علي ثامر: قنّاص "شارع حيفا" وجائزته

علي ثامر /شارع حيفا (Imdb)
02 أكتوبر 2020
+ الخط -

لفت الممثل العراقي علي ثامر أنظار النقّاد، بتأديته دور البطولة في "شارع حيفا" (2019) لمهنّد حيال، ونال بفضله جائزة أفضل ممثل في الدورة الـ41 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي".

بدأ ثامر التمثيل في عروض مسرحية، حين كان طالباً في "معهد الفنون الجميلة" (قسم الإخراج المسرحيّ)، وقدّم كمشروع للتخرّج مسرحية "حاويات بلا وطن" للكاتب الراحل قاسم مطرود. في حواره مع "العربي الجديد"، قال ثامر إنّ سبب اختياره هذا المجال كامنٌ في أنّ التمثيل "شغفٌ رافقني منذ أيام المسرح المدرسي، حتى "معهد الفنون الجميلة"، وكنتُ أنوي الانتساب إلى قسم الفنون السينمائية، لكنّ عدد المقبولين كان مُكتملاً، فانتقلتُ إلى قسم الفنون المسرحية".

أضاف ثامر: "كانت لجنة الاختبار مُكوّنة من أساتذة عديدين، بينهم رئيس القسم الذي سألني عن سبب اختياري هذا القسم، فأخبرته أنّي أحبّ التمثيل، ولديّ مشاركات بسيطة في المسرح المدرسي، فسألني مجدّداً إنْ كنتُ مُستعداً للاختبار، فأجبته بأنّي أحفظ مشهداً من مسرحية (يوليوس قيصر). عندها، طلبَ مني الصعود إلى خشبة المسرح، فخلعتُ حذائي واعتليتُ الخشبة. ابتسم أعضاء اللجنة، وصفّقوا لي، ثم قدّمتُ المشهد، بدءاً من جملة (حتّى أنتَ يا بروتوس) التي ألقيتها بصوتٍ جهوري وحركة مسرحية، فاكتفى رئيس القسم وزملاؤه بهذه الجملة، وطرحوا بعض الأسئلة عليّ، ثم أعطاني نصّاً مسرحياً طالباً منّي أنْ أحفظه".

وختم ثامر حكايته قائلاً: "هذه بدايتي مع التمثيل". شاءت الصدفة أنْ يكون هذا اليوم مختلفاً، إذْ حضر عميد المسرح العراقي سامي عبد الحميد. بعد انتهاء العرض، سأله ثامر عن رأيه، فـ"مدحني، مُشيداً بالتمثيل. كنتُ فخوراً جداً بهذا".

وعن كيفية اختياره لتأدية شخصية القنّاص في "شارع حيفا"، قال ثامر: "كنّا في "(المركز العراقي للفيلم المستقلّ) نعمل بنظام الورشة workshop. هذا يجعل صنّاع الأفلام يتنقّلون بين المراحل كلّها لصناعة الفيلم وأقسامه، حتى بلوغ الاختصاص الذي يريده كلّ واحد منهم، لكسب الخبرة، فمرّةً يكون مديراً فنّياً، ومرّة أخرى مساعد مخرج، ثم مدير صوت، إلخ. هذا ما فعلته".

في تجربة مهنّد حيال، "كنتُ في بداية التحضيرات مع فريق العمل كمساعد مخرج. أثناء البحث عن ممثلين، والتحضير لتجارب الأداء التي كنتُ مسؤولاً عنها، وتقديم اقتراحات عن شخصيات العمل. حينها، رشّحني للدور مؤسّس المركز المخرج والمنتج العراقي محمد الدرّاجي، المشرف على التجربة في بدايتها، ولم يكن لحيال رغبة في الموافقة في البداية، فطلب مني الدرّاجي وضع كتابٍ على رأسي والسير أمامهم. كان هذا الاختبار الأول".

ثامر: استعداداً للدور حلقت شعري، وبدأنا تمارين استمرت 7 أشهر، بينها 4 لم أر أهلي خلالها إطلاقاً ولم أتحدث معهم

أضاف ثامر: "طلبوا منّي الاستعداد للشخصية. كان شَعري طويلاً فحلقتُه، وفي صباح اليوم التالي، ارتديتُ بزّة عسكرية، وتوجّهت إلى حيّال الذي لم يتعرّف إليّ للوهلة الأولى. كان جالساً في باحة المركز. عندها اختارني، وبدأنا التمارين التي استمرّت سبعة أشهر، بينها أربعة لم أر أهلي خلالها بتاتا، ولم أتحدّث معهم ولو هاتفياً. هذا جزء من التدريبات، لأنّ الدور يتطلّب هذه الوحدة. كانت التجربة ممتعة، رغم صعوباتها".

عن مدى تفاعله مع هذه التجربة، والنجاح الذي حقّقه، يقول إنّها من التجارب المهمّة بالنسبة إليه، "لأننا كنّا نتعامل بروح الفريق، وهم صنّاع أفلام شباب، لهم تجاربهم الخاصة، وكان شغفهم كبيراً. كنّا كفريق عمل نُعتَبر الخط الأول لصناعة الأفلام، لأننا جرّبنا العمل سابقاً في تجارب سينمائية مهمة، كـ"طريق مريم" لعطيّة الدرّاجي و"الرحلة" و"تحت رمال بابل" لمحمد الدرّاجي، وبالاختصاصات المختلفة". في "شارع حيفا"، اجتمعتْ هذه الخبرات الشابة التي عملت معاً: "ما يميّز هذه التجربة أنّها أول تجربة طويلة لمخرج شاب من الجيل نفسه.

"كنّا نتسابق على إنجاح الفيلم. كان تفكيري منصبّا على تقديم شخصية سلام بإخلاصٍ تامّ وصدق كبير. الجائزة التي حصلتُ عليها، خاصة أنّها من مهرجان القاهرة العريق، حيث وقف أحمد زكي وعمر الشريف وغيرهما، كانت شرفا كبيرا لي. ومصر تُعتبر قبلة الممثلين في الوطن العربي. هذه الجائزة بمثابة تقدير للصدق الممنوح في الفيلم، وتثمين أعتزّ به، وشرف أحمله بسرور لبلدي العراق، خاصة أنّي حصلتُ عليها في لحظة (ثورة تشرين)، ما مكّنني مِنْ إهدائها إلى أمهات الشهداء الأبطال الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل كلمة العراق. هذا منح الجائزة في نفسي قيمة عليا، وذكرى غير قابلة للنسيان"، وفق ما قال لـ"العربي الجديد".

ثامر: حصولي على الجائزة في لحظة (ثورة تشرين) مكنني من إهدائها إلى أمهات الشهداء الأبطال

 بعد نجاح تجربة "شارع حيفا"، يستعدّ علي ثامر لكتابة فيلمه الطويل الأول، بالإضافة إلى عروض تمثيلية سينمائية لم يُتّفق عليها بعد، وسيُعلن عنها عند حصولها. كما أنّه أسّس شركة إنتاج خاصة، بالاشتراك مع أصدقاء سينمائيين تحت اسم TATARAN Film Production: "أتمنّى في المستقبل قيام شراكات إنتاج مشترك لصناعة الأفلام السينمائية".

يُشار إلى أن الفيلم العراقي "شارع حيفا" كان قد حصل على جائزتين من "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" في دورته الـ 41 التي اختُتمت فعالياتها أخيراً؛ إذ حاز جائزة أحسن أداء تمثيلي، وحصل عليها بطل العمل علي ثامر، كما حصل على جائزة سعد الدين وهبة لمسابقة "آفاق السينما العربية".

المساهمون