استمع إلى الملخص
- عبّر الصحافي علي عيد عن قلقه من تأثير القرار على عضوية الاتحاد في الفيدرالية الدولية، مشددًا على ضرورة استقلال النقابات لتجنب تجميد العضوية.
- رأى بعض الصحافيين أن القرار إيجابي لتحرير النقابات من سيطرة النظام السابق، مشيرين إلى أهمية إعادة الهيكلة لتعزيز حرية الإعلام واستقلالية الاتحاد.
أصدر رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير، الاثنين، قراراً بحلّ هيئة المؤتمر العام في اتحاد الصحافيين السوريين وتشكيل مكتب مؤقت لإدارة الاتحاد استناداً إلى أحكام القانون رقم 1 لعام 1990.
وبموجب القرار رقم 53، عيّن محمود الشحود رئيساً، وإسماعيل الرج عضواً، إضافة إلى محمود أبو راس، وميلاد فضل، وماجد عبد النور، وعلي الأمين، وبراء العثمان.
وقد حدّد القرار اختصاصات المكتب المؤقت التي تشمل ممارسة مهام المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد وفقاً للقانون الناظم عملَ الاتحاد. كما ألغى القرار العمل بالقرار السابق رقم 27 الصادر في السادس من فبراير/ شباط 2025، على أن يُبلّغ القرار الجديد للجهات المعنية لتنفيذه.
أثار القرار تحفّظات في الوسط الصحافي السوري، إذ وصفه الصحافي والكاتب علي عيد بأنه أشبه بعملية "إنزالٍ مظلي". وأكد عيد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن القرار غير منطقي، لأن العمل النقابي لا ينبغي أن يخضع لإشراف مباشر من السلطة التنفيذية. أضاف: "بالنسبة لي، هذا القرار بحق جهة نقابية هو قرار غير مشروع".
وأوضح عيد أنه حتى تحت بند الظروف الطارئة لتشكيل مكتب مؤقت، كان يجب النظر في أن الأشخاص الذين عُيِّنوا في هذا الموقع هم أشخاص من جسم النقابة، التي تضمّ آلاف الأعضاء، ومنهم على الأقل من لديهم خبرة في العمل النقابي.
وتابع عيد: "رقم اثنين، من الأعضاء المنتسبين، ثلاثة من الأعضاء الذين دفعوا في صندوق هذه النقابة، لأن هذا حق أساسي. النقابة ملك أعضائها وليست ملكاً لأي جهة، لا سلطة ولا سلطة تنفيذية ولا أي جهة سياسية".
وشدّد عيد على أهمية عضوية اتحاد الصحافيين السوريين في الفيدرالية الدولية، حيث تشترط هذه الفيدرالية استقلال النقابات. أضاف: "بالتالي، تعيين مكتب بشكل مباشر من أعلى سلطة تنفيذية حالياً، وهي مجلس الوزراء، يعني أن هذه النقابة متحكم بها من قبل السلطة التنفيذية، طالما أنه لم تُقدَّم شروحات حول طبيعة هذا القرار. وبالتالي، سيكون الاتحاد أمام مشكلة، وهي كيف ستكيَّف أوضاعه مع عضويته في الفيدرالية الدولية".
وأوضح عيد أن هذا القرار يهدد بإيقاف أو تجميد عضوية اتحاد الصحافيين السوريين في الفيدرالية الدولية، و"هذه خسارة فادحة إن حصلت"، حسب تعبيره.
واتجه الصحافي إلى تقييم مدى قدرة الكوادر المعيّنة من قبل مجلس الوزراء على إدارة النقابة، وقال: "مع كل الأسماء الواردة في القرار، ومع كامل الود والاحترام، هم زملاء، لكن كيف جرى تقييم مدى قدرتهم على إدارة نقابة بحجم اتحاد الصحافيين في هذا الوقت الحرج؟ هناك ملفات متشابكة وشائكة تتعلق باتحاد الصحافيين أو بموضوع النقابات بشكل عام، والنقابات والاتحادات الصحافية بشكل خاص، في سورية اليوم".
وختم عيد بعدد من التساؤلات قائلاً: "كيف سيقوم هؤلاء الزملاء بإدارة أزمة تخص الإعلام؟ كيف سيعيدون النظر؟ ما هي الآليات؟ أنا أعتقد أنه كان من الممكن الاستعانة، أو أنه يجب عليهم الاستعانة، بخبرات كبيرة موجودة حالياً في الوسط الصحافي السوري من النقابيين، وإن كنت أظن أن القرار يجانب الحكمة، وكما قلت، إنه أشبه بقرار إنزالٍ مظلي على الوسط النقابي".
