عبد العليم البناء: "السينمائي" مشروع جمالي يريد انتشاراً عربياً

عبد العليم البناء: "السينمائي" مشروع جمالي يريد انتشاراً عربياً

30 مايو 2021
يعاني القطاع السينمائي العراقي من تبعات الوباء
+ الخط -

نهاية العام الماضي، صدرت في بغداد مجلة متخصّصة بفنّ السينما، بمبادرةٍ من إعلاميين وسينمائيين في العراق، أسموها "السينمائي"، استطاعت ـ في هذه الفترة ـ أنْ تُحافظ على استمراريتها، رغم مصاعب جمّة، أبرزها يتعلّق بالتمويل، إذ صدر منها إلى الآن 7 أعداد. عن هذه المطبوعة، حاورت "العربي الجديد" رئيس تحريرها عبد العليم البناء:

(*) ما السبب الذي دفعكم إلى إصدار المجلة، في وقتٍ انحسرت فيه المطبوعات الورقية؟

ـ أولاً، صدرت "السينمائي" بهِمّة وحماسة مؤسّسها وصاحب الامتياز المخرج السينمائي سعد نعمة، بدافعٍ من عشقه للسينما، منذ دراسته وتتلمذه بشكل احترافي وأكاديمي على أيدي كبار مخرجي السينما وأساتذتها في "كلية الفنون الجميلة". أراد أن يكون صدورها مفاجأة للوسط السينمائي، فظهور مجلة سينمائية متخصّصة تُسلّط الضوء على هذا الحراك، وتنقل إلى القارئ العراقي، المتخصّص وغير المتخصّص، ما يجري في عالم السينما، محلياً وعربياً وعالمياً، أمرٌ ضروريّ ومهمّ جداً. تواصل لدينا هذا السعي إلى إشاعة الثقافة السينمائية وتكريسها، لتحقيق المُعادل الموضوعي للإنتاج السينمائي الذي بدأ يتّسع بعد التغيير الكبير في إبريل/ نيسان 2003، وانفتاح الأفق أمام النتاجات السينمائية العراقية، التي فرضت حضورها الواضح، عمودياً وأفقياً، في المشهد الثقافي، وفي المهرجانات المحلية والعربية والدولية. مع توقّف معظم المجلات السينمائية في البلاد العربية وخارجها، بأشكالها المتنوّعة، الفصلية والشهرية، والمموَّلة من مؤسّسات رسمية وشبه رسمية، تكاد تكون "السينمائي" المجلة السينمائية الوحيدة المواظبة على الصدور، رغم كلّ التحدّيات التي واجهتها، وفي مقدّمتها انحسار المطبوعات الورقية، وهيمنة الشبكة العنكبوتية، وجائحة "كوفيد-19"، وما خلّفته من تأثيرات متنوّعة في مختلف ميادين الحياة في العالم.

(*) ما رهانكم على إصدار المجلة، رغم التجارب السابقة في تعثّر صدور هذا النوع من المجلات؟

ـ لعلّ رهاننا الواقعي والمنطقي يكمن في سعينا إلى المحافظة على مضمونها السينمائي الشامل، بإخراجٍ متجدّد، ولغةٍ إعلامية تهمّ المتلقّي، مُتخصّصاً أو مهتمّاً أو معنيّاً، وبرؤية معاصرة وجريئة ومهنيّة وصادقة وجميلة وجاذبة، بمواضيع جادّة ومثمرة، تشمل مختلف التخصّصات السينمائية، وبالتناغم مع الحراك السينمائي بتمظهراته المختلفة، مع الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، ولا سيما في مجال دعم السينما العراقية في انطلاقتها الجديدة، التي لا يزال ينتظرها الكثير للارتقاء إلى مصاف السينمات المتقدّمة، بما تنطوي عليه من سحر ودهشة وابتكار وإبداع وجمال. "السينمائي" مشروع تنويري وجمالي وابداعي، يمضي إلى التكريس والرصانة بوسائل وإمكانات أكثر تطوّراً، وأقدر على التوسّع والانتشار محلياً، وربما عربياً.

