عمرو دياب... كما لو أنه خرج من كابوس

عمرو دياب... كما لو أنه خرج من كابوس

06 فبراير 2023
يستعيد دياب أدوات نجاحه خلال الثمانينيات (سيمون هولمز/Getty)
+ الخط -

افتتح عمرو دياب العام الحالي بثلاث أغانٍ، تؤكد تنازله عن لمسة الإبهار على الصعيد الموسيقي. وفي نفس الوقت، يستعيد أدوات نجاحه في البوب المصري، خلال الثمانينيات، بخلاف ما أضفاه التطور التكنولوجي على صناعة الموسيقى.
وفي محاولة لإثبات مكانته ضمن مقدمة نجوم البوب العربي، يستند إلى كلمات غنائية، أو مواضيع، يمكنها لفت انتباه الجمهور. لكن هل أراد النجم المصري أن يبعث برسائل غير مباشرة عبر آخر أغانيه؟ على الأقل تتماشى أغنية "سينجل" مع وضعه الحالي، بعد انفصاله عن النجمة المصرية دينا الشربيني.
تحتفي أغنية "سينجل"، وهي من كلمات بهاء الدين محمد وألحان عزيز شافعي، بخطوة تبدو كابوساً في العلاقات، أي الانفصال. ويبدأها: "بعلن في النبأ العاجل إنني دلوقتي بقيت سينجل، هاي هاي يا سناجل قلتلكم أنا هاجي وجيت". اللافت في الأغنية الاستهلال الإيقاعي، إذ تبدو الطبول الشرقية على إيقاع البلدي، المصحوبة بتآلفات الكيبورد، مُبتهجة بمحاكاتها أغاني الأفراح.
تتضمن الأغنية دلالات في مديح الهروب من الارتباط، مثل اختفاء رنة الموبايل المستمرة، وارتياحه من "الزن". إذ تبعث مفردات سائدة في الوعي الذكوري التي توصم الشريكة بأنها كثيرة التذمّر. من جانبه، دافع شاعر الأغنية، بهاء الدين مُحمد، عن دلالة كلماتها، بأنها صالحة ليغنيها الأزواج والزوجات على حد سواء. بمعنى أن نكد الزوجية يعاني منه الطرفان، وليس الرجل فقط، وإن جاءت الأغنية على لسان رجل. 


حمل خطاب الأغنية، على مقام الكُرد، هجاء مُبطناً للعلاقة العاطفية، فتأتي بلسان الرجل المنفصل حديثاً، والمنضم لسابقيه، بنبرة احتفال، كما لو أنه خرج من كابوس، وهو يقول في خياله للناس "باركولي عقبال عندكم". 
كما أنها خطوة لا ينبغي أن يطول التفكير فيها، ليختمها بتوجيه خطابه لمن سبقوه في هذه الخطوة: "أتاريكم مش شايلين هم"، وأيضاً بقوله: "وصدقتم وعلى رأيكم راحة أعصابنا أهم"، وأيضاً بما لاحظه وتعلمه "بيقولوا على طول للسنجل أحسن حاجة عملتها". 
بالطبع، ليس بإمكاننا الجزم ما إن كان عمرو دياب يقصد أحداً بعينه في أغنيته، لكنها لا تخلو من وصف لحالته الاجتماعية، أي العيش منفصلاً. وبالتالي، فأم أولاده الثلاثة، زينة عاشور، ستنال النصيب الأكبر من هجائه للحياة الزوجية، جنباً إلى جنب مع دينا الشربيني التي أرادت أن تستمر علاقتها معه بزواج رسمي، لكن ذلك لم يحصل.
وسبق لعمرو دياب أن غنى للشربيني "أجمل عيون" في ألبوم "معدي الناس" (2018). وهو ما استقبلته وسائل الإعلام باحتفاء، بعد أن ضمنها إشارة لبرج الممثلة المصرية (الحوت). ولم تستمر الظنون كثيراً، فسرعان ما أصبح ظهورهما علنياً.