من جهته، أوضح الباحث عمر إدلبي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن القرار يعتبر تدخلاً حكومياً في عمل المؤسسات النقابية، ويضرب استقلاليتها المفترضة بذريعة أنها إجراءات مؤقتة".
أضاف: "من المهم، بدلاً من إلغاء المجالس القديمة، الاستعجال بالإعلان الدستوري والهيئة التشريعية، وإلا فسنشهد الكثير من الفوضى والانتقاص من دور النقابات والاتحادات، رغم تفهّمنا أهمية وضرورة إنهاء الشكل القديم من هيمنة الأجهزة الأمنية الذي كانت عليه النقابات والاتحادات في زمن النظام الاستبدادي الأسدي، إلا أننا نخشى أن تشكل مثل هذه الإجراءات الجديدة تدخلاً حكومياً يهدد مستقبل الحريات النقابية واستقلال هذه المنظمات".
في المقابل، يرى الصحافي مهند البكور خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن "القرار إيجابي وخطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة أنه يحرّر الأجسام النقابية من سيطرة موالي نظام الأسد سابقاً، ويعيد المنابر الإعلامية والنقابات السورية إلى من ناضلوا من أجل حرية السوريين وإيصال أصواتهم خلال سنوات الثورة".
وتابع البكور: "أيضاً، يعتبر اتحاد الصحافيين السوريين من الأجسام النقابية التي تحمل صلاحيات تسهّل عمل الصحافيين وتحميهم، وأرى أن إعادة هيكلة النقابات الصحافية السورية ووسائل الإعلام من الخطوات الأساسية لتغيير مفاهيم الإعلام في سورية، بحيث تكون وسائل لنقل الفكر السوري، وليس التطبيل للحكومة ومحاسبة منتقديها كما كانت عليه زمن نظام الأسد".
أما عن بنية الاتحاد وتبعيته، فقال رئيس رابطة إعلاميي سورية عمر حاج أحمد، لـ"العربي الجديد" إنه بالنسبة لاتحاد الصحافيين السوريين، فهو في الأساس كان تابعاً لنظام الأسد". أضاف: "كان الاتحاد يضم نحو 3200 عضو، أغلبهم ليسوا مهنيين، بل هم أعضاء منتسبون لحزب البعث، ولم يعملوا في مجال الصحافة".
ولفت حاج أحمد إلى أن العمل في الاتحاد تحول لعمل نفعي، وقسم كبير منه مجرد انتفاع بسيط. وأضاف: "لكن هناك نقطة مهمة، وهي أن اتحاد الصحافيين معترف به من قبل الفيدرالية الدولية واتحاد الصحافيين الدوليين. ورئيس الاتحاد يشغل، على ما يبدو، منصب نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب، لذلك، فإن للاتحاد مرجعية دولية واعترافاً دولياً، ما يجعل عملية حلّه مختلفة عن النقابات الأخرى. ولهذا السبب، جرى التروي كثيراً قبل اتخاذ قرار حل اتحاد الصحافيين السوريين".
وقال حاج أحمد: "شكّلت لجنة لدراسة النظام الداخلي في اتحاد الصحافيين السوريين، حيث يحتوي النظام على العديد من المواد التي تمنح رئيس الحكومة صلاحيات واسعة، مثل حلّ مجلس الإدارة، وحلّ الأمانة العامة، وتشكيل هيئات فرعية أو لجان فرعية. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من المواد الأخرى التي تعكس ضعف النظام الداخلي للاتحاد، ما يجعله، وفقاً لهذا النظام، شبه تابع للحكومة".
يذكر أن المؤتمر العام لاتحاد الصحافيين السوريين هو الهيئة العليا في هيكلية الاتحاد، ويختص برسم السياسات العامة للعمل الإعلامي والنقابي في سورية، وهو مؤتمر دوري يناقش قضايا المهنة والتحديات التي تواجه الصحافيين، إضافةً إلى انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد.
وكان المؤتمر العام الانتخابي السابع قد عقد، في يوليو/ تموز الماضي، تحت شعار "الأمل بالشفافية"، في المكتبة الوطنية في دمشق ("مكتبة الأسد" سابقاً)، حيث ركز على تعديل بعض مواد النظام الداخلي للاتحاد، وقضايا أخرى. إذ يعتبر منصة لمناقشة واقع العمل الإعلامي والنقابي في سورية، وخطط سير الاتحاد المستقبلية.