استمع إلى الملخص
- الكتاب يستعرض تأثير الصور الفوتوغرافية للحرب، التي تظل آسرة رغم اهترائها، وتثير الحواس والمشاعر، مما يعكس افتتاناً بحرب 1975، التي تظل محفورة في الذاكرة اللبنانية بجانب انفجار 2020.
- الموزع اللبناني استثمر في السينما رغم التحديات، ونجح في إنتاج أفلام وطنية بالتعاون مع مصر، مما أدى إلى إنتاج أفلام لبنانية متميزة في تلك الفترة.
إصدار طبعة ثانية من كتاب سينمائي عربي نادرٌ. المكتبة العربية تفتقد، أساساً، كتباً تُعنى بالسينما العربية، أو بغيرها من السينمات (إنْ تكن الكتب هذه مؤلّفة أو مُترجمة). منذ أشهرٍ مديدة، يشتغل اللبناني محمد سويد (ناقد ومخرج ومنتج سينمائي) في كتاب أول له، بعنوان "السينما المؤجّلة: أفلام الحرب الأهلية اللبنانية"، الصادر عن "مؤسّسة الأبحاث العربية"، عام 1986. الطبعة الثانية صادرة قبل أشهر، بتعاون بينه وبين "نادي لكل الناس" (2024).
للكتاب أهميةٌ نقدية وفكرية وتحليلية، تتجاوز السينما اللبنانية، قليلاً، إلى الاجتماعيّ والاقتصادي والثقافي والسياسي، قبل اندلاع الحرب الأهلية تلك (1975 ـ 1990)، وفي أعوامها الأولى، إلى تاريخ صدوره. لكنّ مُقدّمة الطبعة الثانية تستعيد شيئاً من علاقة الكتابة بالورق والقلم، والطباعة بالتنضيد وصفّ الأحرف، قبل "ولادة" الكمبيوتر واللاحق عليه من تقنيات.
هنا فقرات من المقدمة تلك:
(*) في صُور الحرب إشارات تتيح التحقّق من وقائعها، شواهدها، أخبارها، وتاريخها المندثر. ليست الصُور في منجى من الاهتراء والاضمحلال. بيد أنّها تظلّ آسرة في إثارة الحواس وتحريك المشاعر، تتلقاها العين متجاوزة تأرجحها بين البهتان وتلف أصلها السالب وتحلّل ألوانها الطبيعية واحتفاظ تفصيل منها بنضارته. بجودتها ورداءتها، يُعطيها الزمن خصائص المؤثّرات البصرية والعاطفية والنفسية. ربما سرّ الافتتان بحرب 13 إبريل/ نيسان 1975 مردّه إتمام صُورها سنّ رشدها الأرشيفي. مقاتلوها، بملابسهم، بأسلحتهم، بوجوههم، بلحاهم وبرؤوسهم المنفشة، أبعد من التشبيه بمقاتلي الحروب الأهلية المعاصرة.
(*) حرب 1975 جرح يستطيب النكء استطابة اللبنانيين استذكارها سنوياً بالمثل السائر "تنذكر وما تنعاد". لا شيء نازع احتلالها الوعيين الفردي والجماعي غير انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020. ثبّت نفسه جرحاً محفوراً في الذاكرة منذ وقوعه والتقاطه بعدسات الهواتف الخلوية. تدفق سيل اللقطات من زوايا متفرّقة سجلت مشهداً وحيداً للواقعة: الانفجار وتبعاته.
(*) كان (الموزع اللبناني) "موفّر السيولة" في طريقة ما. رغم تنازله عن تطعيم الأفلام بنجومٍ مصريين، والتحدّث بمحكيتهم، أقدم على الاستثمار، ونجح. حصد قسطه الوافر من الأرباح. ومن الإنتاج المشترك مع مصر إلى أشرطة الحرب، رعى موجتين سينمائيتين تعالت إحداهما على الأخرى برداءة نوعيتها، وكادتا تتشابهان لولا وراثة روّاد موجة الحرب ـ وجلّهم اكتسب خبرته من التدرّب والعمل سابقاً مع المصريين والأجانب ـ رغبة مزمنة في إنتاج أفلامٍ متممة سماتها الوطنية صوتاً وصورة، يُنفّذها لبنانيون وتغطي نفقاتها من عروضها المحلية. أصابوا هدفهم إلى حدّ أنّ مرحلتهم أنتجت أفلاماً ما زالت الأعلى عدداً مقارنة بالمراحل كافة من تاريخ السينما اللبنانية.