فولافيا... أن تُمسي سيارات تسلا مكبّاً لفضلات الكلاب

11 ابريل 2025
من تظاهرة مناهضة لتسلا وماسك في سياتل، 22 فبراير 2025 (ديفيد رايدر/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في بروكلين، تستخدم الفنانة فولافيا الشارع كمنصة لانتقاد سياسات ترامب وعلاقته بإيلون ماسك، مركزة على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مثل انعدام المساواة.
- تتنوع أعمالها بين السخرية والاحتجاج، مستهدفة شخصيات مثل أندرو كومو، وتتناول قضايا كالعدالة الاجتماعية وسوء السلوك الجنسي، كما في ملصقها لدعم الطالب الفلسطيني محمود خليل.
- تستلهم من الفن الاحتجاجي وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع رسائلها، متغلبة على تحديات مثل الخوف من المضايقات بالعمل تحت اسم مستعار.

في مدينة بروكلين الأميركية، فوجئ المارة بلافتات خضراء وبيضاء مألوفة الشكل ولكن غريبة المضمون. بدت هذه اللافتات لأول وهلة كأنها إشارات إرشادية مرورية، لكن عند الاقتراب منها تكتشف أنها لافتات ساخرة مليئة بالانتقاد السياسي والاجتماعي. وراء هذه اللافتات الساخرة تقف فولافيا (Fola Fia)، وهو اسم مستعار لهذه الفنانة الأميركية التي ترفض الكشف عن اسمها الحقيقي خوفاً من التعرض للمضايقة أو التهديدات.

اختارت فولافيا الشارع منصّةً تعبّر فيها عن رفضها لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعلاقته الوثيقة بإيلون ماسك، رجل الأعمال المثير للجدل ومالك شركة تسلا.
من بين أعمالها التي تم تداولها بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز هذه اللافتة التي تدعو المارة إلى رمي أكياس فضلات الكلاب على سيارات "سايبرتراك" التابعة لشركة تسلا. هذه السيارات التي يصل سعرها إلى 100 ألف دولار، أصبحت في نظرها رمزاً لانعدام المساواة، وللمواقف العنصرية واليمينية المتطرفة لماسك. تقول فولافيا إن "الشخص الذي يملك مائة ألف دولار لشراء سيارة، يستطيع أيضاً أن يفكر بعناية في الآثار الأخلاقية لإعطاء هذا المبلغ لشركة يملكها ويديرها إيلون ماسك". هذه العبارة تختصر فلسفة فولافيا التي ترى أن الفن يجب أن يوقظ الضمير ويدفع الناس إلى التساؤل عن المسؤولية الأخلاقية المصاحبة للثروة والسلطة.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Fola Fia (@folafia)

تتسم بعض اللافتات التي تصنعها فولافيا بحس الدعابة والسخرية اللاذعة، بينما تبدو لافتات أخرى كأنها صرخات احتجاج قوية ومؤثرة. ففي أعقاب إعلان أندرو كومو، الحاكم السابق لنيويورك الذي استقال وسط اتهامات بالتحرش الجنسي، ترشحه لمنصب عمدة المدينة، صمّمت ملصقاً يحمل صورته بألوان العلم الأميركي، مع عبارة تقول: "11 امرأة لا يكفين، أنا بحاجة إلى مضايقة المزيد!". هذا العمل يعكس تحولاً في خطاب فولافيا من السخرية إلى المواجهة المباشرة، فالملصق كان محاولة لإثارة النقاش حول ثقافة التغاضي عن سوء السلوك الجنسي في دوائر السلطة.

لم تتوقف جهود فولافيا عند انتقاد رموز السلطة والمال، بل امتدت إلى قضايا العدالة الاجتماعية. فبعد اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل، صمّمت الفنانة ملصقاً يحمل عبارة "أطلقوا سراح محمود" على خلفية تشبه شاشة تلفزيونية ملونة، مع رموز QR تقود إلى عرائض تطالب بالإفراج عنه. تضمن الملصق أيضاً رسالة تقول فيها: "إذا فشلنا في هذا الاختبار، فقد انتهى الأمر.. لا تدعهم يفلتون من العقاب".

أسلوب فولافيا ليس وليد اللحظة، بل له جذور عميقة في تاريخ الفن الاحتجاجي، فالفنان البريطاني دارين كولين، الذي ذكرت الفنانة أنه مصدر إلهام لها، معروف بأعماله الساخرة التي تنتقد الرأسمالية والثقافة الاستهلاكية. ومنذ الستينيات والسبعينيات، كان لفناني الشارع دور مهم في العديد من الأحداث الفارقة، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها. الفرق هنا هو أن فولافيا اختارت أسلوباً أكثر دهاءً، إذ تستعير لغة السلطة نفسها (لافتات الشوارع الرسمية) لقلب الطاولة عليها. ورغم قوة الرسالة التي تبعثها الفنانة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة، كالخوف من التعرض للمضايقات من أنصار ترامب، ما دفعها إلى العمل تحت اسم مستعار ورفض الكشف عن هويتها الحقيقية حتى الآن. هذا الخوف له ما يبرره، خاصة مع تزايد حالات ملاحقة الناشطين والفنانين في الولايات المتحدة خلال هذه الأشهر القليلة من ولاية ترامب الثانية.

لا تكتفي فولافيا بتعليق لافتاتها الساخرة في شوارع بروكلين، فأساليب الاحتجاج تغيّرت، وأصبح "الإعجاب" على منصات التواصل لا يقل تأثيراً عن الهتاف في ساحة عامة. فبينما تستهدف الفنانة المارة مباشرة بلافتاتها، فهي تعتمد على "إنستغرام" أيضاً لتوسيع نطاق رسائلها، كأنما تقول: إن لم تصادفك لافتتي في الطريق، فستجدها حتماً على الإنترنت.

المساهمون