عمرو دياب... كم يبلغ ارتفاع الهضبة على يوتيوب؟

عمرو دياب... كم يبلغ ارتفاع الهضبة على يوتيوب؟

30 يوليو 2021
صيف يمضي بارداً على عمرو دياب (فيسبوك)
+ الخط -

تتسرّب سخونة الصيف، أيضاً، إلى صناعة الموسيقى في العالم العربي، باعتباره موسماً تتركّز فيه إصدارات العام الغنائية. لكن، بالنسبة إلى عمرو دياب، لعله الموسم الأكثر برودة، إذا ما نظرنا إلى عدّاد المشاهدات الخاص بقناته على يوتيوب.

فرغم أن الأخيرة تقع ضمن الأكثر متابعة عربياً. لكن، مع أغنيتيه الجديدتين، للجمهور رأي آخر.
منذ عشرة أيام، حتى اللحظة، وصلت مشاهدات أغنية "اتقل" إلى 900 ألف مشاهدة. أمّا "أحلى ونص"؛ فما زالت فوق حد الـ 500 ألف مشاهدة بقليل. في المقابل، حققت أسماء أقل رنيناً عدد مشاهدات كبيرا في فترة وجيزة، أو على الأقل حققت مشاهدات أعلى بكثير من صاحب "تملي معاك".
‏في هذا السياق، تصدّرت أغنية تامر حسني، "صعبة"، المشهد بـ 29 مليون مشاهدة خلال ستة أيام، وتجاوزت مشاهدات أغنية حسين الجسمي "حتة من قلبي" الـ 12 مليون مشاهدة. وبعد أسبوعين، وصلت آخر أغاني وائل كفوري، "البنت القوية"، إلى 20 مليون مشاهدة.
‏في السابق، كانت صناعة الألبوم تضع عمرو دياب في المقدمة، وهو أمر لم يتخلّ عنه خلال ثلاثة عقود. لكن المشهد تغير أيضاً، ويبدو أن الهضبة، كما يحب جمهوره أن يلقّبه، بدا عاجزاً عن تفجير المفاجآت على يوتيوب ومنصات الإنترنت التي تفرض أشكال إنتاج جديدة. حتى أنه ما زال يراهن على الألبوم، رافضاً الأغنية المنفردة، التي أشار إليها المنتج محسن جابر، كسمة ملائمة لهذا العصر. وبالتأكيد، يمكننا السؤال: ماذا لو كان يوتيوب مستخدماً عند صدور أغانيه الأكثر شهرة، مثل "نور العين" أو "قمرين" أو "حبيبي ولا على باله"؟ هل كانت ستحطم أرقاماً قياسية؟ بالتأكيد ستحقق نسبة مشاهدات قياسية، لكن منصات الإنترنت، أيضاً، غيرت أنماط الجمهور، ووسعت شرائحه.

كان عمرو دياب هو الموجه الأبرز للموضة الموسيقية في العالم العربي

كان عمرو دياب هو الموجه الأبرز للموضة الموسيقية في العالم العربي، لكن اليوم هناك جيلان تغلب عليهما النظرة بأن طرازه قديم. مع هذا، لا نغفل سمة مهمةً لدى عمرو دياب، راهنت عليها جُل إصداراته الأخيرة، مستحضراً نجاحاته القديمة. وهي سمة لازمته طوال مشواره، فظل يحتفظ على المقسوم الذي شكّل سطوع نجمه في ألبوم "ميال"، في وقت كان يبحث عن أشكال موسيقية جديدة، كانت دائماً الحدث الأبرز غنائياً في كل عام. وعزّزت نجاحاً يكاد يكون أسطورياً في اختراق جمهور عالمي، لم يسبقه إليه مغنّ عربي، باستثناء نجوم الراي الجزائريين.
‏لكن دياب اليوم انقضى عصره الذهبي، والعودة له ليست في اختيارات يغلب عليها الكليشيه، تركن لجمهور جاهز، مع الوقت يخفق في المحافظة عليه. أغنية "اتقل"، مثلاً، تستحضر التكنو هاوس الذي بفضله أصبح موضة موسيقية في كل ألبوم بوب عربي.

