فخر صيني بإدراج فن تاي-تشي القتالي ضمن قائمة التراث العالمي

فخر صيني بإدراج فن تاي-تشي القتالي ضمن قائمة التراث العالمي

12 يناير 2021
لتاي-تشي "مدارس" عدة غالباً ما يُعرّف عنها باسم فئة معينة (Getty)
+ الخط -

يمسك مدرّب التاي-تشي بتلميذه، قبل طرحه بقوة أرضاً، لكن مع ابتسامة تعلو محياهما... فهذان الصينيان، على غرار كثير من مواطنيهما، يبديان "الفخر" بإدراج هذا الفن القتالي في "قائمة اليونسكو للتراث العالمي غير المادي".

وقال وانغ جانجون (47 عاماً) من قاعة التدريب الواقعة على تخوم ساحة تيانانمن، في بكين، إن "مساهمة ثقافتنا في تحسين اللياقة البدنية لدى أناس في العالم أجمع أمر مفرح للغاية". وأضاف المدرّب الذي علّم تقنيات التاي-تشي إلى الممثل جت لي نجم أفلام الحركة "أنا سعيد للغاية".

أدرجت "اليونسكو" منتصف ديسمبر/كانون الأول التاي-تشي، بمسمّاه الصيني "تايتشيتشوان"، على قائمتها للتراث العالمي غير المادي. ويشكّل ذلك محطة إضافية في الاعتراف العالمي بالحضارة الصينية، بعد إدراج الخط الصيني (2009) وأوبرا بكين (2010) والوخز بالإبر (2010) على القائمة نفسها.

وتعود جذور التاي-تشي إلى قرون عدة، وابتُكر أساساً ليكون من الفنون القتالية على أرض المعركة. وبات يُنظر إليه بشكل خاص على أنه من أشكال التدريب الجسدي أو الجمباز البسيط.

ويمارس كثر من الفئات العمرية كافة هذا الفن القتالي في الصين، خصوصاً في الشوارع أو الحدائق، حيث يمكن رؤيتهم يقومون بحركات بطيئة أو سريعة للإبقاء على صحة الجسم والروح.

ويوضح أستاذ التاي-تشي، البالغ 63 عاماً، وانغ تشويوو:  "أنا قصير القامة. لتفادي الإيقاع بي من جانب مَن هم أكبر مني حجماً، تعلمت في سن مبكرة المصارعة والتاي-تشي والفنون القتالية كوسيلة للدفاع عن النفس". يدرّس وانغ التاي-تشي في أروقة متنزه ريتان الخضراء في الحي الدبلوماسي، في العاصمة بكين.

وغير بعيد من هنا، تقول لان غويشن، البالغة 75 عاماً والتي تمارس هذا الفن القتالي، إن التاي-تشي ساعدها على "التخلص من الربو"، مشيدة بقرار "اليونسكو" بالقول "أن يصبح التاي-تشي معروفاً وموضع تقدير من باقي العالم مصدر فخر عظيم لنا".

يقوم التاي-تشي على سلسلة خطوات إفرادية أو حركات قتالية ضد الخصم. وتُنسب إليه مزايا عدة بينها تحسين الشكل وتقوية الجسم وتعزيز ليونة المفاصل. ولهذا النشاط البدني ميزة لا تقل أهمية، إذ إنه "يزيد ممارسيه من الجنسين جمالا"، وفق وانغ شانجون، الذي يشير إلى أن هذه الميزة تعود بجزء منها إلى الممارسة الرياضية وأيضاً إلى القدرة على تحسين التنفس وتحسين مستوى الأكسجين في الدم.

ودفع هذا الفن القتالي فاتورة الثورة الثقافية (1966 ــ 1976) حين كان معلّمو التاي-تشي متهمين بالترويج لفن "إقطاعي". وبعد انتهاء هذه الحالة الهستيرية في عهد ماو تسي تونغ، تضافرت الجهود لإحياء هذا الفن القتالي عبر إعادة إطلاق ممارسات التاي-تشي وتدريب مدرّسين تلامذة مجددا.

ويقول وانغ جانجون "في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، توجه والدي، وهو معلّم في المجال، إلى اليابان وأوروبا، وتحديداً فرنسا، لنشر التاي-تشي". ويضيف "عمل الجيل السابق يؤتي اليوم ثماره، بما أن أجانب كثيرين باتوا يسلكون الطريق المعاكس ويأتون (إلى الصين) للتعلم".

ولتاي-تشي "مدارس" عدة غالباً ما يُعرّف عنها باسم فئة معينة، وتتباين ممارساتها. في الغرب، يبقى النمط الأكثر انتشاراً من هذا الفن القتالي هو "يانغ"، بحركاته الدائرية البطيئة. أما مدرسة "تشين" التي يمارسها وانغ جانجون فتتميز بحركات أكثر حماسة تعكس الروح القتالية للاعبي تاي-تشي.

وإضافة إلى هذه الحركات، تُستخدم أسلحة بينها السيوف والعصي والخناجر. وتنظم مسابقات عدة للتاي-تشي. لكن حتى الساعة، لا يزال هذا الفن القتالي خارج قائمة الرياضات الأولمبية، ربما بسبب صعوبة توحيد أساليبه المختلفة.

وفي الانتظار، قد يثبت التاي-تشي فعاليته ضد "كوفيد-19"، وفق وانغ جانجون، الذي يقول إن "ممارسة تاي-تشي تتيح تعزيز بنيتنا الجسدية ومناعتنا وقدراتنا القلبية الرئوية"، وبالتالي فإنها "مفيدة بطبيعة الحال ضد الأمراض وكوفيد-19".

(فرانس برس)

المساهمون