فرنسا تُكرّم الشجاعة الاستثنائية لصحافيين من غزة

11 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 14:54 (توقيت القدس)
الصحافيون الفلسطينيون ضمن فعاليات جائزة بايو، 9 أكتوبر 2025 (لو بينويست/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد الفيلم الوثائقي "من داخل غزة" استقبالاً حاراً في عرضه الأول بفرنسا، حيث وثّق الحياة اليومية لصحافيي وكالة فرانس برس تحت القصف الإسرائيلي، مما يعكس التحديات التي يواجهها الصحافيون في نقل الحقيقة من مناطق النزاع.

- أخرجت الفيلم الصحافية هيلين لام ترونغ، وشارك في العرض أعضاء من مكتب وكالة فرانس برس. تميز الفيلم بلقطات مؤثرة، وواجه الصحافيون الفلسطينيون تحديات كبيرة في توثيق الأحداث.

- يهدف الفيلم إلى إثارة النقاش حول دور الصحافيين في مناطق النزاع، ويسلط الضوء على المخاطر التي يواجهونها في غزة، حيث قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي العديد منهم.

وقف الحضور طويلاً للتصفيق قبل وبعد عرض الفيلم الوثائقي "من داخل غزة" الذي يوثّق يوميات صحافيي وكالة فرانس برس تحت القصف الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني المدمّر والمحاصر، وهزّ مشاعر الجمهور في عرضه الأول في فرنسا.

حضرت أستاذة التاريخ والجغرافيا مارتين سيغيلا مع طلابها عرض الفيلم مساء الخميس الماضي في مدينة بايو شمال غربي فرنسا، حيث يُكرّم طوال الأسبوع مراسلو الحروب. وقالت إنها شعرت بـ"صدمة حقيقية"، مضيفة: "صُدمت لصعوبة الحياة اليومية في غزة"، واعتبرت أن "الناس باتوا يعتادون هذه الصور العنيفة للغاية". وأضافت: "ألاحظ أن طلابي باتوا يعتادون تلك المشاهد أكثر كلما واصلوا مشاهدتها على الإنترنت".

الفيلم الوثائقي، الذي أخرجته الصحافية المستقلة هيلين لام ترونغ، عُرض بحضور سبعة من أعضاء مكتب وكالة فرانس برس الذين غطّوا بداية العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة قبل عامين بالتمام. رُفع علم فلسطين على خشبة المسرح، فيما صفّق الحاضرون طويلاً لأعضاء الفريق الغزّي، وعددهم 1100 شخص، تقديراً لشجاعتهم في مواصلة مهمتهم الإعلامية تحت القصف خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. وقف الجمهور مرتين لتحيتهم بالتصفيق، قبل العرض وبعده، في اليوم نفسه الذي وقّعت فيه إسرائيل وحركة حماس المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والأسرى.

وقالت أليس ديفراند، البالغة 29 عاماً والقادمة من مدينة كاين، إنها أُعجبت "بشجاعة هذا الخيار في الاستمرار بممارسة المهنة، التي تكاد تكون تضحية من أجل نقل الحقيقة". أما صديقتها ماريون لينوفو، وهي مساعدة اجتماعية، فأوضحت أنها "رأت سابقاً صوراً مماثلة عن الحرب والقصف، لكنها لم تكن تدرك مدى صعوبة ظروف المعيشة التي يعمل فيها الصحافيون على الأرض". وأضافت: "الملاجئ المؤقتة، والعمل في العراء من دون حماية من الرياح أو المطر بعد تدمير المكتب على يد الجيش الإسرائيلي، ربما هذه أقل الصور عنفاً في الفيلم، لكنها أثرت فيّ بشدة".

الفيلم من إنتاج مشترك بين قناتي "آر تي" و"آر تي بي إف" البلجيكية، بمشاركة شركة فاكت ستوري التابعة لوكالة فرانس برس والمتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية. وبُني على لقطات صوّرها فريق الوكالة من داخل قطاع غزة الخاضع لحظر تام على المعلومات من قبل الجيش الإسرائيلي. جرى اختيار اللقطات بعناية، إذ أكدت المخرجة أنها استبعدت المشاهد الأكثر صدمة، رغم أن الفيلم لا يخلو من صور مؤلمة. وقالت لام ترونغ قبل العرض: "ما يُعرض في الفيلم أقل بكثير من الواقع". وأضافت "إنهم صحافيون مخضرمون في الخمسينيات من عمرهم، يعرفون كيف يحافظون على مهنيتهم في ظل ظروف طارئة وقاسية جداً". مع ذلك، كثيراً ما تُقابَل رواياتهم بالتشكيك، كما حدث حين قالت مجموعات ضغط مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي إن صورة التقطها محمد عبد تُظهر طفلاً ميتاً في كفن يحتضنه والده تعود في الواقع لدمية. وأوضح عبد أنّ وسائل إعلام غربية عدة طلبت منه تقديم دليل على وفاة الطفل. وصرحت لام ترونغ: "نادراً ما شهدنا هذا القدر من التشكيك في المعلومات التي ينشرها صحافيون ذوو خبرة"، مضيفة "واجه الصحافيون الفلسطينيون أقصى درجات عدم الثقة في وسائل الإعلام".

تم إجلاء الصحافيين السبعة مع عائلاتهم بين فبراير/شباط وإبريل/نيسان 2024، وهم يعيشون حالياً في الدوحة والقاهرة ولندن، ويعانون اضطرابات ما بعد الصدمة. وتعمل وكالة فرانس برس اليوم مع نحو عشرة مراسلين مستقلين في غزة. قال منتج الفيلم ورئيس وحدة الأفلام الوثائقية في "فاكت ستوري"، يان أوليفييه، إنّ "هدف الفيلم هو إثارة نقاش بشأن دور الصحافيين" المهدّدين في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً في غزة، حيث قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي العديد من الصحافيين. وأضاف: "آمل أن يصبح الأشخاص الذين يدّعون عدم وجود صحافيين في غزة ملزمين بعد مشاهدة هذا الفيلم بالاعتراف بوجودهم، وبأنّ من واجبهم الأخلاقي إنتاج عمل صحافي مبني على الوقائع".

يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من 250 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقاً لإحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي. لتبرير هذه الجرائم، شن الجيش الإسرائيلي حملات تحريضية ضد صحافيين مثل أنس الشريف ومؤمن أبو العوف وحسام شبات، متهماً إياهم بالإرهاب من دون تقديم أي دليل. وحذّر أربعة مقررين خاصين للأمم المتحدة، في بيان مشترك يوم 12 أغسطس/آب الماضي، من أنّ هذه الدعاية الإسرائيلية تُعرّض حياة الصحافيين للخطر وتشكل "تكتيكاً مخزياً لإخفاء الجرائم".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون