"شاشات الواقع 20" في بيروت: موعد ثابت لتواصل ومشاهدة ونقاشات
استمع إلى الملخص
- يُعرض في المهرجان أفلام متنوعة تتناول قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية، مثل "رفعت عيني للسما" و"سودان يا غالي"، وتُقدم رؤى مختلفة من خلال عدسات مخرجين عرب.
- تُظهر الأفلام تفاعلًا مع الواقع والتاريخ، مثل "الزلمي الوائع" و"صمود النعمان"، وتُبرز كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتعبير والمقاومة.
في الأيام القليلة المقبلة، أفلامٌ وثائقية عربية عدّة تُعرض في بيروت، في إطار الدورة 20 (9 ـ 19 سبتمبر/أيلول 2025) لـ"شاشات الواقع"، الذي يُصبح، في عقدين، "أكثر من مساحة لعرض الأفلام"، كما في تقديم "جمعية متروبوليس"، التي تذكر أنّ المهرجان "موعدٌ ثابتٌ بين جمهور مدينة بيروت وسينمائيين عرب كثر، تلتقي فيه التجارب، وتطول النقاشات". والمهرجان يحمل عنواناً يُكمِل الأصل: "لقاء بيروت للفيلم الوثائقي".
بين 12 و15 سبتمبر/أيلول الحالي، تُعرض أفلامٌ متنوّعة المسائل والأشكال البصرية، ومتفاوتة الاشتغالات الفنية والتقنية، لكنّها تشترك بكونها مرايا لحظات وأمكنة وبيئات وأفراد، في اضطرابات جماعية وارتباكات فردية:
"رفعت عيني للسما" (2024، 102 د.) للمصريين ندى رياض وأيمن الأمير (الذي يحضر العرض، السابعة مساء اليوم): ستّ شابات منتميات إلى "فرقة بانوراما برشة"، في قرية برشة في المِنْيا (245 كيلومتراً جنوب القاهرة)، التي تُقدّم عروضها المسرحية في الشارع. بسرده يومياتهن وأحلامهن واشتغالاتهن ومواجهاتهن موروثات تقليدية، رغم هامشٍ من انفتاح لوالد إحداهنّ، يكشف الوثائقي متانة نصّه السينمائي، وآلية التقاطه نبض قرية قبطية في صعيد مصر، يلتزم ناسها تقاليد محافِظة، غير خالية من شيء ذكوري، في العلاقات واليوميات والتفكير.
"سودان يا غالي" (2024، 86 د.) للتونسية الفرنسية هند المؤدب: فيه شيءٌ من الذاتي ـ الشخصي، المُشارك في فهم بعض الحاصل. فللمخرجة علاقات (تبدو وطيدة) مع شابات وشبّان، تتصل ببعضهم من باريس، وتُصوّر الجميع في الخرطوم زمن الثورة (2019). تختار لقطات صامتة، لتكون امتداداً لغليان ذاتٍ وروح، في لحظات قسوة، أو لتستكمل فرحاً آنيّاً وسط خرابٍ ووجع.
"أبو زعبل 89" (2024، 83 د.) للمصري بسام مرتضى: باستعادته التجربة المريرة في سجون مصرية عدّة، في فترات سياسية ـ اقتصادية مختلفة، لوالديه محمود مرتضى وفردوس البهنسي، يواجه بسام مرتضى ذاته وسيرته وعلاقته بهما (والديه) وبنفسه، في مراحل عمرية ولحظات انفعالية مختلفة. يوثِّق التجربة، لكنّه يُتيح حيّزاً لحواراتٍ غير مكتملة، تعكس شيئاً من الفرديّ البحت، ومن النظرة الفردية إلى التجربة تلك. يلتقي والديه، كلّ منهما على حدة لانفصال أحدهما عن الآخر، فيسترجع ماضياً، ويكشف ذاكرة، ويروي تاريخاً، وهذا كلّه شخصيّ أساساً، والعام يحضر عبر منظور شخصيّ أيضاً إليه.
"يلا بابا!" (2024، 100 د.) للّبنانية آنجي عبيد: رحلة في السيارة من بروكسل البلجيكية إلى جنوب لبنان، ترغب فيها آنجي برفقة والدها، الذي يقوم برحلةٍ مثلها قبل 40 عاماً. هذا يفتح أبواب ماضٍ وذكريات وعلاقات أهل واجتماع، ويطرح تساؤلات آنيّة، إلى لقاءات قليلة مع أناسٍ في بلدان مختلفة، يروون شيئاً من ذواتهم وعيشهم.
"ق (Q)" (93 ،2023 د.) للّبنانية جود شهاب: عن الحب وقبول الآخر، يُصوّر الوثائقي التأثير الخفي لـ"مؤسّسة دينية أمومية سرّية" في لبنان على ثلاثة أجيال من نساء عائلة شهاب. تُوثّق المخرجة الروابط والتبعات غير المُعلنة للولاء، الذي ربط والدتها وجدّتها، بل ونفسها، بهذه المؤسّسة الغامضة.
"يلا باركور" (2024، 80 د.) للفلسطينية عريب زعيتر: فيديو لشباب يمارسون رياضة الباركور في غزة وسط دويّ الانفجارات، يدفع زعيتر إلى التواصل مع أحمد، أحد الرياضيين، ثم تجوب أرجاء المدينة المدمّرة، مُستكشفةً مواقع الباركور، ورموز الروح الفلسطينية. من منظور أحمد، تواجه الواقع القاسي لغزة كسجن مفتوح، مقارنة ذلك بحياتها في الولايات المتحدة الأميركية، وإرث والدتها.
"الزلمي الوائع" (2024، 70 د.) للإيطالي جيوفاني سي. لوروسو: مخيم صبرا في بيروت معروفٌ بمجزرة ترتكبها القوات اللبنانية، بين 16 و18 سبتمبر/أيلول 1982، بحماية الجيش الإسرائيلي وتغطيته ودعمه، بحقّ فلسطينيين وشيعة لبنانيين، مُخلّفةً نحو ثلاثة آلاف ضحية. في مبنى غزة، يعيش عرفات (11 عاماً)، الذي يمضي وقته بين أنقاض طوابق المبنى الـ11. يُفكّر في كيفية استكشاف القبو المحظور، حيث "لا يوجد سوى الجنس والمخدرات والموت"، بينما يتحدّث جميع من في المبنى عن رجل يُقال إنّه ساقط من الطابق الرابع، لـ"أسباب مجهولة".
"صمود النعمان" (2024، 40 د.) للّبنانية منى حمّود (التي تحضر العرض، الثامنة مساء غدٍ السبت): انغماسٌ في مشهد الكوميديا الارتجالية اللبنانية، إذْ تُصبح الفكاهة وسيلةً للبقاء في مواجهة الأزمات الاجتماعية والسياسية، والحرب الأخيرة التي تُدمّر البلد. يرافق الوثائقي خمسة كوميديين: ستيفاني غلبوني وجون أشقر ووسام كمال وشاكر بو عبد الله ومحمد بعلبكي، وهم يُحوّلون صدماتهم الشخصية والجماعية إلى نوبات ضحك على المسرح. بين الفكاهة والمرونة والحساسية، يروون قصة لبنان وتعقيداته: "إنّه رحلة إلى قلب جمال لبنان وشعبه، أرض غنية بالمواهب، حيث يُصبح الفن والفكاهة سلاحين قويين في وجه الشدائد، وحيث يزدهر الإبداع رغم الصعاب"، كما في تعريف به.