استمع إلى الملخص
- بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف التمويل الحكومي، قلصت الشبكة عدد موظفيها بشكل كبير، مما أثر على الصحافيين الذين لم يحصلوا على تعويضات مالية، ودفع بعضهم للجوء إلى القضاء.
- يعاني الصحافيون من أوضاع معقدة تتعلق بالإقامة والعمل، حيث يواجهون صعوبة في العودة إلى بلدانهم الأصلية بسبب نقص فرص العمل المناسبة.
أكثر من 60 صحافياً في شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) ليس لديهم حق العمل والإقامة وملزمون بمغادرة الولايات المتحدة خلال أقل من شهر لتجنب تجاوز مدة الإقامة الشرعية، وفق ما علمته "العربي الجديد" من مصادر داخلية.
تتولى شبكة الشرق الأوسط للإرسال إدارة وتشغيل قناتي "الحرة" و"الحرة - عراق"، وإذاعتي "سوا" و"سوا - عراق"، إلى جانب موقعي "الحرة" و"سوا" الإلكترونيين، والمنصات الرقمية التابعة لها، مثل "ارفع صوتك" و"أصوات مغاربية" و"الساحة".
وقال صحافيون في الشبكة، لـ"العربي الجديد"، إنها أنهت تعاقدها معهم من دون الالتزام بحقوقهم القانونية التي تنص على حجز تذاكر طيران لهم، إضافة إلى عدم تسوية حقوقهم المادية القانونية طبقاً للعقود المبرمة بينهم وبين الشبكة، سواء رصيد الإجازات أو التسويات المادية عن سنوات عملهم في الولايات المتحدة. ولم ترد إدارة الهجرة والمواطنة ووزارة الأمن الداخلي على توضيح بهذا الشأن طلبه "العربي الجديد" عبر البريد الإلكتروني.
وكان يعمل في الشبكة أكثر من 600 موظف داخل الولايات المتحدة وخارجها، من بينهم نحو 450 في الولايات المتحدة. ولكن الإدارة أنهت أخيراً عمل أكثر من 600 موظف، وأبقت على عدد لا يتجاوز 40 موظفاً فقط، ورفضت منح صحافييها الذين أنهت تعاقدها معهم أي مقابل مادي. وطبقاً للقانون، تعتبر شبكة الشرق الأوسط للإرسال مؤسسة إعلامية غير ربحية ممولة من الحكومة الأميركية من خلال منحة من USAGM، وهي وكالة فيدرالية مستقلة، ولكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر حجب التمويل بعد يوم واحد من موافقة الكونغرس على استمراره حتى نهاية السنة المالية.
وكان الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة، جيفري غدمين، أصدر في 12 إبريل/نيسان الحالي بياناً أعلن فيه اضطرار الشبكة إلى تقليص عدد موظفيها بشكل كبير، وهو ما سيجبرها على خفض إنتاجها الرقمي والتلفزيوني، وتعهد بأن الشبكة ستواصل العمل بعدد قليل جداً من الموظفين، بعد اتخاذ إدارة ترامب قراراً بوقف تحويل التمويل إليها، غير أن الصحافيين اشتكوا من أنهم تلقوا رسائل عبر البريد الإلكتروني تبلغهم بإنهاء أعمالهم.
وقال أحد الصحافيين لـ"العربي الجديد"، وقد طلب عدم ذكر اسمه، إن لديه طفلين يدرسان في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وإن القرار الذي اتخذته الإدارة لم يراع مستقبل ابنيه الطالبين، خاصة أنهما مهددان بالمغادرة قبل انتهاء العام الدراسي، وهو ما يعني ضياع سنة دراسية كاملة عليهما، وأشار إلى أن الإدارة تجاهلت كل حقوقه المادية، وأنه بالإضافة لذلك أصبح مطالباً بحجز أربع تذاكر طيران على حسابه الشخصي، له ولزوجته ولابنيه، لمغادرة البلاد، وهو ما سيكلفه آلاف الدولارات غير المتوفرة لديه رغم حقه القانوني في أن تقوم الإدارة بحجز تذاكر العودة له.
وكشف صحافيون آخرون أن لدى البعض حقوقا مالية تتجاوز 100 ألف دولار، ورغم ذلك رفضت الإدارة منحهم أي مقابل مادي للتسوية، وقرر عدد من الصحافيين اللجوء للقضاء، غير أن البعض الآخر الذين لا يحملون الجنسية الأميركية أو الإقامة، لا يملكون رفاهية الوقت للاستمرار داخل الولايات المتحدة، خاصة أن إدارة قناة "الحرة" أبلغت الجهات الرسمية بإنهاء عملهم، ما يعني أنهم مضطرون للمغادرة خلال 30 يوماً، ستنتهي في الأسبوع الثاني من الشهر المقبل، أي قبل انتهاء العام الدراسي في الولايات المتحدة.
وتنقسم أوضاع الصحافيين والموظفين في المؤسسة إلى أربع فئات: الفئة الأولى من حاملي الجنسية الأميركية، والفئة الثانية ممن حصلوا على البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة، والثالثة من الذين حصلوا على تصريح بالعمل داخل الولايات المتحدة وينتظرون حصولهم على البطاقة الخضراء، والفئة الرابعة من الذين يعملون طبقاً للفيزاً التي دخلوا بها للولايات المتحدة لكن لم يحصلوا بعد على البطاقة الخضراء بسبب البطء وتعقد الإجراءات خلال السنوات الماضية. وبعض المنتمين للفئة الرابعة وصل للعمل منذ أكثر من عامين وبعضهم منذ أكثر من عام ونصف وآخرهم منذ نحو عام، وهؤلاء رغم طول مدة بقائهم في الولايات المتحدة، التي تقترب بالنسبة للبعض إلى ثلاث سنوات، صاروا ملزمين بالمغادرة السريعة.
وعلى مدار السنوات الماضية جذبت قاة الحرة والمؤسسات الشقيقة صحافيين وإعلاميين موهوبين من كبريات المؤسسات في الشرق الأوسط، مثل بي بي سي عربية وسكاي نيوز عربية وإندبندنت وتي آر تي التركية وغيرها، وغادروا مناصبهم من أجل العمل في هذه المؤسسة الأميركية، ووظفت مؤسساتهم في الشرق الأوسط صحافيين آخرين بدائل لهم. والآن يعاني هؤلاء الصحافيون من أنه في حال عودتهم لن يجدوا أماكن لهم للعمل في هذه المؤسسات.
وقال أحد الصحافيين في العاصمة واشنطن لـ"العربي الجديد": "كنت أحصل على أكثر من ألف دولار شهرياً في مصر، وكانت كافية جداً لي ولأسرتي في ظل فارق العملة، وجئت إلى هنا لأجد أن المرتب يكفي بالكاد، والآن يجب علي العودة إلى مصر"، وأشار إلى أن العثور على عمل في مصر بات أصعب حالياً "في ظل محدودية الوظائف في الوسط الصحافي، ولم أوفر أي مقابل مادي من مكوثي في الولايات المتحدة، ولا يبدو أن هناك فرصة للحصول على وظيفة مراسل لشبكة أجنبية في مصر حالياً. ما يعني أنني عدت في وظيفتي إلى أكثر من 15 عاماً للوراء. كيف سأنفق على أسرتي في مصر الآن؟ المستقبل بيد الله".