صناعة الترند الموسيقي: حسن شاكوش وعمر كمال مثالاً

صناعة الترند الموسيقي: حسن شاكوش وعمر كمال مثالاً

05 يوليو 2021
حسن شاكوش وياسمين رئيس في "حبيبتي" (يوتيوب)
+ الخط -

لم يكن اقتحام الفنانات (النساء) عالم أغاني المهرجانات صادماً، بل على العكس تماماً لعلّه تأخر أشهراً، بعدما تصدّر هذا النوع الموسيقي المشهد الفني المصري والعربي، وحصد مئات ملايين المشاهدات، بالتوازي مع موسيقى التراب منذ عام 2019. البداية كانت مع الممثلة ياسمين رئيس التي غنت جنباً إلى جنب مع نجم ساحة المهرجانات حالياً حسن شاكوش، فقدمّا معاً مهرجان "حبيبتي". ثمّ جاء دور ممثلة أخرى هي سمية الخشاب التي أدت مهرجان "أوعدك" مع عمر كمال، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في عالم هذه الموسيقى التي بقيت حكراً على الذكور، منذ انطلاقة أوكا وأورتيغا عام 2010، وصولاً إلى النجومية المطلقة التي حققها شاكوش وعمر كمال وغيرهما. 

خلال هذا العقد الذي ظهر فيه هذا النوع الغنائي، تغيّرت المهرجانات وتطوّرت وتشعبت، وبات من الصعب جمعها أو حصرها في سياق واحد أو حتى في genre واحد: لدينا مثلاً مهرجانات الرعيل الأول من علاء فيفتي والسادات وأوكا وأورتيغا المؤسسة لهذه الموسيقى، ومهرجانات حمو بيكا المعتمدة على لحن واحد، ومهرجانات الجيل الجديد من الأطفال التي تعتمد على الكلمات الحزينة والغناء من الطبقات العالية، ومهرجانات التجديد والتجريب مع تيم الصواريخ ودبل وزوكش وعتبة وغيرهم المتقاطعين مع عالم الراب والتراب.

شاكوش وكمال صاحبا مدرسة متفرعة من عالم حمو بيكا، خارجان من عباءته، ورغم أن لهما تجارب سابقة، لكن كانت نقطة انطلاقهما الفعلية من خلال العمل معه. إذ غالباً ما يلجأ حمو بيكا إلى الاستعانة بأصوات تمتلك قدرات لا يملكها، ليقدم مهرجانات استطاعت التربع على عرش هذا العالم لفترات طويلة. ثم جاءت "بنت الجيران" (نهاية 2019) لتنقل حسن شاكوش وعمر كمال إلى مكانة جديدة، وكان لها تأثير واضح في شكل المهرجانات اللاحقة بعد ما حققته من نجاح كاسح على مستوى الوطن العربي. ربما كان "بنت الجيران" ثاني مهرجان يحقق نجاحاً خارج الحدود المصرية (خصوصاً في دول الخليج) بعد "إلعب يالا" (2017، أوكا وأورتيغا).

استغل المغنيان نجاح "بنت الجيران" وحصدا الحدّ الأقصى من الشهرة، وعرفا كيف يحافظان على مكانتهما الجديدة. هكذا استمرا في تقديم ذات الشكل الغنائي ومفردات المهرجانات، واللعب على المضمون: خطة سهلة ومضمونة. وبالفعل نجحت الخطة بشكل يفوق التوقعات على الساحتين الفنية والتجارية، وتحوّل مغنو المهرجانات من مجرد ضيوف شرف في أفلام ومسلسلات شهيرة إلى نجوم خارج حلبة التنافس، يستضيفون نجمات الصف الأول في السينما لمشاركتهن الغناء. 

لكن في التجربتين الأخيرتين مع ياسمين رئيس وسمية الخشاب، كان لا بدّ من تفنيد أو تشريح سبب نجاح المهرجانَين، رغم المخاطرة التي خاضها حسن شاكوش، وعمر كمال، في تأدية عملَين مع نجمتين من دون خبرة في عالم الغناء.

الحقيقة الواضحة، أنّ المهرجانين قائمان على نجاح مسبق: ياسمين الرئيس التي لا تزال تحصد نجاح شخصية "فاتن" بنت المنطقة الشعبية في مسلسل "ملوك الجدعنة" الذي عرض في رمضان الماضي، فتؤدي في الأغنية الشخصية نفسها. إذ تماماً كما كان الممثل عمرو سعد يتغزل بها في العمل الدرامي، ها هي في مهرجان "حبيبتي" تلعب دور فتاة من منطقة شعبية يتغزل بها حسن شاكوش، لكنها ترفض مجاراته حتى يطلب يدها من والدها. 

الأمر نفسه نشاهده مع سمية الخشاب أو "ملبن مصر" كما تقول الأغنية، وكما كان يناديها الممثل محمد رمضان في مسلسله "موسى" الذي عرض كذلك في رمضان المنصرم. باختصار، عرفت الممثلتان كيف تقطفان نجاح شخصيتيهما الدراميتين، في عملين غنائيين مع أبرز نجمي مهرجانات حالياً في مصر.

هذا على مستوى الشكل، أما على مستوى المضمون، فجاءت الكلمات في المهرجانَين متوقعة من عالم شاكوش وعمر كمال، ممتلئة بالتشبيهات الشعبية للغزل. في أغنية "أوعدك" نستمع إلى طلبات مادية صريحة وواضحة ترددها سمية الخشاب، مستقاة من الخطاب الشعبي كذلك، كما أن بداية العمل وعنوان الأغنية، قد يحيلان المستمع تلقائياً إلى أغنية "أوعدك أشكرك" لمحمد العجوز التي كانت سبباً قوياً في شهرة حسن شاكوش عندما أعاد غنائها في 2013. أما في أغنية "حبيبتي"، فيشعر المستمع بأن حسن شاكوش سيكمل أغنية بنت الجيران، تحديداً عندما يقول: "قولتلك بهوايا لو مش جايه معايا".

المهرجانان من توزيع إسلام ساسو، المسيطر على هذا النوع من المهرجانات. يستطيع ساسو خلق حالة من الرقص والتفاعل من خلال الموسيقى، وهي أهم أسباب نجاح تلك الأعمال القائمة بالأساس على قدرة العمل في جعل الناس ترقص. أما شاكوش وكمال، فيبدو واضحاً أنهما لا يبحثان عن المغامرة والتجارب اللحنية أو التوزيعية بقدر الحفاظ على مكانتهما الآن، غير مكترثين بتطوير نفسيهما أو البحث عن تجارب جديدة يمكنها أن تؤثر بمكانتهما، ولو لفترة وجيزة.

أما تصوير العملين، فجاء عادياً بسيطاً خالياً من أي قصة أو فكرة، على الرغم أن مخرج كليب شاكوش هو هادي الباجوري، إلا أنه لم يضف شيئاً جديداً، وكأن وجود نجمة في الكليب، هي ياسمين رئيس في هذه الحالة، كافٍ للنجاح. وهو ما يبدو أنّه نجح حتى الساعة، فقد حقّق كليب "حبيبتي" 44 مليون مشاهدة في شهر، بينما حقق فيديو "أوعدك" 9 ملايين مشاهدة في أقل من 3 أسابيع.

المساهمون