيقى الإلكترونية التي تبدو امتداداً لأغاني الديسكو في السبعينيات، تشكّل الحجر الأساس في الإصدار الجديد، ولكنها تبدو أقل حدة. كذلك، لا تختلف روح الكلمات عن عملها السابق، حتى بعد أن تغيرت مواضيع الأغاني، وباتت أكثر رومانسية. فهي في الألبوم الجديد، أيضاً، تبدو مزيجاً ما بين وحشية الطبيعة وجمالياتها، فتمرّ الجمل الشعرية بانسيابية لتترك ذات الأثر، رغم اختلاف الموضوع؛ يمكن ملاحظة ذلك في الأغنية الافتتاحية، Coeur، التي يرد فيها: "بشرتك رقيقة كورق السجائر، كلما ضغطنا عليها ينمو البنفسج". تمرّ هذه الكلمات في سياق غريب، تشرّح فيه لوتشياني آلية عمل القلب البشري، لتحاول أن تفسر الحب فيزيائياً.

في الأغنية الثانية  Le reste، التي سبق أن أصدرتها لوتشياني منفردة تمهيداً للألبوم، تبدو الكلمات أكثر جرأة وغرابة، فهي تتحدث عن الذاكرة العاطفية للجسد العاري. تذكر في الأغنية: "أنا مجرد غبية مستلقيةً على ظهري، أحاول أن أعيد صناعة ذات الفيلم لأن البداية تعجبني. لا أستطيع نسيان مؤخرتك والشامات الضائعة في جلدك، الباقي أتركه لك. أنا مقيدة بالذاكرة العاطفية لجسدك العاري".

وفي بعض الأغاني، تنخفض حدة الإثارة، إذ تبدو الكلمات قد جرى تصعيدها ما فوق الحب الجسدي، أو ضاعت في تفاصيل رومانسية تختزل الحنين إلى زمن مختلف. ذلك ما نراه واضحاً في أغنية Bandit، التي تقول فيها: "لم يعد الناس يكتبون الرسائل لبعضهم، لكنني أقف عند النافذة وأنتظر إذا مر ساعي البريد. اكتب لي، أنت تعرف عنواني. أحبك لأنني لا أعرفك، ربما لأنني أتخيلك. أحبك فقط لتشتاق إلي".

لكن أجمل ما في الألبوم هو النهاية الدرامية التي تصنعها لوتشياني. فرغم أن هذا النوع من النهايات شائع في الأغنية الفرنسية، لكن لوتشياني تجيد رسم النهاية المتوقعة بشعرية عالية بأغنية Au revoir، التي تقول فيها: "سأغلق جفوني كما نغلق الستائر.. وداعاً. أنا أختفي كبطل في مسرحيتي الخاصة. الإضاءة لا تزال ساخنة، لذا سأخرج، أنطفئ كأضواء أعياد الميلاد، ستنفجر البالونات ويتهشم الزجاج".

المساهمون