إلا أن لحن مدين يعيد تدوير ألحان مستنزفة ومكرورة، وبكلمات استهلكها الغناء العربي؛ فهي مجرّد غزل يضفي المحاسن على المحبوبة. يتألف اللحن من جزأين على مقام الكرد، أحدهما على القرار، يتبعه مذهب جوابي. نفس الأمر في أغنية "أحلى ونص"؛ إذ يبدو لحنها أشبه بمقرر دراسي باهت في الغناء المصري.. مجرّد أشطار متتابعة بلحن على مقام النهاوند، تتشابه مع تغييرات طفيفة، بينما المقسوم الشرقي ليس المشكلة، إذ يبقى ركناً في غناء البوب المصري.
‏وعموماً، تستجد مسألة أن تلك الألحان تتشابه شكلاً ومضموناً، ونعتمدها فقط في خانة إصدارات جديدة. هل ذلك مأزق عمرو دياب فقط؟ بنظرة سريعة على الإصدارات الجديدة، يراهن الجميع على أنماط شكلت شعبيتهم. فأغنية تامر حسني، "صعبة"، يستهلها في الفيديو كليب بصالة ديسكو محشوة بالراقصين، ينبع فيها صوت بوب غربي، ليبدأ هرج شائع. حتى إذا ما نظرنا إلى شكل حسني، نلاحظ أن قسماته تغيرت بعدد من عمليات التجميل: أنف أنغلو سكسوني، وذقن مربع، وعظمتا فك ناتئتان على حدود الوجه السفلي. فلا هو جاكسون المشرق، ولا حتى بمقدوره أن يرث حضور عمرو دياب عربياً. بينما المزيج من إيقاع البوب الغربي والمقسوم الشرقي، لا يشفع له، على أن ملامح ازدياد عدد المشاهدات، ينم عن توجهات الشباب في الجمل المحتضرة لحنياً، لحساب التتابع الصاخب الذي يمنحه الانتظام النغمي سمة الغناء. لكن هذه المتابعات تمنحنا صورة عن ارتفاع أسهم عزيز الشافعي كملحن ناجح.
‏حققت ألحان الأخير نجاحاً مع عمرو دياب، لكن أبرز نجاحاته على منصة يوتيوب مع المغربي سعد لمجرد. كما أن لحنه، "حتة تانية"، جعل من عودة روبي بعد غيابها سنوات لافتة، بحصولها على مائة مليون مشاهدة تقريباً في فترة تقترب من الخمسة شهور. مع ذلك، لم تخرج روبي عن تقليعتها المألوفة مع أول ظهور لها.


‏تلك التوليفة المستهلكة، أيضاً، كانت سمة حسين الجسمي، ملحناً ومغنياً لكلمات مصرية، ليعود بلحن يكرّر فيه ما سبقه، والذي، مع ذلك، حقق نصف مليار مشاهدة، ليعاود استنزاف مقام الكرد الذي يهيمن على معظم الإصدارات العربية.
‏هل كان للحن أي دور في نجاح أغنية وائل كفوري في "البنت القوية"؟ اللحن يتسم أيضاً بأسلوب كفوري المعتاد برومانتيكية مستهلكة، مع استقراره على القرار بجمل بسيطة، لكن هذا النوع يبدو مطلوباً للجمهور العربي. وربما عنوان الأغنية يصب، أقله شكلياً، في مضامين المناصرات النسوية. على أن الواضح في ما ينساق له الجمهور من كلام في الأغاني التي تنتصر لثقافة الأزقة والأحياء المكتظة، لكن بمضامين سطحية.
‏لعل بعض أسباب سقوط ملك البوب في سباق يوتيوب، تقادم أسلوبه، لكن سميرة سعيد الأقدم منه، والتي واكبت موجة البوب، تجاوزت أغنيتها أربعة ملايين مشاهدة. ولا يعني أن نجاحها على يوتيوب تجاوز عمرو دياب، لكن الأخير ربما يتيح نفسه بصورة مستمرة. ففي مطلع العام، أصدر ألبومه "يا أنا يا لا". ومن بين ما أصدره طوال العام، يبدو أن أغنيته الخاصة بإعلان فودافون في طريقها إلى حصد المشاهدات الأعلى، بين كل إصداراته هذا العام، بوصولها إلى 12 مليون مشاهدة خلال أسبوعين.

موسيقى
التحديثات الحية

‏كان معتاداً أن يسبق صدور ألبوم جديد لعمرو دياب حملة ترويجية عنوانها "الصيف ما يكملش من غير الهضبة". ما زال لتلك العبارة وقع رنان لدى الجمهور على حفلاته الصيفية. هل أراد دياب أن يثبت لنفسه بإصداره أغنيتين في الصيف وقع تلك العبارة؟ وعلى الضد، يبدو أن الصيف يمرّ من دون عطش لأغاني صاحب "عودوني". لعله بحاجة لأسلوب جديد في إدارة إصداراته، بعض التأني والاعتراف بأن عصر الألبوم لم يعد كما هو في السابق، فتتويجه ملكاً لذلك العصر تم وانتهى.

المساهمون