فضيحة لقاحات كورونا في لبنان تثير غضباً واسعاً

فضيحة لقاحات كورونا في لبنان تثير غضباً واسعاً

25 فبراير 2021
تلقى سياسيون اللقاح في خرق لآلية التطعيم (حسين بيضون)
+ الخط -

سلسلة من الفضائح المتعلّقة بلقاحات فيروس كورونا في لبنان تستمرّ بإثارة غضب واسع في البلاد، ينعكس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قد يكون الأكثر إجماعاً عليه. فهذا الأسبوع، كشف صحافيون لبنانيون عن تلقّي 16 نائباً اللقاحات في مقرّ البرلمان اللبناني، ما أثار غضباً واسعاً لما فيه من خرق لخطة التطعيم المعتمدة في البلاد، دفع البنك الدولي إلى التلويح بتعليق تمويله للحملة.

وهدّد المدير الإقليمي في البنك الدولي ساروج كومار جاه بتعليق الدعم المالي لحملة التلقيح إذا ثبت "خرق" الخطة المتوافق عليها. وكتب على "تويتر"، أن ما حصل "لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي، وسنسجله على أنه خرق للشروط والأحكام التي تم الاتفاق عليها معنا من أجل تلقيح عادل ومنصف". وأضاف في تغريدة أخرى: "عند تأكيد الانتهاك، قد يعلّق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم خطة الاستجابة لكوفيد-19 في أنحاء لبنان"، مضيفا: "أناشد الجميع، وأعني الجميع، بغضّ النظر عن منصبكم: تسجلوا رجاء وانتظروا دوركم".

لكنّ الخبر لم يتوقف عند ذلك، بل استمرّ كشف الصحافيين عن معلومات تؤكد تلقي رئيس الجمهورية ميشال عون وزوجته و10 من العاملين في القصر الجمهوري للقاح، من دون إعلام الجهة المكلّفة تنسيق الجهود في ما يخصّ اللقاح. ويشرف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على تخزين وتوزيع اللقاحات، في وقت تتعرض الطبقة السياسية بأكملها في لبنان لاتهامات بالفساد واستغلال النفوذ. وتمّ تلقيح حوالى 17 ألف شخص منذ وصول الدفعة الأولى من اللقاحات.

كما كشف في الأيام التالية عن تلقي وزراء للطعم في البرلمان أيضاً. قبل أن يخرج وزير الصحة حمد حسن بتصريحات تتكلم عن "قرار سيادي" اتّخذه هو شخصياً بتطعيم النواب تكريماً لهم على "جهودهم" في إقرار قانون اللقاح، ما أثار غضباً واسعاً أيضاً، وتساؤلات عن صلاحيات هذا الوزير في الأساس وتلميحاته عن خطة مختلفة ستنفذ في ملف توزيع اللقاحات.

واستحوذ الملف على الصحف والقنوات اللبنانية، وتصدّرت عناوين "فضيحة اللقاح" و"سرقة اللقاح" و"تهريب اللقاح" الصحافة اللبنانية. 

ولعلّ تصريحات النواب اللبنانيين، رداً على أسئلة الصحافيين عن خرقهم للخطة الوطنية للتطعيم، في ظلّ بطء كبير في عملية التلقيح وعدم ثقة كثيرين بالمنصة أو تسجيلهم لأخذ اللقاح، كانت سبباً إضافياً في زيادة غضب المواطنين، إذ اعتبر النائب غازي زعيتر أنّه لبناني أكثر من غيره، ما يعطيه حقاً وأولوية أكثر من غيره. فيما سكب النائب إيلي الفرزلي جام غضبه على الصحافيين، ما ظهر في مقابلتين قام فيهما بالصراخ وتوجيه الإهانات فضلاً عن الانسحاب.

وباشر لبنان منتصف الشهر الحالي حملة التطعيم بموجب دعم قدمه البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار لمساعدته في الحصول على اللقاحات، مشترطاً التوزيع العادل والمنصف وفق جدول الأولويات. وبحسب خطة الحكومة، تُخصص المرحلة الأولى من التلقيح للطاقم الطبي ومن هم فوق 75 عاماً. وأنشأت وزارة الصحة منصة ليسجل الراغبون بتلقي اللقاح أنفسهم عليها، على أن يتم التواصل معهم تباعاً لتحديد موعد ومكان التلقيح. والمفترض أنّه لا يمكن الحصول على اللقاح من دون المرور بهذه الآلية، لكنّ الأحداث الأخيرة أعادت الأسئلة حول الشفافية والثقة في أداء الحكومة.

وأثار الموضوع جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً من مواطنين ينتظرون اللقاح ودورهم أو فقدوا أقاربهم قبل أن يأتي دورهم، فيما النواب والوزراء والمستشارون يحصلون على اللقاح بطرق مواربة. وكتب أحد مستخدمي "تويتر": "والدتي في الرابعة والثمانين من العمر، ومسجلة (على المنصة)، لكنها لم تتبلغ بأن دورها قد حان، فيما السياسيون وعائلاتهم وأصدقاؤهم سيتلقون اللقاح قبلها".

وسجّل لبنان منذ مطلع العام معدلات إصابات ووفيات قياسية بوباء كوفيد-19، وبلغ إجمالي الحالات أكثر من 350 ألف إصابة بينها 4340 وفاة على الأقل منذ بدء انتشار الوباء في البلاد قبل عام. ويشهد لبنان منذ منتصف الشهر الماضي إغلاقاً مشدداً بدأ الشهر الحالي التخفيف من قيوده تدريجياً.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها الجدل في البلاد حول هذا الملف، إذ تسبّب الإعلان عن جهات تابعة لأحزاب وطوائف لبنانية، بأنها ستكون مكلفة توزيع اللقاحات في المناطق اللبنانية بغضب واسع، هذا عدا عن أخبار باختفاء نسبة 30 بالمائة من اللقاحات. هذا بالإضافة إلى انتشار أخبار تفيد بعدم تلقيح المقيمين من جنسيات أخرى، بعدما تم رفض تلقيح فلسطيني في مستشفى رفيق الحريري الأسبوع الماضي.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية تستفحل حالياً، في ظلّ انتشار فيروس كورونا وما ترتّب عليه من إقفال ساهم في زيادة المعاناة التي يقاسيها المواطنون. 

المساهمون