غضب في مواقع التواصل على مقتل المعارض الفلسطيني نزار بنات

غضب في مواقع التواصل على مقتل المعارض الفلسطيني نزار بنات

26 يونيو 2021
طالب المغردون بمحاسبة المسؤولين والمحرضين على قتل الناشط بنات ( العربي الجديد)
+ الخط -

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي غضباً ورفضاً لجريمة اغتيال الأجهزة الأمنية  الفلسطينية وتصفيتها للمعارض السياسي نزار بنات، بعد ضربه وسحله خلال وجوده في منزل جنوبيّ مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة الخميس، حيث غصّت تلك المنصات بآلاف التغريدات التي أعلنتها مدوية عن رفضها تلك الجريمة، وضرورة محاسبة القائمين عليها والمحرّضين على قتله، فيما ذهب كثيرون إلى تحميل أعلى المستويات القيادية في السلطة والحكومة المسؤولية لصمتها عمّا كان يتعرض له بنات من تهديدات علنية بالقتل والاعتقال والملاحقة.

وعدد المغردون الأسباب التي دفعت السلطة الفلسطينية إلى التخلص من بنات، وأهمها مواقفه الرافضة لفساد السلطة وانتقاده لسلوكيات قياداتها، فيما أعرب البعض عن اعتقاده أن قرار التخلص من بنات جاء في أعقاب شنِّه حملة عبر صفحته على فيسبوك، هاجم فيها السلطة بعد الكشف عن فضيحة ما بات يُعرَف بـ"صفقة اللقاحات"، التي تمت بموجب اتفاق إسرائيلي فلسطيني تتسلم فيه السلطة لقاحات بموعد صلاحية قريب من إسرائيل، على أن تتبادل تلك الحصة ذاتها من حصة السلطة في اللقاحات حين وصول دور السلطة فيها من قبل شركة "فايزر"، وبعد احتجاج عارم اضطرت الحكومة الفلسطينية الجمعة الماضي إلى إعلانها إعادة الدفعة الأولى من تلك الصفقة إلى إسرائيل.

ونظراً للعلاقة التي كانت تربطه بالصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين، فقد خصص كثير منهم منشورات للتنديد بقتل بنات والتحذير من التغول غير المسبوق للأجهزة الأمنية على الحريات وقمع المعارضين واعتقالهم وتعذيبهم، وصولاً إلى قتلهم، وسط دعوات لمحاكمة من أصدر الأوامر بملاحقته، وعدم الركون للجان التحقيق التي لم تخرج يوماً بنتيجة، على حد تعبيرهم.

الإعلامي جورج قنواتي من مدينة بيت لحم، كتب: "نزار بنات ما مات، نزار قُتل، ومن يقول غير هيك يكون كذاباً وساكتاً عن الحق (..) مهما اختلفنا بطريقة انتقاده للأمور، إلا أن صمتنا تجاه الاعتداء الذي تعرض له بنات أول وثاني وثالث وعاشر مرة، هو الذي أعطى "عين" لكل من أصدر الأوامر بمداهمة بيت نزار والاعتداء عليه بالضرب بهذه الطريقة الجنونية (حسب وصف عائلته)، والتي أدت لمقتله".


وتابع: "على كل من تورط بمقتل نزار من أكبر إلى أصغر رأس الرحيل (..) عليكم بالاستقالة أو الإقالة، عار مقتل نزار سيبقى يلاحقكم إلى آخر يوم (..) بداخلي وجع وألم كبير، إلى أين وصلنا ومن أوصلنا إلى هُنا؟".

أما الصحافي أحمد البديري، فنشر تغريدة عن بنات، قال فيها: "نزار لديه منجرة متواضعة في بلدة دورا بالخليل (..) مثقف كأفضل بروفيسور ويدرس كأنه تلميذ، صدح بصوته العالي منذ سنين حول الفساد والمحسوبية، شديد كالسيف في كلامه ومع ذلك ما عرفنا عليه الكذب، يسعى للإصلاح لا للعنف ومع ذلك ضُرب مراراً (يسعى فعل مضارع وليس ماضياً لأن ذكراه حية)، اعتقل أكثر من مرة رغم أنه لم يرتكب أي مخالفة جنائية، والدليل أنه كلما عُرض على المحكمة أمرت بإطلاق سراحه، لأنه بريء حسب القانون ولولا ذلك لصدر بحقه قرار قضائي وذلك لم يحدث أبداً".


