شانتال بيطار: متمسّكة بتراث الأغنية اللبنانية

شانتال بيطار: متمسّكة بتراث الأغنية اللبنانية

04 أكتوبر 2020
تشكّل أغنية "بيروت" ثاني تجارب بيطار في الشعر الغنائي والتحلين (العربي الجديد)
+ الخط -

بعدما تعرّف الجمهور إليها من خلال أغنية "بالحجر الصحي" التي حملت كلمات وألحان وتوزيع ريان الهبر، تستعدّ الفنانة اللبنانية شانتال بيطار لإطلاق مجموعة جديدة من الأعمال الغنائية الخاصة التي تواصل من خلالها تقديم الموضوعات الاجتماعية والوطنية والعاطفية التي تحاكي اهتمامات الناس وترقى لذائقتهم الموسيقية، وذلك بعدما كانت قد طرحت أخيراً أغنية "بيروت" التي تستنهض فيها عزيمة المدينة وتمسّك أهلها بإرادة الحياة بعد كارثة انفجار المرفأ.   

"يا بيروت قوليلن ما بموت"
وتكشف المطربة الشابّة في حوار خاص أجرته معها "العربي الجديد" أنها كتبت كلمات أغنية "بيروت" بعد يومين فقط على مأساة الرابع من آب مؤكدةً: "هي أغنية نابعة من قهر وحزن وغضب إزاء ما حلّ بالمدينة وناسها، ولذلك شعرت بالحاجة للتعبير عن هذه المشاعر من خلال هذه الأغنية التي أخاطب فيها المدينة بالقول (قومي يا بيروت قوليلن ما بموت). والحقيقة أنني كنت أشعر بقهرٍ لم أختبره في حياتي، مع أنني عرفت نصيبي من الأحزان وخسرت في حياتي أقارب وأحبابا كثرا، ولكن شعور الخسارة الجماعية الذي خلّفه انفجار المرفأ لم يكن يُضاهى بأي شعور آخر". وتشكّل أغنية "بيروت" ثاني تجارب بيطار في الشعر الغنائي والتلحين بعد أغنية "مش رَح خلّيك تفِلّ" التي كانت قد أطلقتها في شباط/ فبراير الماضي، قبل انتشار جائحة كورونا وتجميد هذه الأخيرة لمختلف النشاطات الفنية في لبنان والعالم. في هذا الخصوص تقول: "أحب أن أكتب الكلمة النابعة من قلبي لأنني أجد أنها تصل بسرعة إلى قلوب الناس بسبب صدقيتها. ووجود النساء الملحنات في العالم العربي قليل نسبياً، ولكن للمرأة تجربة ونتاج لحني مهم وأنا أجد أن لدي هذه الموهبة بالفطرة تماماً كموهبة الصوت، ولكنني طوّرتها من خلال دراسة العلوم الموسيقية التي ساعدتني في صقل موهبتي من خلال فهم التنقلات المقامية وكيفية اختيار الجمل والكلمات بانسيابية لتصبح أقرب إلى الأذن، ولدي عدد من الأغنيات الجاهزة للتسجيل ولكنني أنتظر الوقت المناسب لإطلاقها".  

انسجام موسيقي
وفي المقابل، تعترف شانتال أن توقيت إطلاق أغنية "بالحجر الصحي" كان مثالياً، "فقد أطلقناها في وقت كان الكوكب كلّه محجورًا في المنازل، ولا وسيلة لتتواصل بين الناس سوى تلك الشاشة الصغيرة لهواتفنا الذكية التي قرّبت المسافات ما بيننا. وهي أغنية تعكس زمنها فعلاً وقد شكّلت لي شخصياً نقلةً نوعية في مشواري الفنّي، إذ كنت قبلها أحاول منذ سنوات أن أثبت وجودي على الساحة الفنية، وأجتهد بتقديم الأغنيات والحفلات. ولكن مع هذه الأغنية اختلفت المسألة تماماً، لأنها حققت بكل عفوية وبساطة نجاحاً كبيراً لم نكن نتوقّعه".  وعن الانسجام الفني بينها وبين الموسيقي اللبناني ريان الهبر الذي كان صاحب فكرة أغنية "بالحجر الصحي" وكاتب كلماتها وملحنها وموزّعها، تقول: "تعرّفت إلى ريان من خلال أصدقاء موسيقيين مشتركين ونحن أصدقاء منذ زمن طويل، وأصبحنا بمثابة عائلة واحدة ولطالما كان لدينا النية بالتعاون سوياً إلى أن سنحت الفرصة المناسبة لذلك. والحقيقة أن ريان كتب أغنية صادقة وعفوية باللهجة اللبنانية المحكية، واستطاع أن يزيّنها بقالب لحني سلس وحسّاس ما أدّى إلى وصول الأغنية إلى شريحة قياسية من الناس في وقت قصير".  

إحياء التراث بقالب عصري 
وترى صاحبة الصوت الطربي المتمكّن أن "هناك عودة للأغنية اللبنانية بلهجتها وهويتها اللحنية الخاصة وموضوعاتها التي تشبه واقعنا". وتشدّد: "الناس ترغب بسماع الأغنية اللبنانية التراثية. ومخطئ من يظن أنها لا تستميل جيل الشباب الذي لو قدّمنا له أعمالاً جميلة سيكون أوّل من يسمعها ويدعمها". وتضيف: "في تراثنا الموسيقي فنانون كبار ساهموا بإحياء الأغنية اللبنانية وتكريس وجودها من الأخوين رحباني إلى زياد الرحباني وجوليا بطرس وماجدة الرومي. واليوم هناك محاولات كثيرة من جيل الشباب للاستمرار في هذا النهج، وأنا شخصياً متمسّكة بالأغنية اللبنانية التراثية وحريصة على تقديمها ضمن قوالب عصرية تخاطب ذائقة جيل الشباب، وتساهم بإحياء هذا التراث الموسيقي بأصالته وجماله".   

جمال الأغنية اللبنانية 
والفنانة الشابّة التي أحيت أواخر العام الماضية أمسيةً لافتة من على خشبة مسرح "تياترو فيردان" في بيروت قدّمت فيها تحيّة بصوتها لأميرة الغناء العربي وردة الجزائرية، تؤكّد أنها تعشق استعادة أعمال عمالقة الغناء العربي واللبناني. وتقول: "أحييت كثيراً من الحفلات التي قدّمت فيها تحية لفنانين كبار مثل أم كلثوم وسعاد محمد ونجاة الصغيرة وميّادة الحناوي وكارم محمود وسواهم، وأرغب كثيراً بتقديم تحية للشحرورة صباح عندما تعود الحياة الى طبيعتها قليلاً ونتخطّى كابوس كورونا". وتضيف: "هناك الكثير من الفنانين الذين أرغب بأداء أعمالهم أيضاً ممن قدّموا أجمل الأغنيات اللبنانية مثل الأستاذ وديع الصافي ونصري شمس الدين، وحتى الفنانين الذين كانوا أقلّ شهرة ولكن من أصحاب أجمل الأصوات مثل منى مرعشلي ووداد ونجاح سلام، وسواهم من الفنانين الذين يعكسون جمال الأغنية اللبنانية وثقافتنا الموسيقية الغنية". 

المساهمون