صحافيون وراء فضيحة فساد ساركوزي في ليبيا

15 يناير 2025
الرئيس السابق نيكولا ساركوزي يغادر المحكمة في باريس، 6 يناير 2025 (مصطفى يالجين/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أمضى الصحافيان فابريس أرفي وكارل لاسك 14 عامًا في التحقيق في العلاقات بين نيكولا ساركوزي ومعمر القذافي، حيث يُتهم القذافي بتمويل حملة ساركوزي الانتخابية لعام 2007، وواجه الصحافيان تحديات كبيرة بما في ذلك خمس دعاوى قضائية.

- بدأ التحقيق في عام 2011 بعد الحصول على قرص صلب يحتوي على معلومات حساسة من تاجر الأسلحة زياد تقي الدين، مما ساعد في كشف العلاقات المالية بين ساركوزي والقذافي.

- في عام 2012، نشر الصحافيان وثيقة تشير إلى عرض بقيمة 50 مليون دولار من القذافي لتمويل حملة ساركوزي، مما أثار جدلاً سياسيًا كبيرًا وأسهم في خسارته للانتخابات.

يتابع صحافيون، يوميا، محاكمة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتهمة الفساد المزعوم مع الديكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي. هؤلاء الصحافيون كان لهم الدور الأبرز في  الكشف عن هذه الادعاءات غير العادية.

جهد امتد لـ14 عاماً

أمضى الصحافيان فابريس أرفي وكارل لاسك 14 عاما في توثيق العلاقات بين دائرة ساركوزي والقذافي، الذي يُتهم بتمويل حملة الرئيس الفرنسي اليميني لعام 2007 نقدا وعن طريق حسابات مصرفية خارجية. الصحافيان، المنتميان إلى منصة الأخبار المستقلة ميديا بارت، جابا العالم لعقد اجتماعات سرية مع مصادرهما، وتتبعا حركة الأموال في ملاذات ضريبية، وتعرضا لخمس دعاوى قضائية بسبب تحقيقاتهما، لكن لم تنجح أي منها.

ما يُعتبر من أكثر محاكمات الفساد إثارة في التاريخ الفرنسي الحديث يمثل ذروة عمل الصحافيين، ما يولد شعوراً بالفخر ولكن أيضا بضغط كبير لفريق معروف بتاريخه في كشف الجرائم المالية.

يقول أرفي في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "عندما ترى رئيساً سابقاً وثلاثة وزراء سابقين جالسين على أربعة كراسٍ قابلة للطي، مع نظام العدالة الذي يصرح: 'لقد تم إفسادكم من قبل ديكتاتور'، تعرف عندها أنك شاهد على حدث تاريخي". وأضاف: "لا أعلم ما ستكون عليه النتيجة، فليس من حقي أن أقول إذا كانوا مذنبين أم لا. لكن هذا يُظهر أن عملنا لم يذهب سدى".

عند سؤاله عما إذا كان من الممكن أن تُجرى المحاكمة دون تحقيقاته هو ولاسك، أجاب أرفي بتردد: "لقد لعبنا دوراً". وأضاف أرفي، وهو ابن ضابط شرطة يبلغ من العمر 43 عاما ساعدت تقاريره المنتظمة في تحويل ميديا بارت إلى موقع إخباري مستقل مربح: "بكل تواضع، لولا تحقيقنا، ربما لم يفتح المدّعون العامون قضيتهم".

كهف علي بابا

بدأ تحقيق ليبيا في عام 2011 عندما تواصل شخص مع غرفة الأخبار، مقدماً معلومات سرية، سافر أرفي ولاسك إلى الخارج (مع تحفظ أرفي على التفاصيل لحماية المصدر)، وحصلا على قرص صلب يُقال إنه يعود إلى تاجر الأسلحة الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين.

عند عودتهما إلى الفندق، أدركا أنهما حصلا على ما وصفه أرفي بـ"كهف علي بابا". فالقرص الصلب احتوى على يوميات شخصية، ورسائل بريد إلكتروني، وتحويلات مصرفية، وحتى على صور لتقي الدين.

في الوقت الذي كان المحققون الفرنسيون ينظرون فيه إلى دور تقي الدين بصفة وسيط في صفقات أسلحة فرنسية في التسعينيات، بدأ أرفي ولاسك بالتحقق من علاقاته الأحدث مع القذافي. يقول أرفي: "لم نفهم كل شيء في البداية. هناك أجزاء مثل قطع الأحجية لا تكتمل إلا عندما تجد البقية".

تاجر الأسلحة الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين، 17 نوفمبر 2016 (فيليب لوبيز / فرانس برس)
تاجر الأسلحة الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين، 17 نوفمبر 2016 (فيليب لوبيز/ فرانس برس)

هز طموح ساركوزي بالرئاسة

في عام 2012، خلال الحملة الرئاسية التي كان يسعى فيها ساركوزي لولاية ثانية، نشر الصحافيان وثيقة تسببت في زلزال سياسي وأثارت جدلا كبيرا.

كانت الوثيقة، التي سلمها مصدر له وصول إلى أرشيف القذافي بعد سقوطه في 2011، تشير إلى عرض بقيمة 50 مليون دولار من القذافي لتمويل حملة ساركوزي. الوثيقة كانت موقعة ومختومة من قبل رئيس الاستخبارات الليبية في ذلك الوقت موسى كوسا.

خسر ساركوزي الانتخابات ورفع دعوى قضائية، مدعيا أن الوثيقة مزيفة. لكن الوثيقة، إلى جانب أدلة أخرى كشفتها "ميديا بارت"، سيتم تقديمها خلال المحاكمة المستمرة حتى العاشر من إبريل/نيسان المقبل. كما تم تسليم القرص الصلب الخاص بتقي الدين إلى الشرطة من قبل مصدر أرفي.

ضحية "مؤامرة"

ينفي ساركوزي، الذي يواجه إدانتين في قضايا أخرى، جميع التهم ويصف نفسه بأنه ضحية "مؤامرة" من قبل قضاة متحيزين وصحافيين يساريين مثل فريق ميديا بارت.
في تصريحاته الأولى في المحكمة الأسبوع الماضي، وصف ساركوزي أرفي ولاسك بأنهما "بلطجية"، وتحدث إلى القضاة بغضب: "لن تجدوا أبدا يورو واحداً، أو سنتاً ليبياً واحداً في حملتي".

يرى أرفي أن ساركوزي نجح في تحويل الانتباه العام، باستخدام أساليب مشابهة لسياسيين شعبويين آخرين. وأضاف: "هناك عاملان اجتمعا. الأول هو قدرة ساركوزي على الإقناع... والثاني هو ما أسميه 'الأمراض الفرنسية حول الفساد': نشأنا جميعا على فكرة عظمة فرنسا، الفساد يمثل مرآة تعكس صورة فرنسا الحقيقية، لكن الناس لا يريدون النظر فيها".

(فرانس برس)

المساهمون