فرقة Mogwai... همهمات وصرخات بعيدة متلاشية

فرقة Mogwai... همهمات وصرخات بعيدة متلاشية

01 مارس 2021
+ الخط -

أصدرت فرقة البوست روك الإسكتلندية، Mogwai، ألبوماً جديداً، يحمل عنوان As The Love Continues، وهو ألبوم الاستوديو العاشر في مسيرة الفرقة، التي مضى على تأسيسها خمسة وعشرون عاماً، وتمكنت خلال رحلتها من أن ترسم ملامح مختلفة لهوية موسيقى البوست روك، التي ابتكرتها في البداية، لتتمرد بها على أنماط موسيقى الروك التي كانت سائدة في التسعينيات، لكنها تحولت مع مرور الوقت إلى نمط قائم بذاته، تحظى باهتمام عشاق كلاسيكيات الروك، ولا سيما بعد أن رُسِّخَت بالذاكرة الجمعية، من خلال استخدامها في عدد كبير من أفلام الرعب والغموض في الألفية الجديدة. إلا أن هذا الاهتمام شكّل حافزاً لدى الفرقة لتتمرد على هويتها الموسيقية في العقد الأخير.  

لا نلمس في الألبوم الجديد تحولاً جمالياً في مسار Mogwai الإبداعي، كما هو الحال في ألبوم Rave Tapes، الذي صدر عام 2014، وعبثت فيه الفرقة بأساليبها المعتادة بالاعتماد على الموسيقى الإلكترونية، التي سُخرت لإدراج أصوات غير متوقعة، تتعارض مع الحالة المزاجية العامة التي تخلقها الموسيقى، لكننا نصل إلى النتيجة ذاتها تقريباً، من خلال استخدام تقنيات مغايرة، إذ يُمهَّد لمعظم الأغاني بموسيقى وترية باهتة، ونغمات تتكرر برتابة، سرعان ما ترافقها إيقاعات الطبول التي تبدو متناغمة معها بالبداية، لكن حين يتغير رتم الموسيقى الوترية لا تستجيب لها الطبول، بل تسير بالرتم ذاته حتى النهاية، لتمنحنا شعوراً بالحتمية المأساوية.

ولا يختلف الأسلوب كثيراً في الأغاني التي تعتمد فيها الفرقة على الموسيقى الإلكترونية، كما هو الحال في Here we go for ever، فهي في الغالب تؤدي دوراً أشبه بإيقاعات الطبول. 

يحتوي ألبوم As The Love Continues على الكثير من العناصر الجديدة التي تميزه عن ألبومات الفرقة السابقة، سواء بشكله النهائي كمنتج فني، أو بعملية صناعته وتسجيله، التي تأخرت 11 شهراً بسبب تأثير جائحة كورونا، وتبدل فيها المنتج ومكان التسجيل، وانقلبت فيها شروط العمل كلياً. مع ذلك، فإن الألبوم يبدو امتداداً لـ Every Country's Sun، الذي أصدرته الفرقة عام 2017، يتمتع بذات الهدوء والسكينة التي تفتقدها الألبومات السابقة جميعاً. 

إن موسيقى Mogwai تحمل بين طياتها نبرة خاصة لطالما كانت تلازمها، تستطيع أن تعثر عليها حتى وإن اختلفت الآلات التي تُعزف عليها وتبقى واضحة، مهما اختلفت ظروف إنتاجها؛ فسواء اعتمدت على الغيارات الكهربائية أو البيانو، أو حتى موسيقى إلكترونية، ستبقى نبرة الحزن مسيطرة بشكل كامل على نتاجها الفني؛ حزن يمكن وصفه بأنه حزن غير شخصي، يحمل شحنة عاطفية غير مألوفة ويلفّه الغموض.

وقد كان استخدام الموسيقى العنيفة في البدايات يعطي شحنة عاطفية فائقة، إذ كانت الموسيقى تبدو أشبه بصرخات عنيفة في تأبين لشخص مجهول الهوية، تشعر بالتعاطف معه من دون أن تعرفه، أو تعرف حكايته حتى؛ لكن الميل نحو الهدوء في الألبومين الأخيرين، جعل موسيقى Mogwai، تعزز مشاعر مختلطة في آنٍ واحد، وتسمح لها بالانفلات للحظات والتلاشي، لكن حالة الحزن تبقى طاغية رغم زوال المشاعر التي ولدتها الموسيقى. 

الألبوم الأخير يعتمد بغالبيته على مقاطع موسيقية صرفة، لا تكسرها سوى الهمهمات والصرخات البعيدة المتلاشية، باستثناء أغنية Ritchie Sacramento التي يخفف فيها حضور الكلمات من رهبة الموسيقى. ورغم أن كلماتها تتسم بشعرية كئيبة، فيرد فيها: "طار رمح الكريستال فوقي، غادر من هنا فجأة، وتركني وحيداً على الطريق. ما الذي يعيدك؟ الوعود! الذكريات! شبحك يهرب مع الماضي، يختفي في الشمس. ذهب كل شيء. استغرق الأمر بعض الوقت للتفكير فقط".

المساهمون