اللافت، أن عمرو دياب اتسم حضوره بثيمتين؛ الأولى تتمثل بالتمرد في الأسلوب الغنائي والموسيقي، عبر مفاجأة جمهوره بأنماط موسيقية جديدة في كثير من إصداراته. فبعد استهلاك جميع الأشكال الموسيقية المُتاحة في غناء البوب، اتجه صاحب "قمرين" نحو كل ما هو متمرد في الخطاب الغنائي. الأمر الآخر أنه أعلن عن تمرد ضمن حياته الخاصة، وبشكل يخالف صراحة العادات الاجتماعية المصرية والعربية، وتحديداً برغبته أن تستمر علاقته بدينا الشربيني من دون زواج رسمي. 
ولعل أغنية "ما تيجي نفك"، أول إصداراته هذا العام، تحمل مضامين جريئة لكنها مُبطنة؛ إذ يخاطب محبوبته: "انسى الكسوف انسى البراءة دي ليلة محتاجة لجراءة.. احضن وثبت حبة فيا وتعالى نتجنن شوية". وبطبيعة الحال، فهي لا تخرق المحاذير، لكنها تعكس رغبته بالبحث عن مجال إثارة يتيحه الكلام، بعد أن خفت بريق الموسيقى. 

في "ما تيجي نفك"، سنلاحظ أن التنفيذ الموسيقي للأغنية ليس جديداً، بخلاف الطابع الفرائحي للموسيقى والغناء؛ إذ تستهل بمقدمة من الإلكتروميوزيك، محدودة عبر الكيبورد، ليبدأ الغناء. يتكون لحن الأغنية من قسمين؛ فالكوبليه جاء بأسلوب البوب اليوناني، بينما يتخذ المذهب طابع البوب المصري بمصاحبة إيقاع المقسوم. اللافت أيضاً استخدام مقسوم بأسلوب الثمانينيات، مع مصاحبة التصفيق المبرمج. 
تعود أغنية "ما تيجي" نفك للملحن المصري محمد يحيى كلاماً ولحناً. وهو نفسه مُلحن ثالث إصدارات عمرو دياب الجديدة "مضحوك علينا". أيضاً، تتناول الأغنية حباً مختلفاً لما سبق وعرفه: "جالنا ناس بيفرحونا ومّا نزعل بيشوفونا".
جاءت الأغنية على مقام النهاوند، كلماتها تعود لمحمد البوغة. وخلافاً للأغنيتين السابقتين، لا يحمل خطابها أي نوع من الإثارة. لكنها بينما تمتدح هذا الحب المثالي، تروي أيضاً تجارب مخيبة بالمقابل. يحددها في غناء المذهب: "ده احنا كان مضحوك علينا طول حياتنا يا جدع، كان بيتنكد علينا وفهمونا ده الدلع.. ييجوا يشوفوا الهنا والا ما يجوش بالسلامة حد بعد ما يلقى راحته يفتكر تاني الوجع".
هكذا، يستعيد ثيمات "النكد" التي أقرها في أغنية "سينجل". واللافت أن غناء المذهب في مطلعه يبلغ الذروة، خلافاً للنبرة الهادئة لغنائه الكوبليه. فهل أراد عمرو دياب أن يهجي كل علاقاته السابقة؟
وإذا كانت الإجابة نعم، فهذا يعني أن زوجته زينة عاشور صاحبة النصيب الأكبر من هذا الهجاء. لكن لعمرو دياب من الأغاني التي كانت على صلة بحياته الخاصة، بدءاً بأغنية "متخافيش" (1989)، ومن المعروف أنه غناها لزوجته الأولى شيرين رضا، إذ ظهرت معه في الفيديو كليب.

نجوم وفن
التحديثات الحية

أشارت رضا في لقاء تلفزيوني إلى أن أغاني عمرو دياب فترة ارتباطهما كانت لها. لاحقاً ستقول إنها "أم الخدود الحُمر" في أغنية "يوم تلات" التي أصدرها خلال ارتباطه بدينا الشربيني. والأخيرة ظهرت معه في كليب أغنية "أماكن السهر".
خلافاً لذلك، لم ترتبط زينة عاشور بواحدة من أغانيه بشكل واضح، لأنها بعيدة عن الأضواء مقارنة بشيرين رضا ودينا الشربيني. لكن غناء عمرو دياب لم يقتصر على زوجاته أو حبيباته، إنما امتد إلى أطفاله.، فابنته الكبرى غنّى لها "نور عيني"، بينما غنى "قمرين" لتوأميه عبد الله وكنزي. والأخيرة غنى لها أغنية حملت اسمها "كنزي" في 2003، بينما كانت لأصغرهنّ، جنى، أغنية حملت اسمها.

المساهمون