عتاب... رحلة السمراء من الرياض وإليها

عتاب... رحلة السمراء من الرياض وإليها

05 سبتمبر 2021
رحلت عام 2007 بعد إصابتها بمرض السرطان (يوتيوب)
+ الخط -

قبل أسبوعين تقريباً مرت الذكرى الـ14 لرحيل الفنانة السعودية عتاب (1947 ــ2007)، صاحبة أحد أهم الأصوات الخليجية والسعودية التي عرفها العالم العربي. مطربة بمسيرة وقصة حياة مبهرة، بعدما اختارت باكراً الوقوف في وجه كل التقاليد والعادات في السعودية، مسمِعة صوتها للجميع.
ولدت طروف عبد الخير الطلال، وهو الاسم الحقيقي لعتاب، في الرياض عام 1947، كان والدها موظفاً بسيطاً في وزارة الزراعة، وتوفيت والدتها قبل أن تبلغ هي سنواتها الخمس واهتمت بها خالتها طيلة طفولتها. خلال تلك السنوات، بدأت عتاب الغناء بين رفيقات الدراسة، لتكتشف حبها للفن، وتبدأ باستكشاف طاقاتها الغنائية.
هكذا بدأت شهرتها تتجاوز الحدود الضيقة لتبدأ بإحياء المناسبات والأفراح عند الجيران وأهل المنطقة، وهو ما أتاح لها اكتساب خبرة جديدة عليها في عالم الغناء، وحفظ الأغاني الفلكلورية. وقد حققت في سنوات مراهقتها الأولى، شهرة كبيرة داخل مدينة الرياض.
بعدها بسنوات، انتقلت عتاب المراهقة إلى مدينة جدة، في خطة كانت الأهم في حياتها الفنية. هناك استمع إليها أبزر صوت سعودي، الفنان طلاح مداح، فتبناها فنياً، وفتح لها باب التعاون مع ملحنين وشعراء كبار في تلك المرحلة مثل عمر كدرس. وبعدها بسنوات، عندما نضج صوتها، قدّم معها ألبوماً في سبعينيات القرن الماضي من ألحانه، كما شاركها الغناء في أغنية "زل الطرب".


منذ منتصف السبعينيات بدأت عتاب ببناء جماهيرية كبيرة، بين النساء طبعاً، في مختلف المدن السعودية، خصوصاً الرياض وجدة والطائف، لتصبح الأقنوم الثالث بين المطربات السعوديات إلى جانب توحة وابتسام لطفي. وكانت عتاب أول فنانة تقتحم عالم التلفزيون السعودي وتظهر عليه وتقدم الحفلات، حيث تقف على المسرح وتنسى نفسها فتنسجم وتغني وترقص وتبدع. لكن بعد انتقادات طاولتها، اختارت وجهة جديدة أكثر حرية، هي الكويت التي انتقلت إليها وشكلت ثنائياً ناجحاً مع الموسيقي حيدر فكري، لتبدأ رحلة نجاحها العربية.


رغم مسيرتها الحافلة، تعتبر فترة وجودها في الكويت من أكثر الفترات ازدهاراً، إذ أعلنت نفسها مطربة كبيرة تمتلك الكثير لتقدمه في مسيرتها. لكن أحلامها تخطت حدود الخليج، لتصل إلى مصر حيث وصلت إلى قمة نجاحها، من خلال تقديم عدد كبير من الحفلات، والتعاون مع ملحنين مصريين كبار، مثل محمد الموجي، كما ظهرت في عدد من البرامج التلفزيونية، وما زاد من شهرتها كان انفتاح المصريين على الخليج في تلك الفترة في ظل موجة هجرة مصرية إلى مختلف الدول الخليجية للعمل.

ومن القاهرة قدّمت أغنيتها الأشهر "جاني الأسمر" التي حققت نجاحاً كبيراً وأصبحت الأغنية الأنجح والأهم في مسيرتها الطويلة، من كلمات ثريا جابر وألحان فوزي محسون. ورغم أن الأغنية لم تكتب لها بالأساس بل للفنان علي عبد الكريم، إلا أنها عرفت بخفتها وصوتها الجميل كيف تجعلها عملاً ناجحاً، حتى نُسيت النسخة الأصلية وبقيت نسخة عتاب.


النجاح لم يكن فنياً فقط في القاهرة بل بدأت مشروعها التجاري، مفتتحة ملهى ليلياً في العاصمة المصرية، حيث كانت تغني فيه، جاذبة جمهوراً كبيراً، ومحققة أرباحاً مالية ضخمة، إلى أن تعرضت للسرقة من زوجها الثاني المصري محب فاروق عبد الصبور، وهو ما أثر عليها مادياً ونفسياً.
بعد هذه الحياة الحافلة، أصيبت بمرض السرطان مطلع الألفية الجديدة، لتبتعد عن الأضواء، وتكتفي بحياة هادئة، حتى فارقت الحياة عام 2007 في القاهرة.

المساهمون