استمع إلى الملخص
- البيئة المحيطة بالمهرجان شبه فارغة رغم إعلان نتائج المسابقة الرسمية في الليلة الأخيرة، حيث يتابع الجمهور الحفل الختامي عبر شاشة كبيرة خارج "قصر برليناله"، متحدين الصقيع.
- المهرجان يواجه تحديات تحت إدارة تريشيا تاتل الجديدة، مع تزايد الحضور السينمائي العربي، رغم سطوة صهيونية متزايدة تؤثر على حرية المهرجان.
في اليومين الأخيرين لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، المحتفل بدورته الـ75 بين 13 و23 فبراير/شباط 2025، "يختفي" كثيرون وكثيرات من المعنيّين والمعنيّات به، عرباً وأجانب. يخفّ الزحام. تُفرغ صالات عدّة من ضيوفٍ ومدعوين يعودون إلى بلدانهم، مع أنّها تمتلئ بمشاهدين ومشاهدات آخرين، أبرزهم طلّاب، كالحاصل في عرضٍ صباحي (التاسعة والنصف صباح الجمعة، 21/ 2/ 2025) لـ"رؤوس ساخنة" لماجا أجْمِيَا يَدْ زِلَما (مولودة في بروكسل حيث لا تزال تُقيم، ولها أصول تونسية ودنماركية)، المُشارك في برنامج Generation 14Plus.
أمّا سؤال تواصل الطلّاب تحديداً مع فيلمٍ، تُسرف قصّته بمآسٍ وآلام (درب جلجلة قاسية تُفرض على ابنة الأعوام الـ12، إثر الوفاة المفاجئة لشقيقها، الذي يبلغ 25 عاماً)، فمطروحٌ لكنْ من دون إجابة واضحة، إذْ يُبدي بعضهم/بعضهنّ اهتماماً بالمعروض أمامهم، بينما آخرون وأخريات غير مُكترثين كثيراً، ومع هذا يُبدون احتراماً للمشاهدين والمشاهدات الآخرين.
"البيئة الحاضنة" للـ"برليناله" شبه فارغة أيضاً، مع أنّ إعلان نتائج المسابقة الرسمية يحصل في المساء الأخير، الذي يشهد حضوراً كثيراً، في صالة "قصر برليناله"، وخارجها. ففي خارجها شاشة كبيرة تبثّ وقائع الحاصل في الحفلة الختامية، وأناسٌ يتحدّون صقيعاً، تخفّ درجات حرارته قليلاً عن الأيام الأولى للدورة هذه، كي يتابعوا ويشاهدوا ويتمتّعوا بمعرفةٍ وتواصل.
لكنّ صالات أخرى، قريبة من "البيئة الحاضنة" (القصر نفسه، ساحة مارلين ديتريش) أو بعيدة عنها، تمتلئ بمشاهدين ومشاهدات يريدون معرفة الحاصل سينمائياً في العالم، فالعروض مستمرّة إلى اللحظة الأخيرة من اليوم الأخير، وأفلامٌ عدّة تُثير حشرية المعرفة والاطّلاع والمُشاهدة، أقلّه بعنوانينها وملخّصاتها، وبعض الملخّصات مواضيع يهتمّ بها مشاهدون ومشاهدات.
أفلامٌ قصيرة وأخرى طويلة، وبعضها معنيّ بعالمٍ عربي، كفلسطين مثلاً ("يلا باركور" لعريب زعيتر، المُشارك في "بانوراما الوثائقي"). هذا غير عابر في بلدٍ مُجنّد منذ "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) ضد كلّ حقّ فلسطيني، مع استثناءات تُسبِّب غضب يهودٍ وألمان، كـ"لا أرض أخرى" (2024) للفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام، بالتعاون مع الفلسطيني حمدان بلال والإسرائيلية راحِل تسور (العربي الجديد، 15 يوليو/تموز 2024).
شوارع قليلة قرب القصر، وفي مقابله Grand Hyatt Hotel (مقرّ إقامة نجوم ونجمات الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية تحديداً) مغلقة أمام السيارات، لكنّها تزدحم بالمارة في أيام الدورة تلك، ومنهم/منهنّ من ينتظر وقتاً لمُشاهدة ممثل/ممثلة أو مخرج/مخرجة خارج الفندق، كما يحصل أمام السجادة الحمراء لـ"قصر برليناله". في اليومين الأخيرين، تكاد الشوارع تلك تخلو من الناس، بانتظار ليلة توزيع جوائز المسابقة.
برلين مدينة مُريحة. مهرجانها أيضاً، رغم العدد الكبير من الأفلام المعروضة في مسابقته (19 فيلماً) وبرامجه المختلفة. شوارعها مليئة بثلجٍ يختفي ببطء، منذ أول الدورة الأخيرة تلك إلى نهايتها. هذا غير حاصلٍ في الدورات الثلاث السابقة، الفاقدة ثلجاً وصقيعاً. مهرجان يواجه تحدّيات، والإدارة الجديدة (الأميركية تريشيا تاتل) تريد تطويراً يليق به. لكنّ سطوة صهيوينة تزداد قوّة في البلد برمّته، ما يُصيب المهرجان بعطبٍ أليم: عدم التمكّن من التحرّر من سطوة كهذه، مع أنّ الحضور السينمائي العربي يزداد.