الإعلامي إيهاب جريري قال: "إن نزار استشهد لأنه لم يهادن، لأنه كان أشجعنا بقول ما لا يجرؤ كثر على قوله، استشهد تاركاً خلفه خمسة أبناء منهم طفلة رضيعة وابنة كان يجب أن تتقدم لأول امتحاناتها في الثانوية العامة، استشهد نزار تاركاً خلفه زوجة قوية مؤمنة بما عاش وناضل من أجله زوجها وما عرضها وأبناءها لإطلاق النار، وغيابه فترات طويلة وسلسلة اعتقالات على خلفية تصريحاته، استشهد نزار تاركاً خلفه قولاً كثيراً اتفقنا معه أحياناً واختلفنا معه أحياناً أخرى، لكننا جميعا نتفق أنه عاش حراً ومات حراً بلا مهادنة ولا تخاذل".


أما الإعلامية ناهد ابو طعيمة فقالت: "إن أكثر ما يثير الدهشة في بشاعة ما حدث مع الناشط بنات هو تصرف النواطير(..) أن يكون الغضب عند من اتخذ قرار اعتقاله مفهوم ولديه مأرب، لكن نواطير الأمن ما هذا التوحش! عشرون رجل يعتدون على رجل أعزل".


بدورها، قالت الإعلامية نور عودة: "يصعب الحديث في يوم أسود مثل هذا، يغيب الكلام ويستحل الغضب والفزع على ما وصلنا إليه، قتل نزار بنات جريمة سياسية كاملة الأوصاف ومن يريد تبريرها على حائطي فليستعد لبلوك على وجهه، قتل من تختلف معه ومن يوجد بينك وبينه خصومة تصرف إجرامي لا يقبله عاقل، هؤلاء يريدون لنا أن نغرق في الدم والغضب، بئس الواقع الذي وصلنا إليه".

الناشط أشرف بدر قال إن قتل بنات يفتح مجدداً ملف الاعتقال السياسي، متسائلاً: "كم شخص مثل نزار يحتاج غول الاعتقال السياسي أن يقتات بدمه، حتى تستمر منظومة الفساد بالحياة؟، العشرات إن لم يكن المئات مروا بما مر به نزار، لكنه محظوظ، فقد غادرت روحه جسده، أما غيره فلم يحالفه الحظ، وبقيت روحه داخل جسده أثناء الاعتقال وبعده تعاني من وطأة وأهوال التعذيب الجسدي والنفسي تتجرع ذاكرته أهوال الاعتقال السياسي، بقيت أرواحهم المعذبة في أجسادهم المنهكة من التعذيب، أرواح عانت من الذل على يد ذوي القربى".


من جهته، أكد الناشط أسيد خضير أن "توقيت مقتل بنات ليس صدفة، والسلطة هنا هي المستفيد الأكبر، حيث تحاول التغطية على موضوع صفقة اللقاحات والفساد الحاصل فيها، كيف لا والأزمة امتدت لتصل بين حسين الشيخ ومحمد إشتيه بشكل مباشر".

وقارن الناشط محمود الزبن بين ما جرى في فرنسا عندما صفع مواطن فرنسي الرئيس ماكرون، وحكم عليه بالسجن لأشهر معدودة، وقتل بنات، قائلاً: "في بلدي الرازح تحت بساطير الاحتلال يخرج ناشط لينتقد كلامياً صفقة لقاح مشبوهة (وهي بالفعل مشبوهة)، فتكون النتيجة وفاته بطريقة يندى لها الجبين الإنساني والوطني والأخلاقي".

ورأى محمد حجازي أنه "بمقتل القائد الوطني المعارض نزار بنات، تكون السلطة قد دخلت في أكثر مراحلها حلكة في نفق أوسلو، وفقدت شرعيتها ولم يبقَ منها سوى ما أراده الاحتلال من مشروع أوسلو المشؤوم".

وعلقت أصالة جازي على تشكيل الحكومة للجنة تحقيق، قائلة: "عندما يوعز محمد إشتية بتشكيل لجنة تحقيق محايدة، فهذا اعتراف منه بأنه لا توجد لجنة تحقيق تم تشكيلها من قبل لأي قضية وكانت محايدة".

أما حسام المصري، فرأى أن صمت الشعب الفلسطيني عن فساد السلطة ومسها بالحريات، كان سبباً في ما وصلنا إليه، وقال: "عندما نصل لمرحلة نكون مثل النعاج نساق إلى المسالخ بذلّ ومهانة، فيجب علينا أن لا ندعي حب الوطن، الوطن حيث الكرامة، إذا أردتم الحرية فاخلعوا ثوب الخوف والهوان"، فيما طالب بإقالة رئيس الوزراء بصفته وزيراً للداخلية وإقالة جميع من سبّب إهانة أي مواطن أو استخفّ بدماء وأرواح أبناء الشعب الفلسطيني.

المساهمون