(*) كيف تموَّل المجلة؟ وهل سيستمر هذا التمويل، أم لديكم بديل منه؟

ـ باعتبارها مشروعاً ثقافياً مستقلاً بشكل تام، كما ذكرتُ قبل قليل، عانت المجلة ولا تزال تعاني كثيراً من عملية التمويل والدعم المالي. ولعلّي لا أفشي سرّاً إذا قلتُ إنّ جميع العاملين في المجلة، من رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير إلى أعضاء هيئة التحرير، فضلاً عن الكتّاب فيها، نقّاداً وباحثين، من العراق وخارجه، لا يحصلون إطلاقاً على أجورٍ عن مساهماتهم المتنوّعة في كلّ الأعداد الصادرة إلى اليوم. الجميع يعملون بروح الفريق الواحد. ما حصلنا عليه من تمويل محدودٌ جداً، لكنّه ساعدنا على تسديد كلفة الطباعة فقط. كذلك فإنّه لم يكن مُتواتراً، بل مُتقطعاً. الآن، نبذل جهوداً كبيرة للحصول عليه، مع الشكر لـ"صندوق تمكين دعم المبادرات والأنشطة المجتمعية" في "البنك المركزي العراقي"، و"رابطة المصارف العراقية الخاصة". كما حصلنا، مرّة واحدة، على دعمٍ من "وزارة الثقافة والسياحة والآثار"، و"شبكة الإعلام العراقي". هناك ما لا يُنسى أيضاً: الدعم المتواصل من "نقابة الفنانين العراقيين"، ونقيبها جبار جودي، عبر شراء كمّية كبيرة من نسخ كل عددٍ من أعداد المجلة، وتوزيعها على فروعها في المحافظات. كذلك "فنان السلام لليونسكو" نصير شمة الذي كان يتدخّل، أكثر من مرّة، لدى هذه الجهة أو تلك، لدعم المجلة وتمويلها، وديمومة صدورها. الآن، نحن بصدد وضع خطّة جديدة لتنويع مصادر تمويل ثابتة من جهات أخرى، تشمل أسساً جديدة لتسويق المجلة وتوزيعها في كلّ المحافظات، كي تُواصل تحقيق رسالتها التنويرية في إشاعة الثقافة السينمائية وتكريسها.

(*) أرى أنّ المجلة حقّقت حضوراً في أوساط السينمائيين. ما تعليقكم على ذلك؟

ـ هذه شهادة منك نعتزّ بها، ولا سيما أنّك على تماس مباشر مع معظم سينمائيّينا في الداخل والخارج. لعلّ هذا عائدٌ إلى صدقنا وحرصنا على متابعة أهم الأحداث والإنتاجات السينمائية وصنّاعها من مختلف الأجيال، وفتح ملفات للبارزين منهم، ولا سيما الروّاد، وما قدّموه من عطاءات مهمّة ومتميّزة، وإجراء حوارات معمّقة مع بعض نجوم السينما العراقية والعربية، وتسليط الضوء على أبرز المهرجانات السينمائية وأهمّها، المحلية والعربية والدولية. والسينمات العربية والأجنبية، وتقديم قراءات لإصداراتٍ وأفلامٍ عراقية وعربية، مع دراسات وبحوث متنوّعة، تُعنى كلّها بالشأن السينمائي، يكتبها بعض أبرز الكتّاب والنقّاد العراقيين والعرب. هذا كلّه رفع من شأن المجلة، وساهم في تقوية حضورها في الذاكرة السينمائية. "السينمائي" مشروع تنويري وجمالي وابداعي، يمضي إلى التكريس والرصانة بوسائل وإمكانات أكثر تطوّراً، وأقدر على التوسّع والانتشار محلياً، وربما عربياً.

(*) هناك ملاحظات فنية وأخطاء، في أعداد مختلفة. هل تأخذون بها، أم تتجاوزونها؟

ـ نحن لا نتجاوز أيّ ملاحظات أو تصويبات لمسيرة عملنا في المجلة، ولا ندّعي الكمال أبداً. ربما كان هناك بعض الهنات أو الأخطاء التي تحصل، ليس في "السينمائي" وحدها، بل في المطبوعات النظيرة وغير النظيرة، المعروفة بعراقتها وكوادرها الكثيرة، التي تفوق كوادرنا أضعافاً مضاعفة. مع ذلك، نحن نعمل بشكل متواصل على التطوير والتحديث والتنويع المطلوب.

المساهمون