فنانون أفغان يرسمون آمالهم وآلامهم في المنفى الطاجيكي

فنانون أفغان يرسمون آمالهم وآلامهم في المنفى الطاجيكي

19 أكتوبر 2021
عمدت "طالبان" إلى إزالة الجداريات من الشوارع (فرانس برس)
+ الخط -

يمارس اثنا عشر لاجئاً أفغانياً تسلحوا بالريشة والقلم، داخل استوديو فني صغير في طاجكستان، هوايتهم في الرسم، التي كان من الممكن أن تعرضهم إلى ردات فعل عنيفة في بلدهم بعد عودة حركة طالبان إلى الحكم.

بعد الفرار من أفغانستان إلى طاجكستان المجاورة، حط فنان الشارع عمر خاموش رحاله في مدينة وحدت قرب العاصمة دوشنبه، لافتتاح استوديو يعلّم فيه الرسم.

يقول خاموش ذو اللحية القصيرة المشذبة بعناية "لقد توقف جميع أصدقائي الرسامين أو الفنانين عن العمل" في أفغانستان منذ أن أعادت حركة طالبان فرض قبضتها على البلاد.

ويوضح لوكالة فرانس برس "الحدود مغلقة، هم لا يستطيعون الفرار ويلازمون المنزل من دون أي عمل. يختبئون لأنهم خائفون على حياتهم".

بعدما شعر باقتراب الأسوأ، غادر خاموش أفغانستان قبل عودة "طالبان" إلى الحكم في أغسطس/ آب، إثر عملية خاطفة انهارت فيها القوات الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة بسرعة كبيرة.

وبعد السيطرة على كابول، عمدت السلطات الجديدة إلى إزالة الجداريات من الشوارع، وأي تعبير فني لا يتوافق مع عقيدة طالبان.

وللمفارقة، يبدو الاستوديو الصغير الذي يديره خاموش أشبه بجنة للفنانين، مع واجهة خارجية مغطاة بالرسوم الجدارية والتعبيرات الفنية الملونة.

وفي الداخل، يسود جو من الدفء والحنين في آن. على الجدار، لوحة تمثل علم أفغانستان على شكل بؤبؤ عين ملأها الدمع.

وينكب طلاب خاموش، بينهم نساء كثيرات، على رسم بورتريهات ومناظر تذكّر بأرضهم التي تركوها مرغمين.

وتقول سبان نظري وهي تعدّل حجابها: "في كابول، كانت حياتنا في خطر. لم يكن أحد يرغب في المغادرة وترك كل ما يملك للمجيء إلى هنا".

الرسم "كل ما أريد"

 

وتضيف الشابة البالغة 19 عاماً: "من يعرف ما يخبئه المستقبل؟ أريد أن أتعلم أصول الرسم. هذا كل ما أريده حالياً".

 

وتشكل طاجكستان أحد البلدان السوفييتية السابقة الثلاثة التي لها حدود برية مع أفغانستان. لكنها الوحيدة التي ترفض إقامة اتصالات مباشرة مع حركة طالبان وتجاهر بدفاعها القوي عن الأقلية الطاجيكية الوازنة في أفغانستان. لكنّ هذا البلد الفقير يمتنع عن تشريع حدوده لاستقبال عدد كبير من اللاجئين.

 

وكان خاموش جزءاً من المشهد المزدهر سابقاً لفناني الشارع في كابول، والذي تطور بعد سقوط حكم طالبان السابق سنة 2001. وهو فر بعد مقتل والده على يد مسلحين، في عملية يتهم متشددين دينيين بارتكابها. ويقول "ذهبت إلى طاجكستان، إذ لم يكن لديّ أي مكان آخر أقصده".

 

وفي الاستوديو الفني الذي افتتحه قبل ثلاثة أشهر، ينشر المنفيون قسراً آلامهم وآمالهم على الجدران. ويمثّل رسم معركة بين جواد أبيض وآخر أسود، في تعبير رمزي عن الهويات المتعددة في أفغانستان، البلد المتنوع ثقافياً ولغوياً ودينياً وإثنياً.

 

 

وينكب شاب على إنجاز رسم بورتريه للزعيم أحمد شاه مسعود، أحد أبرز رموز القتال ضد "طالبان" الذي اغتيل سنة 2001.

 

أما جارته فتضع اللمسات الأخيرة على عملها الذي يمثل شجرة تنبت على أرض صخرية، لتبعث من خلاله رسالة أمل.

 

من جانبها، ترى أورانوس نديري، الشابة البالغة 24 عاماً التي فرت من أفغانستان مع زوجها وطفليهما، أن مساعي "طالبان" لطمس الفنون في البلاد ستبوء بالفشل.

 

وتقول "طالبان تلجأ إلى العنف لأن الناس لم يعودوا كما كانوا قبل عشرين عاماً. هم لا يريدون العودة إلى الحياة كما كانت سابقاً".

 

 

 

(فرانس برس)

 

المساهمون